سيناريو المقاتلين الأجانب في أفغانستان والعراق وليبيا وفوضى السلاح في الحرب اليوغسلافية يعود إلى الواجهة من جديد، مع تخوفات متزايدة مما قد يحدث بعد الحرب الدائرة في أوروبا حالياً، خاصة بعد وقوع الأسلحة الحديثة في أيدي جماعات وفصائل من المقاتلين والمرتزقة الأجانب الموجودين على الأراضي الأوكرانية حالياً.
وصول الأسلحة إلى الداخل الأوكراني، كما جاء في تصريح أحد المسؤولين البارزين في حلف الناتو، يتم عبر جنوب بولندا، حيث يتم نقلها إلى الحدود البولندية الأوكرانية، حيث يتم تفكيكها ووضعها داخل شاحنات كبيرة وأخرى صغيرة، وأحياناً داخل سيارات خاصة لتنطلق إلى داخل أوكرانيا. وأضاف أنه بعد تلك اللحظة، يجهل الغرب مواقع تلك الأسلحة "وأين يذهب بها الأوكرانيون، وإذا كانوا يستخدمونها أم لا أو إذا بقيت موجودة داخل تلك البلاد أم لا".
لذا بدأت المخاوف تتزايد داخل الاتحاد الأوروبي من خطورة انتشار تلك الأسلحة في العمق الأوروبي وما ستسببه فوضى انتشار السلاح في مرحلة ما بعد الحرب التي لا نعرف مصيرها حتى الآن وشكل المنطقة بعد انتهاء العمليات العسكرية.
فما حدث في الحرب الأهلية في ليبيا والأخطاء التي وقع فيها حلف الناتو ودول عربية أخرى بدعم المعارضة الليبية لحكم القذافي بكميات هائلة من السلاح كانت سبباً في عدم استقرار ليبيا حتى الآن. كما أن هؤلاء المقاتلين قد يكتسبون خبرة عسكرية تهدد الدول الأوروبية عندما يعودون إليها، كما حدث مع المسلحين العرب الذين سافروا إلى مناطق النزاع في أفغانستان وتسببوا في حالة من عدم الاستقرار عند عودتهم.
في بداية الحرب في أوكرانيا أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تشكيل "الفيلق الدولي" من الراغبين في القتال، إلى جانب قواته في الحرب مع روسيا. كذلك روسيا ضمت في صفوفها مقاتلين أجانب من الشيشان وسوريا، وفي المقابل كان تصريح الرئيس "بوتين" أن الفيلق الدولي هو مجرد مرتزقة حرب، واعتبر أن قوانين الحرب لا تنطبق عليهم.
بالعودة إلى حالة القلق الأوروبي، ينبغي القول إنها مبررة، بل ضرورية. إذ يجب أن تكون هناك تخوفات من تسريب وتهريب الأسلحة المتطورة والحديثة التي أرسلها الغرب، تحت مظلة الناتو، إلى الأيادي الخطأ من جماعات مناهضة للغرب في مرحلة ما بعد الحرب. في هذا الصدد، ذكر موقع "ناشيونال إنترست" في حوار مع وزيرة الدفاع التشيكية أن منبع القلق هنا، هو غياب الآلية التي توضح مكان هذه الأسلحة حالياً، وجاء في تصريح وزيرة الدفاع التشيكية، يانا تشيرنوخوفا، أن تهريب الأسلحة من أوكرانيا أمر لا مفر منه.
وذكرت الوزيرة أن من الصعب تفادي تهريب الأسلحة، إذ لم نتمكن من منع ذلك من قبل في حرب يوغوسلافيا السابقة وربما لن نتجنبه في أوكرانيا.
على الجانب الأمريكي، قال مسؤولون أمريكيون إنهم لا يمتلكون الوسائل التي تمكّنهم من تتبع الأسلحة التي يرسلونها إلى أوكرانيا، بعد تسليمها عند الحدود البولندية، ولا يعرفون مصيرها داخل الأراضي الأوكرانية.
كما جاء في سياق القلق على مصير هذه الأسلحة أخبار تفيد بأن دول حلف الناتو بدأت بالفعل اتصالات مع حكومة كييف للسؤال عن مصير الأسلحة التي وصلت إليها بأعداد كبيرة غير مسبوقة وكيفية تتبعها منذ بداية الحرب، وحثتها على إطلاق نظام تتبع لها.
وفي السياق نفسه، قال مصدر لصحيفة "التايمز" البريطانية إن الحكومة الأوكرانية تعمل بالفعل على تجهيز نظام تتبع بمساعدة الدول الغربية، رغم ذلك يجهل الغرب مصير هذه الأسلحة حتى اللحظة وأين يذهب بها الأوكرانيون!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.