أثبت الرئيس عبد المجيد تبون منذ توليه أركان الحكم في الجزائر منذ نهاية سنة 2019، أن له نظرة ورؤية اقتصادية واضحة لإخراج الجزائر من بوتقة الاقتصاد الريعي المستهلك إلى اقتصاد منتج بنّاء متنوع، خارج السيطرة البترولية التي لازمت المنظومة الاقتصادية والسياسية في الجزائر طيلة السنوات الستين الماضية. ذلك من خلال استحداث ترسانة قوانين، على رأسها قانون الاستثمار الجديد الذي أجمع مراقبون أن من شأنه أن يجلب المستثمر الأجنبي ولا ينفره من الاستثمار والعمل في الجزائر، إضافة إلى التوقيع على اتفاق مهمّ بقيمة 4 مليارات دولار، بين مجمّع "سوناطراك" وعدد من شركائه الأجانب.
ويهدف الاتفاق حسب ما أعلن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لتزويد إيطاليا بكميات كبيرة من الغاز الطبيعي.
وحسب المختص في الشأن المالي والصحفي الجزائري المعتمد لدى منظمة الأمم المتحدة، محمد خذير، فإن توثيق عقد الغاز الجزائري لإيطاليا بإضافة 10 مليارات متر مكعب، يعوض الغاز الممنوح إلى إسبانيا، خاصة أن الحكومة الإسبانية تولت عن مواقفها وغيرتها تجاه قضية الصحراء الغربية التي تعتبرها الجزائر قضية تصفية استعمار بحتة، وخاصة أن الجزائر وفية كل الوفاء لمواقفها تجاه قضايا التحرر في العالم، وعلى وجه الخصوص القضية الفلسطينية والقضية الصحراوية.
وتم تعليق المعاهدة مع إسبانيا في هذا الاعتبار، وما يعبر عن مساعي الرئيس تبون الاقتصادية الزيارات الناجحة التي قادها نحو عدة دول وأقطاب اقتصادية صارت تثق كل الثقة في الجزائر، وتعتبرها قلعة من قلاع الاقتصاد، ومحجاً استثمارياً بحتاً.
وكذلك الزيارة التي قادته إلى تركيا تفسر ذلك؛ حيث ارتفع حجم التجارة بين البلدين بنسبة 35% مقارنة بالعام 2020، وبلغ مستوى 4.2 مليار دولار، وأضاف أن البلدين وضعا هدفاً جديداً لحجم التبادل التجاري من 5 مليارات دولار في عام 2020، إلى 10 للفترة المقبلة.
ولكن الأداء الحكومي حسب بعض الخبراء لا يواكب هذه الالتزامات الاستراتيجية للسلطات العليا في البلاد، وعلى رأسها الرئيس عبد المجيد تبون، وخاصة أنه أطلق منذ توليه الحكم برنامج الإقلاع الاقتصادي بإشراك جميع السلطات في تحقيقه، وذلك من خلال اللقاءات الدورية المشتركة بين الحكومة والولاة، إضافة إلى تأسيس مجالس محلية مخصصة للاستثمار حسب ما تضمنته مسودة تعديل قانون البلدية والولاية المُحال مؤخراً على المجلس الشعبي الوطني للمناقشة والإثراء، وتم نشر بعض أجزائه على وسائل إعلام جزائرية.
في حين قال رئيس الجمهورية إن التقييم لحكومة بن عبد الرحمن سيكون بعد سنة من تعيينها، وهي التي تم تنصيبها مطلع شهر يوليو/تموز 2021، فهل سيذهب الرئيس تبون نحو تعديل حكومي؟ وهل سيكون التعديل الحكومي القادم في مستوى طموح الرئيس تبون والسلطات العليا في البلاد، الساعية إلى تحويل الجزائر إلى قوة اقتصادية منتجة ومحط أنظار كبار المستثمرين في العالم؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.