كشف محققون في إيطاليا عن وجود صلة بين رجل أعمال إيطالي ونظام الأسد في سوريا، بعد العثور على 84 مليون قرص كبتاجون كانت على متن حاويات مشحونة إلى البلد الأوروبي في 2020، وفقاً لما كشفه تقرير نشرته صحيفتا Domani الإيطالية وMediapart الفرنسية، مؤخراً.
حسب التقرير، فإن القصة بدأت حينما أعلنت السلطات الإيطالية عن مصادرة نحو 14 طناً من حبوب الكبتاجون قادمة من تركيا، بقيمة تصل إلى مليار دولار، فيما وصفته الصحيفتان بأكبر عملية تهريب من نوعها في العالم.
على إثر ذلك، اعتقدت السلطات الإيطالية في البداية أن تنظيم داعش هو المسؤول عن الشحنة، لكن وفقاً لما ذكره إعلام غربي، فإن السلطات اكتشفت لاحقاً أن جهات ذات صلة برئيس النظام السوري بشار الأسد، وحزب الله اللبناني؛ هي من تقف وراء شحنة الكبتاجون، وهو ما أنكره حزب الله.
وبتتبع مسار الشحنة، وُجد أنها ترجع إلى ميناء اللاذقية الذي تسيطر عليه قوات نظام الأسد في سوريا، بينما وصلت المخدرات إلى إيطاليا، باسم شركة GPS SA السويسرية المملوكة للمواطن الإيطالي ألبرتو إروس أماتو، (47 عاماً)، وفقاً لتقرير الصحفية الإيطالية.
في شهر فبراير/شباط، حُكم على أماتو بالسجن 10 سنوات لتجارة المخدرات، رغم إعلان محاميه نية موكله في الاستئناف على الحكم.
وفقاً للتقرير الإيطالي، اعترف أماتو أثناء أحد الاستجوابات بأنه التقى شخصاً سورياً مثيراً للشبهات، يُدعى طاهر الكيالي.
كما ربطت الشركة بين أماتو ودوائر الجريمة المنظمة في إيطاليا، من جانب آخر.
من هو طاهر الكيالي؟
السوري طاهر الكيالي أحد المشتبه بهم الرئيسيين في القضية، وربطت السلطات بينه وبين تهريب شحنات كبتاجون وسيارات فارهة مسروقة من ميناء اللاذقية. وقال المحققون للصحيفة الإيطالية إنهم يركزون بشكل رئيسي على الكيالي في هذه القضية.
وفقاً للتقرير، توجد رسالة من أماتو إلى كيالي بتاريخ 17 أغسطس/آب 2018 تقول: "صباح الخير يا زعيم! أنا في الميناء بانتظار الحاويات". ولم تقتصر محادثات الطرفين على مخدر الكبتاجون، بل الترامادول والماريجوانا وإكستاسي.
وبينما أكد أماتو وجود تواصل بينه وبين الكيالي، أنكر معرفته بمحتويات الشحنات.
كانت أول عملية تهريب لهما في أكتوبر/تشرين الأول 2019، عندما أرسل الكيالي إلى أماتو 4 شحنات لعدد مختلف من المنتجات موجهة لعدد من الدول العربية، من بينها شحنة إلى ليبيا.
وفي عام 2018، صادرت السلطات اليونانية شحنة للكيالي في طريقها إلى ليبيا قادمة من اللاذقية، وجدت فيها ما قيمته 100 مليون دولار من مخدري الحشيش والكبتاجون.
وفي شهر يونيو/حزيران من العام الماضي، ذكرت مؤسستا مكافحة الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP) ومشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد IrpiMedia وجود صلة بين الكيالي ومضر الأسد، ابن عم الرئيس السوري.
يُذكر أن الكيالي عاش في تورينو، إيطاليا، قبل أن ينتقل إلى اللاذقية عام 2015.
بدوره، أنكر الكيالي وجود أي دور له في تجارة المخدرات، وزعم أنه تعاون مع السلطات اليونانية تماماً في تلك القضية، كما أنكر وجود أية علاقات عمل بينه وبين مضر الأسد.
توجيه المخدرات عبر إيطاليا إلى حكومة حفتر في ليبيا
في السياق ذاته، أكد تقرير الصحيفة الإيطالية أن تسجيلات المحادثات بين أماتو والكيالي كانت مفيدة جداً للشرطة، لكن يظل من الصعب إجراء تحقيق كامل بسبب عدم تعاون الدول الأخرى المعنية (سوريا وليبيا).
وفي تسجيل لمحادثة أخرى بين الكيالي وأماتو في 2019، ناقش الاثنان احتمالية تهريب الترامادول إلى ليبيا بناءً على طلب أفراد من حكومة خليفة حفتر.
كما وجد المحققون علاقة بين أماتو وعلي أحمد بنين، الليبي الذي يشتبه في وجود علاقات وثيقة بينه وبين الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي وأبنائه.
فضلاً عن ارتباط اسم بنين بعدد من التحويلات المالية من إيطاليا إلى حسابات في بريطانيا وليبيا ومالطا وروسيا. لكن لم يتمكن المحققون من ربط بنين بأنشطة أماتو في تجارة المخدرات.
ويعد تقرير الصحيفتين الإيطالية والفرنسية هو الأحدث من بين العديد من التقارير التي تربط تجارة الكبتاجون بنظام الأسد.
يُذكر أن مخدر الكبتاجون (الأمفيتامين) ينتشر في مناطق الشرق الأوسط، وبشكل كبير في مناطق الحروب مثل سوريا، حيث أدى الصراع إلى زيادة الطلب وخلق فرص جديدة للمنتجين.
تعتبر سوريا أحد المصادر الرئيسية للكبتاجون في العالم، وتشير بعض التقديرات إلى أن الأرباح السنوية لتجارة المخدرات في سوريا أضعاف إجمالي الصادرات السنوية الرسمية للبلاد.