استخدمت الشرطة التونسية الغاز المسيل للدموع والعصي ورذاذ الفلفل، الجمعة 22 يوليو/تموز 2022؛ لتفريق عشرات المتظاهرين الذين كانوا يحاولون تنظيم مسيرة إلى مقر وزارة الداخلية؛ للاحتجاج على مشروع دستور من شأنه أن يوسع سلطات الرئاسة.
حيث هتف المتظاهرون، ومن بينهم قادة عدة أحزاب سياسية ومنظمات للمجتمع المدني: "لا خوف لا رعب.. الشارع ملك الشعب"، و"يا ديكتاتور ارفع يدك عن الدستور"، في أثناء تجمعهم بشارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة.
دستور جديد في تونس
يريد الرئيس قيس سعيد إعادة كتابة دستور 2014 وسيطرح نسخة معدلة في استفتاءٍ يوم الإثنين، لكن معظم الأحزاب السياسية قالت إنها ستقاطع التصويت.
في سياق ذي صلة عمل سعيد على إحكام قبضته على السلطات السياسية في البلاد منذ عام 2021 عبر إقالة رئيس الوزراء وتعليق عمل البرلمان والحكم بموجب مراسيم، قائلاً إنه يحاول إنقاذ تونس من دوامة من الفوضى السياسية استمرت لسنوات.
في المقابل وعد الرئيس بدعم الحقوق والحريات المكتسبة في انتفاضة 2011 التي جاءت بالديمقراطية، لكن منتقديه يقولون إنه يسير في اتجاه ترسيخ حكم الفرد ويخشون الانزلاق نحو الاستبداد.
كان من بين المتظاهرين في احتجاجات يوم الجمعة شخصيات بارزة في حزب التيار الديمقراطي والحزب الجمهوري وحزب العمال. وشاهد صحفي من رويترز الشرطة وهي تعتقل خمسة متظاهرين على الأقل.
في سياق متصل سينظم حزب النهضة الإسلامي، وهو أكبر حزب معارض، احتجاجاً منفصلاً، السبت، ويقول محللون إن الانقسامات بين الأحزاب وجماعات النشطاء المعارضة لسعيد سهلت عليه تحقيق مآربه.
التركيز على الديكتاتورية في تونس
يأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة الإسلامي المعارض للرئيس قيس سعيد في تونس، وفق ما نقلته وكالة رويترز في المقابلة معه، إن سعيد يستخدم الاستفتاء على دستور جديد لاعادة تركيز الديكتاتورية، محذراً من أن سيناريو سريلانكا ليس بعيداً عن تونس.
كما قال الغنوشي، الذي كان رئيس البرلمان إلى أن أطاح الرئيس قيس سعيّد بالمجلس وسيطر على معظم السلطات الصيف الماضي، إن الأجواء السائدة في الفترة التي تسبق استفتاء 25 يوليو/تموز 2022 ، أجواء "غير ديمقراطية.. باردة وجنائزية".
أضاف الغنوشي في مقابلة مع رويترز، أن تفاقم المشكلات الاقتصادية وانشغال الرئيس عنها تماماً إضافة إلى تركيزه فقط على التغيير السياسي قد يلقي كل ذلك بتونس في متاهات انفجار اجتماعي على غرار سريلانكا. وقال: "السيناريو السريلانكي غير بعيد عن تونس".
الغنوشي قال كذلك : "خطابات سعيد لا يمكن أن تترجم إلا إلى صدامات وفوضى واغتيالات وحرق… تونس قد تصل إلى نقطة المجاعة، والبلاد في أمسّ الحاجة إلى الحوار لمواجهة هذه الأزمات".
كان الغنوشي، وهو لاجئ سابق، لاعباً رئيسياً في السياسة التونسية منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالديكتاتور زين العابدين بن علي، وأدخلت الديمقراطية وأطلقت شرارة انتفاضات الربيع العربي.
لكن الفشل الاقتصادي الواسع في كل الحكومات المتعاقبة منذ 2011 زاد الاحتقان والإحباط لدى التونسيين.