ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر الأيام القليلة الماضية بسبب خروج مجموعة من المؤثرين على السوشيال ميديا من السجن دون سابق إنذار.
وكان القضاء الجزائري قد أصدر أحكاماً ضد هؤلاء المؤثرين لتورطهم في قضايا تتعلق بالنصب والاحتيال على الطلبة، ليعود ويبرئ نوميديا لزول أشهر مؤثرة ويعاقب البقية بستة أشهر حبساً نافذاً، كانوا قد قضوها في السجن الاحتياطي ليغادر الجميع الحبس في يوم واحد.
واجتمع العشرات من محبيهم أمام سجني القليعة والحراش لاستقبالهم بالهتافات والزغاريد والألعاب النارية.
وقضى من يسمون "المؤثرين" في الجزائر قرابة 8 أشهر خلف القضبان وحكم عليهم ابتدائيا بسنة حبساً نافذاً.
تفاصيل القضية
فجر القضية مجموعة من الطلبة عبر فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، اتهموا من خلالها شركة بالنصب والاحتيال عليهم، بعد أن قبضت منهم أموالاً باهظة مقابل حجز مقاعد لهم في جامعات أوروبية في تخصصات معينة غير التي يمكنهم دراستها في الجزائر نظير معدلاتهم.
وتلقفت الصحافة المحلية تلك النداءات، ومع بداية التحقيقات الأولية تبين أن معظم الضحايا وصلوا إلى الشركة التي احتالت عليهم عبر إعلانات للمؤثرين عبر موقع إنستغرام.
واضطر المؤثرون فيما بعد للخروج عبر صفحاتهم للتبرؤ من الشركة والتأكيد أنهم لم يكونوا على علم، وأنهم ضحية هم أيضاً للشركة.
التحقيقات مع المؤثرين وصاحب الشركة كشفت أنهم تلقوا مبالغ ضخمة نظير إعلاناتهم لها؛ حيث تنقلوا إلى الجامعات والبلدان التي يفترض حجز مقاعد الدراسة للطلبة فيها.
ومن بين أبرز البلدان التي استهدفتها الشركة كانت أوكرانيا، حيث يفضل أغلبهم دراسة الطب في جامعاتها باعتبارها لا تعير أهمية كبيرة لتخصص دراستهم من قبل ولا معدلاتهم في شهادة البكالوريا أو الثانوية العامة.
ولأن القضية أخذت حيزاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام، أخرجت الشرطة الجزائرية اعترافات للمؤثرين عبر الفيديو بثت على جميع القنوات الخاصة لتهدئة الرأي العام، وتمت إحالتهم بعدها على القضاء الذي وضعهم رهن الحبس المؤقت.
كيف يعمل المؤثرون في الجزائر؟
تقول المؤثرة وإحدى أكثر الفتيات شهرة في الجزائر على مواقع التواصل الاجتماعي نوميديا لزول (6.4 مليون متابع) في محضر التحقيق وفق مصادر لـ"عربي بوست" إن الأموال التي تتلقاها مقابل الإشهارات للمنتجات يكون عبر خاصة "ستوري" على إنستغرام لمدة 24 ساعة.
وتتراوح أسعار الإشهارات بين 500 و1000 دولار، وفي حال كانت هناك حاجة للتنقل من أجل تصوير الإعلان ونشره عبر صفحتها فإن التنقل وكل المصاريف تكون على صاحب المنتج.
أما الدفع فيقول المؤثر فاروق بوجملين الملقب بـ"ريفكا" (4.3 مليون متابع) في محضر التحقيق، فيكون عبر الحساب البنكي مباشرة، وفي غالب الأحيان دون معرفة صاحب الإعلان شخصياً.
فراغ قانوني
لا يوجد إلى الآن ما ينظم عمل المؤثرين والإعلان على مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر؛ ما يجعل هذا السوق أرضية خصبة للنصب والاحتيال والغش.
وتختلف التقديرات حول حجم الأموال المتداولة، لكن لا شك أنها أموال ضخمة تستطيع الحكومة الاستفادة منها جبائياً.
وقال المحامي عبد الرحمن صالح إن هناك نصاً قانونياً واحداً في الجزائر خاصاً بالتجارة الالكترونية وهو مرتبط بالإشهار الالكتروني.
وأضاف المحامي لـ"عربي بوست" أن المؤثرين الذين خرجوا من السجن مؤخراً قد لا يكونون مذنبين في مسألة الإشهار للشركة التي نصبت على الطلبة؛ لأن عملهم هو الإشهار، لكن عدم امتلاكهم لسجلات تجارية تسمح لهم بممارسة التجارة الإلكترونية يعرضهم للعقوبة التي تتراوح بين السجن وغرامة مالية.
ولا يملك أغلب المؤثرين ومن يمارس التجارة الإلكترونية في الجزائر سجلات تجارية بسبب الإجراءات البيروقراطية التي تعيق امتلاكهم سجلات تجارية.