قالت وكالة Bloomberg الأمريكية، الثلاثاء 12 يوليو/تموز 2022، إن أسواق المال تضع تنبؤات تشاؤمية إذا أوقفت روسيا إمدادات الغاز كلياً إلى أوروبا، مشيرةً إلى أن التنبؤات تُشير إلى أن الأسهم الأوروبية سوف تهبط بنسبة 20%، وأن سعر اليورو مقابل الدولار سوف ينخفض إلى 90 سنتاً.
تُشير الوكالة إلى أن التنبؤات تُشير أيضاً إلى انتشار الديون عالية المخاطر، مما يوسع مستويات أزمة 2020 الماضية، إذ إن الشحنات من شرق أوروبا إلى غربها تسير حالياً بمستويات أقل في ظل إغلاق خط الأنابيب الرئيسي (نورد ستريم 1) لعشرة أيام بسبب خضوعه لعمليات صيانة.
تتشكل مخاوف حول ما إذا كانت موسكو سوف تعيد تشغيل خط الأنابيب مرة أخرى. وفي خضم هذا، يتساءل كثير من المستثمرين: إلى أي مدى يمكن أن يسوء هذا الأمر؟
للإجابة عن ذلك السؤال، حاول الخبراء الاستراتيجيون في "وول ستريت" أن يضعوا الأرقام في سيناريو لم يكن من الممكن تصوره في الأوقات العادية، وتحدثوا عن نتائج "كارثية" متوقعة تدخل فيها العديد من المتغيرات -مثل طول مدة أي إغلاق، ونطاق خفض الإمدادات، وكيف يمكن للبلاد أن ترشد استهلاك الطاقة- وهو ما يجعل أي تنبؤات محض تخمين في أفضل الأحوال.
يقول يواكيم كليمنت، رئيس الاستراتيجية والمحاسبة والاستدامة في شركة Liberum Capital، إن المجهول الجسيم يتمثل في "مدى انعكاس الصدمة التي بدأت في ألمانيا وبولندا وبلاد وسط أوروبا، على بقية أوروبا والعالم". وأضاف: "ليس هناك ببساطةٍ بديل متاح للغاز الروسي".
بحسب الوكالة الأمريكية، صدر تحليلٌ هذا الأسبوع، ووضع الخبراء الاقتصاديون في شركة UBS Group AG السويسرية تصوراً لما يعتقدون أنه سيحدث إذا أوقفت روسيا شحنات الغاز إلى أوروبا.
يمكن أن يؤدي هذا إلى خفض عائدات الشركات بأكثر من 15%. ويمكن أن يتجاوز بيع الأوراق المالية 20% في مؤشر ستوكس 600، ويمكن أن ينخفض سعر اليورو إلى 90 سنتاً.
كذلك كتب الخبراء الاقتصاديون في الشركة السويسرية أن الاندفاع نحو الأصول الآمنة يمكن أن يؤدي إلى تراجع العائدات على السندات العشرية الألمانية، وهي السندات المرجعية للسوق الأوروبية، لتصل إلى 0%.
من جانبه، كتب أرند كابتين، كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة UBS: "نشدد على أن هذه التوقعات ينبغي أن يُنظر إليها على أنها تقديرات تقريبية حادة، وهي ليست بأي حال من الأحوال أسوأ سيناريو. يمكننا بكل سهولةٍ تصور حدوث اضطرابات اقتصادية تؤدي إلى نتائج نمو أسوأ".
يأتي هذا بينما تتكبد الأسواق فعلياً بعضاً من هذا الضرر، فقد وصل اليورو إلى أقل مستوى له منذ عقدين متساوياً مع قيمة الدولار.
كذلك فقدت الأسهم الألمانية 11% من قيمتها منذ يونيو/حزيران 2022، وكانت عملاقة الغاز الألمانية Uniper SE الشركة الأشد تكبداً للخسائر، مع هبوط أسهمها بنسبة 80% هذا العام، في الوقت الذي تسعى فيه لتأمين خطة إنقاذ حكومية.
يقول عديد من المستثمرين إنه ليس هناك سبب يدفع إلى اعتقاد أن روسيا سوف تعيد إرسال إمدادات الغاز عندما تنتهي صيانة خط أنابيب "نورد ستريم 1" في 21 يوليو/تموز، 2022 وذلك حسبما تشير شركة UBS، فإذا بدأت الدول الأوروبية طوعاً في ترشيد استهلاك الغاز لملء الخزانات، فإن الضربة التي سيتعرض لها النمو الاقتصادي سوف تكون قوية.
في هذا الصدد، يقول تشارلز هنري مونشاو، كبير موظفي الاستثمار بشركة Banque Syz: "أوروبا الآن عالقة في حلقة مفرغة"، وأضاف أن ارتفاع أسعار الطاقة يضر اقتصاد أوروبا، ويؤدي إلى انخفاض اليورو. وفي المقابل، يجعل انخفاض اليورو واردات الطاقة أغلى ثمناً.
يكمن مصدر القلق الآخر في أن البنوك المركزية لن تكون قادرة على الاضطلاع بالكثير لمساعدة الاقتصاد، مع ارتفاع التضخم بالفعل إلى أعلى المستويات منذ عقود، وذلك وفقاً لبراشانت أغاروال، مدير إحدى المحافظ في شركة Pictet Asset Management السويسرية.
أضاف أغاروال: "لست متأكداً مما إذا كانت أدوات البنوك المركزية ستنجح في هذا السيناريو. في الماضي، كانت لديهم فسحة لمعالجة الموقف، لأن التضخم كان منخفضاً".