لكل منتج دليل استخدام يُوجه من ينوي استخدامه للإفادة القصوى منه وتجنُّب عُطْله. ولأن "الرجل" و"المرأة" منتجان اجتماعيان بامتياز، نتيجة لظروف مجتمعية تصبغ صفات معينة على كل منهما، وتحدد لكل منهما أدواراً في المجتمع الصغير (الأسرة) والمجتمع الكبير، فإن لهذين المنتجين أدلة استخدام تكتبها خبرات جموع الجنسين في تعاملات كل منهما، ولأن الرجل المصري بصفة خاصة عَصِي على الفهم وجب التنويه بأن لهذا المخلوق العجيب دليلاً في غاية البساطة، أطرح هنا بعض بنوده كما أفهمها.
الرجل المصري مخلوق عجيب
- يأكل بعض الناس ليعيشوا، ويعيش البعض الآخر ليأكلوا، وأظن أن أغلب الرجال في مصر ينتمون للبعض الأول ممن يهمهم أن يأكلوا دون طرح السؤال الشهير الذي يثير شهيتهم للتشاجر "هنتغدى إيه النهارده؟". لا تسألي رجلاً مصرياً هذا السؤال، واكتفي بتقديم الطعام له، وسيأكل أي شيء. وإن أردتِ التنويع في الطعام فافعلي ما تشائين دون أن تسأليه. وإن نوّعتِ في الطعام ولم يلاحظ فلا تحزني، فهذا طبعٌ فَطَره الله عليه، ونعمةٌ كبيرة لا تدركها إلا مَن تزوجت رجلاً ذوّاقة لا يأكل إلا "طبيخ يوم بيومه"، ويستطيع التمييز بين السمن البلدي وزيت الذرة وزيت الزيتون، ويعرف الفرق بين الكزبرة والبقدونس.
- تنقسم الألوان عند أغلب الرجال في مصر إلى سبعة ألوان لا ثامن لها: الأبيض والأسود والأحمر والأزرق والأصفر والأخضر والبُنِّي. ولهذا فإن اختبار الرجل في أي لون من الألوان الأخرى اختبارٌ أعلى من مستوى الذكاء البصري لديه. فإذا أردتِ -سيدتي- أن يشتري زوجك لك شيئاً يخرج لونه عن الألوان السبعة أعلاه، فلا تسمي اللون باسمه مثل 'الأوف وايت" أو "الفوشيا" -وهذه ألوان أسمع عنها- ويفضل أن تعتمدي على التشبيه بذكر ألوان أشياء معروفة للرجل مثل "لون قشرة البصل" أو "لون قشرة الليمون غير الناضج"، فهذا أقصى ما يفهمه الرجل في الألوان.
- لست فقيهاً في التشريح، ولكني أزعم أن هناك جزءاً فارغاً في دماغ الرجل المصري لا يمر من خلاله شيء، لا فكرة ولا خاطرة ولا حل لمشكلة، لا شيء على الإطلاق. هذا الجزء في الدماغ هو والعدم سواء، وهو الذي يتسبب في أن يحملق الرجل وهو متكئ على أريكة في سقف فارغ لساعتين دون أن يفكر في شيء ذي بال، ولا ترينه حينها إلا عيناً تلمع وشهيقاً يدخل وزفيراً يخرج. فإذا وجدتِ رجلاً في هذه الحالة فلا تحدثيه عن شيء لأن دماغه "مسافرة".
- إذا تزوجتِ رجلاً مصرياً محباً أو مهووساً بكرة القدم فيُرجى أن تتفهمي أنك الزوجة الأولى، والكرة هي الزوجة الثانية التي سيخصص لها الزوج وقتاً لمتابعة أخبار الدوريات والبطولات الدولية، وأخبار كبار اللاعبين، ومناقشة زملائه المهووسين في تفاصيل التشكيلات، ثم الاحتفال في حالة فوز الفرق التي يشجعها، أو البكاء والتباكي في حال خسارة هذه الفرق. فإذا لم تكن لديكِ الطاقة لتحمل هذا الأمر فلا يُنْصَح بالزواج من هذا الرجل لأنه في الأغلب الأعم لن يضحي بالكرة مقابل أي شيء.
- هناك نوع من الرجال كاد أن ينقرض في مصر، وهم محبو الثقافة والقراءة. هؤلاء قوم لا يفهمون في التجارة أو البيع أو الشراء، ولا يُفَضَّل أن تصطحبي رجلاً من هذا النوع معكِ إذا أردتِ "الشوبنج" لأنه سيسألك كل دقيقتين "خلصتِ؟".
- لا يوجد وقت محدد يمكن أن تطلبي فيه من الرجل المصري طلباً بعينه، لكن حاولي ألا تطلبي شيئاً منه في هذه المواقف والأوقات: الحزن، وفقد عزيز، وخسارة فرقته الرياضية، والفرح، وقبل النوم، وبعد الاستيقاظ مباشرة، وقبل الذهاب للعمل، وبعد دخول البيت مباشرة، وأثناء القراءة، وأثناء الأكل. هل هناك وقت آخر؟ ربما لا.
- أغلب الرجال في مصر لا يحبون الإدلاء بالتفاصيل الدقيقة التي تهواها النساء، ليس خوفاً من مضمون هذه التفاصيل ولا رغبةً في تجنب الحديث مع النساء، هذا طبعٌ ليس إلا، فإذا سألتِ رجلاً مصرياً سؤالاً وجاء رده مقتضباً فلا تغضبي. وإذا أردتِ مزيداً من التفاصيل فاستعدي بمجموعة أسئلة ويُفَضَّل أن تكون الأسئلة في صلب الموضوع الذي ترغبين في الإحاطة به، فالرجال في مصر يكرهون الاستطراد ويعتبرونه "لت وعجن" يشجعهم على الصمت لا الكلام.
- إذا طرحتِ سؤالاً على رجل مصري وشككتِ في أنه يكذب فلا تستخدمي معه حيلة رجال الشرطة في الاستجواب والاستحلاف. سيكذب الرجل لا محالة، خاصة لو كان الصدق سيورطه. دعيه يكذب و"ابلعيها" ثم عاودي السؤال مرة أخرى في وقت آخر؛ ولأن الكاذب كثير النسيان فسيعطيك إجابة مختلفة. عندئذ قارني فقط بين الإجابتين بصوت عال واجعليه يكتشف كذبه بنفسه، وهذا هو علاج الكذب وليس المواجهة.
- تحدي الرجل المصري في أن يعاقب طفلاً قد يأتي بكارثة، أقلها التسبب في إعاقة دائمة للطفل. فإذا أغضبكِ طفل بفعل قبيح فيُرْجَى الابتعاد تماماً عن عبارات مثل "ما هو لو ليك أب كان ربَّاك" لأن الرجل سيُجَنُّ عندئذ و"هيربيكي" أنتِ قبل أن "يهبد" الطفل برجله أو يده.
- تذكير الرجل المصري دائماً بأنه ينفق على أبيه وأمه ما تستحقه زوجته وأولاده أمر غير محمود. وإن كان زوجكِ من هذا النوع من الرجال في مصر فاحمدي الله على أنك تزوجتِ رجلاً لا ذكراً، وانتظري فعَمَّا قريب ستفرحين بابنك وهو رجل متزوج ويعول ولكنه بار بأمه وأبيه.
- الرجال في مصر "عينيهم فارغة". هكذا يُقَالُ في دوائر النساء، وهو قول غير حقيقي على الإطلاق ولا يعرف كذبه إلا من عاش وسط رجال من جنسيات مختلفة، ولكن بافتراض صدق العبارة، ما السبب؟ قولاً واحداً السبب هو إهمال المرأة للرجل.
- جمال المرأة لدى الرجل المصري لا يكمن في وجهها وقوامها كما هو شائع، وإنما في صوتها ودفء مشاعرها، فمهما كان جمال الوجه يأتي قبح الصوت المرتفع ليحذف هذا الجمال من عيني الرجل.
- الرحلات والفسح تكلف الرجال في مصر الكثير والكثير من الأموال التي تأتي بصعوبة بالغة وتذهب بسهولة بالغة كذلك. ولذا إذا فكرتِ -عزيزتي- في فسحة أو رحلة فلا تلومي الرجل على أنه لم يبادر من تلقاء نفسه بالدعوة. ادرسي الأماكن التي ترغبين في الذهاب إليها، وتخيري منها ما يناسب "جيب" الرجل، ويا حبذا لو اقترحتِ عليه عدة اختيارات وبيّنتِ له أنكِ اخترتِ الأرخص. في هذه الحالة قد يبادر الرجل باختيار المكان الأجمل، حتى لو كان الأغلى ليرضيكِ.
- للرجال في مصر طباع غريبة بعض الشيء في أمور نظافة المكان، فإن عوّدتِ الرجل على رؤية مكان نظيف سيحافظ على نظافته؛ وإن عوّدتِه على رؤية مكان غير نظيف حَوَّلَه بكل ما أوتي من قوة لـــ"زريبة". البداية في هذا الشأن منكِ والنهاية منه.
- غيرة المرأة على زوجها حق لها لا يمانعها فيه أحد، والثقة في الزوج حق له كذلك، ففرّقي بين التمادي في الأولى وإهمال الثانية، وحافظي على الشعرة بينهما.
- النوم لدى الرجل المصري ليس وقتاً يريح فيه جسده، بل مزاج؛ فيُرْجَى الهدوء وقت نومه وتأجيل المكالمات الهاتفية ومشاهدة التلفزيون والطبيخ والغسيل وكنس الغرف بالمكنسة الكهربائية واستخدام الخلاط، إلخ. والخلاصة، إن استطعتِ -عزيزتي- إيقاف الحياة حتى يستيقظ الرجل، خاصة من نوم القيلولة، فافعلي.
هذا -كما أسلفتُ- دليل مبسط لفهم سلوكيات أغلب الرجال في مصر، الذي يشذ عنه البعض في نقاط بعينها وليس جميعها، وهناك مِثلُه لفهم السيدات المصريات، إن كانت في العمر بقية.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.