قالت وكالة Bloomberg الأمريكية إن إقالة مسؤول بارز في هيئة الاستثمار الكويتية مؤخراً كشفت عن صدام داخلي في المؤسسة التي تبلغ قيمة أصولها 769 مليار دولار، وأوضحت أن سبب إقالته يعود لخلاف داخلي يقدم لمحة علنية نادرة عن طريقة عمل الصندوق السري.
الوكالة الأمريكية أوضحت في تقرير نشرته، الثلاثاء 26 يوليو/تموز 2022، أن هيئة الاستثمار الكويتية أقالت الأسبوع الماضي مدير ذراعها في لندن، صالح العتيقي.
وفقاً لأشخاص على اطلاع مباشر على الخلاف، فإنَّ السؤال المطروح هو ما إن كان العتيقي إصلاحياً يسعى لتحديث الذراع الاستثمارية المباشرة لصندوق الثروة الكويتي، أم مسؤولاً أجَّج ثقافةً سامة أدَّت إلى استقالات ودعاوى قانونية.
انقسامات داخل هيئة الاستثمار الكويتية
تسلِّط إقالة العتيقي الضوء على الانقسامات الداخلية داخل الصندوق الكويتي، والتي تهدد بالتسرُّب إلى المجال العام.
تقول الوكالة الأمريكية إن مثل هذه الخلافات غير معتادة في الشرق الأوسط، حيث تعمل صناديق الثروة السيادية- وهي أدوات للدول الغنية بالنفط من أجل تنويع اقتصاداتها- بسرية على أعلى مستويات المجتمع.
حيث يحاول بعضها التحديث، فكانت صناديق "مبادلة"، و"جهاز قطر للاستثمار"، و"جهاز أبوظبي للاستثمار"، من بين الكيانات التي جددت نهجها في الاستثمار.
فقد جرى تعيين العتيقي، وهو شريك سابق لشركة McKinsey & Co، في عام 2018 لتحديث "مكتب الاستثمار الكويتي" مثلما يُعرَف فرع لندن.
على عكس الهيئة الأم، يستثمر مكتب الاستثمار الكويتي أساساً بصورة مباشرة وفي الغالب في الأسهم العامة والدخل الثابت. ولم يتضح على الفور ما إن كانت إقالته ستؤدي إلى تغيير في الاستراتيجية.
إقالة بأثر فوري للمسؤول الكويتي
قالت هيئة الاستثمار الكويتية، الأسبوع الماضي، في مذكرة للعاملين إنَّ حسين الحلبي سيحل محل العتيقي بأثر فوري، وإنَّ العتيقي سيغادر دون أن يقضي فترة الإخطار المعتادة، البالغة ثلاثة أشهر.
زاد العتيقي أصول مكتب الاستثمار الكويتي، وسعى لتحديث الوحدة من خلال تعيين مسؤولين من شركتي Barclays Plc وCarlyle Group Inc. وقال الأشخاص المطلعون إنَّه تصادم أيضاً مع بعض الموظفين الذين عملوا لفترة طويلة في الصندوق.
على صعيدٍ منفصل، أدَّت معركة قانونية مع مدير الدخل الثابث السابق في مكتب الاستثمار الكويتي، في وقتٍ سابق من هذا الشهر، يوليو/تموز، إلى تدقيق غير مُرحَّب به، مع صدور أمر من إحدى المحاكم بتسليم وثائق داخلية وصفه الصندوق بأنَّه أمر "استثنائي ومتعدٍّ".
بينما أكَّد الصندوق على الحصانة الدبلوماسية في قضية التوظيف، وهو ما دفع وزارة الخارجية البريطانية لبحث ما إن كان موظفو الصندوق يتمتعون بالحمايات الدبلوماسية أم لا.
شكوى العتيقي أمام القضاء الكويتي
تقدَّم العتيقي أيضاً بشكوى إلى النائب العام الكويتي، ضد وزير العدل الكويتي، الذي يشرف على هيئة الاستثمار الكويتية. ووفقاً لنسخة من الشكوى اطَّلعت عليها وكالة Bloomberg الأمريكية، قال العتيقي إنَّ السلطات رفضت إقالة موظف اشتبه في أنَّه يتجسس على صندوق الثروة.
تُعَد هيئة الاستثمار الكويتية، التي تدير "صندوق الأجيال القادمة" و"صندوق الاحتياطي العام"، أقدم صندوق ثروة سيادية في العالم، ويملك حصصاً في مطارات وموانئ وأنظمة توزيع طاقة حول العالم.
كما عزَّز الصندوق ممتلكاته في الأصول الأمريكية حين تراجعت الأسواق في 2020، وأعلن صندوق الأجيال القادمة عائدات بنسبة 33% للسنة المنتهية في مارس/آذار 2021.
تأتي المشكلات داخل هيئة الاستثمار الكويتية في خضم سنوات من الخلل السياسي في الكويت، والذي أعاق جهود تنويع الاقتصاد لرابع أكبر منتج للنفط داخل أوبك.
كما عجزت الحكومة عن الاستدانة منذ طرحها الأولي في السندات الدولية عام 2017، وهو ما أجبرها بدلاً من ذلك على الاعتماد على صندوق الاحتياطي العام.
ارتفاع النفط يزيد الأرباح
مع ارتفاع أسعار النفط هذا العام أساساً بسبب تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، تتوقع وكالة S&P تحقيق الكويت فائضاً تراكمياً يبلغ 18% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة من 2022-2023.
تأسس مكتب الاستثمار الكويتي- الذي كان يُعرَف سابقاً باسم "مجلس الاستثمار الكويتي"- في لندن عام 1953، قبل 8 سنوات من حصول الكويت على استقلالها.
قال سابقاً أشخاص مطلعون على المسألة إنَّ المكتب أُخضِعَ بعد ذلك لهيئة الاستثمار الكويتية، ولا يزال يدير نحو ثلث الأصول السيادية للدولة المصدرة للنفط.
هذا وكان مكتب الاستثمار الكويتي مستثمراً نشطاً، العام الماضي، فوفقاً للأشخاص المطلعين، شارك المكتب في إدراج TPG Inc. للأسهم الخاصة في الولايات المتحدة.