أثارت زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، لتايوان ذعراً وقلقاً عاماً بين المواطنين، دفعا بعضهم إلى التوجه نحو البنوك لسحب أموالهم، وذلك قبل ساعات من هبوط الطائرة التي ظن كثيرون في تايبيه حتى اللحظات الأخيرة أنها "مجرد خدعة".
وهبطت طائرة بيلوسي في مطار تايبيه سونغشان بصحبة وفدٍ من الكونغرس، في زيارة أمريكية رفيعة المستوى لكنها جاءت في وقتٍ حساس بدرجةٍ استثنائية، مما هدد بإثارة أزمةٍ رابعة في مضيق تايوان.
التايوانيون لم يصدقوا الخبر
بحسب الصحيفة، لم يهتم سكان تايوان بالحديث عن الزيارة عموماً. إذ منحت الأخبار المحلية الأولوية للانتخابات المحلية، وموجة الحرارة الطويلة، وأخبار المشاهير، بينما تضج عناوين الصحف العالمية بأنباء الزيارة.
كما لم يُذكر نبأ زيارة بيلوسي حتى في النصف الأول من النشرة الإخبارية، لدرجة أن بعض المذيعين مزحوا مراهنين بأكياسٍ من الأرز على أن نانسي لن تزور البلاد في النهاية.
واقتبس المراسلون الأجانب عن أبناء الشعب التايواني قولهم للعالم من جديد: نعيش تحت تهديد الغزو الصيني يومياً منذ عقود، فما جدوى القلق حيال الأمر؟ بينما قال شيو: "لا جدوى من القلق المفرط. لقد شهدنا الحرب الروسية، ونعرف كيف تبدو الحرب. وإذا حدث ذلك فهو قدرنا".
وتتنوع الأسباب التي تدفع المواطنين التايوانيين إلى عدم القلق، حيث يرى البعض أن الغزو أمرٌ حتمي لا مفر منه، بينما يراه آخرون محاولةً عقيمة ستقاومها تايوان أو تردعها بمساعدة الولايات المتحدة، في حين ينظر إليه البعض باعتباره شيئاً لن يحدث، لأن الجميع لا يريدونه.
انقلاب المزاج العام
لكن المزاج العام تغير بعد تأكيد زيارة بيلوسي للبلاد، بحسب الصحيفة.
إذ أجرت المواقع الإخبارية استطلاعات للرأي، وكشف أحدها في صحيفة United Daily News التايوانية، أن نحو ثلثي المشاركين يرون أن الزيارة ستُزعزع الاستقرار.
بينما ناقشت برامج الراديو الحوارية التجهيزات وخطط الفرار، وتحدثت عن المخاوف المتزايدة بين المستمعين. ووصل عدد متعقبي رحلة بيلوسي على موقع FlightRadar24 إلى أكثر من 700 ألف شخص؛ مما تسبب في انهيار الموقع تحت الضغط.
واحتشد مئات المدنيين في عدة مدن بالبلاد؛ للترحيب بوصولها أو الاحتجاج ضده. ووقفت الجماعات المنادية باستقلال تايوان خارج المطار وهي تحمل شعارات تقول: "نحبك يا بيلوسي"، و"اصمتي يا صين".
أما أكبر حشدٍ فقد اجتمع أمام الفندق الذي كان من المقرر أن تُقيم فيه بيلوسي، وكان عدد الحضور أكبر من المتوقع، مما جذب وجوداً كبيراً لقوات الشرطة، لكن الأمور مضت في سلام.
حيث حمل المحتجون المنظمون لافتات تصف بيلوسي بـ"داعية الحرب"، وهتفوا من الجانب الآخر للطريق: "عودي لبلادك أيتها الأمريكية".
تقول بلير لو، التي تعمل بصناعة الطب الحيوي في تايبيه، إن الحكومة لا تستطيع مواصلة الحفاظ على الوضع الراهن. وأوضحت أن "مفهوم الوضع الراهن مختلفٌ تماماً" في وجود الصين على الجانب الآخر.
وتتوافق وجهة نظرها مع المشرع التايواني لو شيه تشينغ، من الحزب الديمقراطي التقدمي. إذ قال تشينغ أمام منتدى في تايبيه الأسبوع الماضي، إن تايوان بحاجةٍ إلى نهجٍ بديل للتعامل مع الصين. وأوضح: "لا بأس في التعامل مع الصين، لكن لا تتوقعوا أن بإمكاننا تغيير الصين عن طريق التعامل معها ببساطة".
وتؤيد بلير زيارة بيلوسي للبلاد، لكنها قالت إنها تخشى الحرب هي وكبار السن الموجودين في حياتها.