تقدمت وزارة المياه العراقية بطلب رسمي إلى أنقرة لزيادة كمية المياه المتدفقة إلى العراق، في محاولة من الحكومة العراقية للتغلب على أزمة الجفاف التي تضرب أراضيها وتهدد شعبها بخطر المجاعة.
وعقد المبعوث التركي الخاص إلى العراق، فسيل إرأوغلو، اجتماعاً مع وزير المياه العراقي مهدي الحمداني عبر الفيديو، نقل فيها الحمداني للمبعوث التركي طلب بغداد زيادة تدفق المياه عبر نهري دجلة والفرات بشكل رسمي.
وخلال الاجتماع ناقش الطرفان كمية المياه التي تصل العراق عبر نهري دجلة والفرات. وقال حمداني إنه طلب من تركيا إعادة فحص كمية المياه المنقولة لمساعدة العراق على تجاوز الأزمة الحالية.
وأوضح المبعوث التركي أنه سينقل الطلب إلى السلطات المختصة في أنقرة لزيادة كمية المياه خلال الأيام المقبلة، وفقًا لاحتياطيات تركيا الحالية.
ومن المقرر كذلك، بحسب تصريحات لوزير المياه العراقي أن يزور تركيا وفد عراقي فني خلال الأسابيع القادمة لتقييم احتياطيات السدود التركية على الفور وإمكانية دعم العراق بالمياه المطلوبة.
العراق ضمن أكثر الدول عرضة للجفاف
ويعد العراق، بحسب الأمم المتحدة، خامس دولة معرضة للخطر في العالم، بسبب انخفاض هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة في السنوات الأخيرة؛ إذ يقع العراق في المرتبة الخامسة بين البلدان المعرضة بشدة لخطر التغير المناخي.
ويعتمد العراق في تأمين المياه بشكل أساسي على نهري دجلة والفرات، وروافدهما التي تنبع جميعها من تركيا وإيران وتلتقي قرب مدينة البصرة جنوب العراق لتشكل شط العرب الذي يصب في الخليج العربي.
وحسب أبحاث معهد ميديتريانة للدراسات الإقليمية، فإن العراق يفقد القسم الأعظم من مصادر مياهه؛ إذ كانت تصريفات المياه الداخلة عن طريق نهر الفرات من تركيا وسوريا سنة 1933 تبلغ 30 مليار متر مكعب، وبلغت هذه التصريفات 9.5 مليار متر مكعب سنة 2021.
أما نهر دجلة فقد كانت تصريفاته 20.5 مليار متر مكعب وانخفضت إلى 9.7 مليار متر مكعب سنة 2021، وهذا بسبب بناء سد أليسو من قبل تركيا.
أما إيران فقد قامت بتجفيف 5 أنهار عراقية، كنجان جم وكلال بدره وجنكيلات وكرخ وخوبين. وأدى هذا التجفيف إلى هجرة قاطني عشرات القرى الحدودية؛ مما أدى لحصول تغيير جذري في النظام الحياتي والبيئي في المنطقة.
اتفاقيات موقوفة
عقدت البلدان المتشاركة في مياه نهري دجلة والفرات؛ العراق وتركيا وسوريا، العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الجزئية طيلة السنين الماضية.
كانت أولى هذه الاتفاقيات بين كل من تركيا من جهة، وبين فرنسا وبريطانيا الدولتين المنتدبتين على العراق وسوريا حينها من الجهة الأخرى.
ونصت معاهدة لوزان في يوليو/تموز 1923، في المادة 109 منها، على "المصالح والحقوق المكتسبة" التي يجب الحفاظ عليها من خلال اتفاق يُعقد بين الدول المعنية، كما أشارت إلى أنه "في حال تعذر الاتفاق بين الدول المعنية بشأن هذا الموضوع فإنه يُحال إلى التحكيم".
وفي عام 1972، وقع العراق مع تركيا بروتوكولاً للتعاون الاقتصادي والفني، تعهدت فيه تركيا بإطلاع الجانب العراقي على برنامج ملء خزان سد كيبان، من أجل تأمين احتياجات العراق من المياه، وأن يباشر الطرفان في أسرع وقت ممكن مباحثات حول المياه المشتركة ابتداء بنهر الفرات وبمشاركة جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك سوريا.
وتم توقيع بروتوكول آخر للتعاون الاقتصادي والفني بين العراق وتركيا في عام 1980، قضى بتشكيل لجنة فنية لتحديد الكمية المناسبة والمعقولة من المياه التي يحتاجها كلا البلدين، وعلى اللجنة أن تقدم تقريرها خلال مدة سنتين.
ومنذ ذلك التاريخ، عقدت اللجنة 16 اجتماعاً، إلا أنها لم تسفر عن توقيع اتفاق ثلاثي بين العراق وسوريا وتركيا، ولم تحدد الحصة النهائية لكل دولة. ولم تتمكن أيضاً من وضع خطة لعملها بسبب اختلاف وجهات النظر بين الأطراف.
واستمرت المفاوضات تراوح مكانها بين البلدين، حتى أعلنت وزارة الموارد المائية العراقية عن توقيع بروتوكول لتوزيع مياه دجلة في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2021، اعتبرته الوزارة حينها "الأول من نوعه" عقب مصادقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مذكرة تفاهم أعدت عام 2009، وتم تحديثها عام 2014، ثم وقعتها الحكومة التركية في مارس/آذار 2021.