تركز بعض التقارير مؤخراً على تصاعد أعداد المهاجرين المصريين إلى خارج البلاد، سواء عبر الهجرة غير الشرعية أو الهجرة النظامية، خصوصًا مع تضاعف أعداد المصريين الراحلين.
في المقابل، لا تركز مثل هذه التقارير على أعداد المهاجرين أو اللاجئين الذين تستقبلهم مصر منذ سنوات، ولا تزال، حتى اليوم؛ إذ تظهر الأرقام أن مصر تستقبل أعداداً أكبر بكثير من أعداد المصريين في الخارج.
فما هي الأرقام الحقيقية للهجرة من وإلى مصر؟ وأيّ الجنسيات الأكثر إقبالاً للتوجه نحو مصر والإقامة فيها؟ وبالمقابل إلى أين يهاجر المصريون؟ وكم نسبتهم؟
مقصد لملايين المهاجرين وآلاف اللاجئين
ترتفع أعداد المهاجرين وطالبي اللجوء الذين تستقبلهم مصر باطّراد، ويأتي هذا تبعاً لتردّي الأوضاع في بلدان اللاجئين الأصلية وتبِعات الأزمة السياسية والاقتصادية المتعددة.
يُقدّر مكتب الهجرة في مصر عدد المهاجرين الذين يعيشون في مصر بـ6.3 مليون مهاجر من مختلف الجنسيات، ويشمل ذلك المهاجرين واللاجئين على حدّ سواء.
ووفقاً لممثل منظمة الهجرة الدولية، فإن الجالية الأكبر تواجداً في مصر هي الجالية السودانية، ويصل عددها إلى ما يقرب من 4 ملايين مهاجر ومقيم في مصر منذ سنوات طويلة، ويأتي من بعدها الجاليتان الليبية والسورية.
ووفقاً لآخر التقارير التي نشرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تظهر إحصائية يونيو/حزيران 2022 وصول الرقم إلى 289 ألفاً و493 لاجئاً وطالب لجوء من 65 دولة مختلفة.
ووفقاً للمفوضية، يوجد معظم اللاجئين وطالبي اللجوء في المناطق الحضرية بالقاهرة الكبرى والساحل الشمالي، مع ملاحظة أن 37% من اللاجئين وطالبي اللجوء من الأطفال.
تعد الجنسية السورية هي الجنسية الأعلى تصدّراً بمقدار 143803 لاجئين أو طالبي لجوء في مصر، ما يشكّل قرابة نصف عدد اللاجئين الكلي.
ويأتي بعدها اللاجئون وطالبو اللجوء من السودان (58 ألفاً)، ومن ثَمَّ إريتريا (22 ألفاً)، ومن ثم جنوب السودان (22 ألفاً)، ثم إثيوبيا (16 ألفاً)، واليمن (10 آلاف)، ثم الصومال (قرابة 7 آلاف)، وما تلا ذلك من جنسيات أخرى متنوعة.
وبسبب استمرار الأزمة السورية، ارتفعت نسب استقبال مصر للاجئين السوريين بقفزاتٍ كبيرةٍ في آخر سنين، إذ زاد العدد من 12.8 ألف سوري في نهاية 2012، إلى قرابة 143.8 ألف سوري في منتصف 2022.
وفي التقرير التفصيلي لتصنيفات اللاجئين الصادر في آخر مايو/أيار 2022، تقول المفوضية إن مصر استقبلت أكثر من 19 ألف لاجئ وطالب لجوء جديد في 2022 لوحدها (الخمسة أشهر الأولى)، وكان 39% منهم سوريين مقابل 61% من جنسيات أخرى مختلفة.
وأظهر التقرير أن أكثر من 35% من اللاجئين وطالبي اللجوء يقيمون في الجيزة، و34% في القاهرة، و9% في الإسكندرية، و7.4% في القليوبية، و4% في محافظة الشرقية.
ويعدّ الآن مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر أكبر مكتب يقوم بعملية تحديد وضع اللاجئ على مستوى العالم.
وقالت المفوضية إنها بحاجة 126 مليون دولار لتغطية الاحتياجات المادية اللازمة للمفوضية في مصر، ولم يصلها إلا 20% من المطلوب حتى 20 يونيو/حزيران 2022، وجاء قسم كبير من الدعم من الولايات المتحدة الأمريكية (11.6 مليون دولار)، ومن ثم هولندا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي، وداعمون آخرون.
بلد مُصدّر بالملايين أيضاً، هجرة نظامية وغير نظامية
وبالرغم من توجه المزيد من اللاجئين نحو مصر باعتبارها خياراً جيداً لإيجاد ظروفٍ أفضل من تلك التي في بلادهم، فإن المصريين أنفسهم يسجّلون معدلات أعلى في الهجرة خارج مصر.
وشغلت مصر المرتبة العشرين ضمن الدول الأعلى نسبة للسكان المهاجرين للخارج في 2020، ووصل عدد المهاجرين المصريين إلى 3.6 مليون وفقاً لتقرير "الهجرة الدولية" الصادر عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة.
وتهاجر النسبة الأكبر إلى السعودية بمجموع ينيف عن 962 ألف مهاجر مصري، ومن بنسبة متقاربة إلى الإمارات (899 ألف مهاجر مصري)، ومن ثم الكويت فالولايات المتحدة الأمريكية فقطر.
أما بالنسبة لأنماط الهجرة غير الشرعية فقد تصدّرت الجنسية المصرية عام 2022 أرقام الهجرة عبر المتوسط، إذ شكّل المصريون نسبة 18.2% من الواصلين إلى شواطئ إيطاليا عبر البحر في الأشهر الخمسة الأولى من 2022.
كما احتلّت الجنسية المصرية المرتبة الثانية ضمن عدد الواصلين لليونان وإيطاليا بين يناير/كانون الثاني 2021 إلى 30 مايو/أيار 2022 وفقاً لأرقام مفوضية الأمم المتحدة، إذ بلغت نسبة المصريين 12.7% من مجموع الجنسيات، فقد وصل عدد المصريين المهاجرين عبر البحر إلى أكثر من 12 ألف في عداد أشهر.
وشكّل المصريون أيضاً ثاني أعلى جنسية للمهاجرين غير الشرعيين الذين انطلقوا من ليبيا إلى إيطاليا عبر المتوسط في 2022، فأعدادهم تزيد عن أعداد المهاجرين الإريتريين والسودانيين العابرين لهذا الطريق، وأتى المصريّون أيضاً بمرتبة ثالث أعلى جنسية للمنطلقين من تركيا لإيطاليا (بعد الجنسيتين الأفغانية والإيرانية وقبل الجنسية العراقية).
كما أدرجت المنظمة الدولية للهجرة (IOM) الجنسية المصرية باعتبارها ثالث أعلى جنسية ضمن الواصلين لأوروبا في 2022.
وبسبب الارتفاع المفاجئ لأرقام الهجرة غير الشرعية القادمة من مصر، تحرّكت المفوضية الأوروبية لمنح 80 مليون يورو هذا العام خصيصاً لخفر السواحل المصري لضبط الحدود ومنع القوارب من الانطلاق من شواطئ مصر.
وكان الاتحاد الأوروبي قد خصص لمصر ما مجموعه 91 مليون يورو ضمن الصندوق الأوروبي الطارئ لمعالجة أزمة الهجرة في إفريقيا، وكان منها 60 مليون يورو مقدمة بشكل منح مباشرة لتعزيز استجابة مصر لتحديات الهجرة في البلاد.