قال موقع استخباراتي فرنسي إن الحرب في أوكرانيا أثارت انقسامات داخل الكرملين، تحولت إلى نزاعات خفية، ومحاولات تشويه، وسط استعدادات لاحتمال خلافة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أي وقت.
بحسب موقع Intelligence Online الفرنسي الأربعاء 6 يوليو/تموز 2022، فإن النائب الأول لرئيس الإدارة الرئاسية لروسيا سيرجي كيرينكو، الذي أخذ نجمه في الصعود داخل الكرملين بالفترة الأخيرة، يواجه حملات لتشويه سمعته.
يقول الموقع الاستخباراتي نقلاً عن مصادره، إن بعض هذه الحملات ربما تكون بأيدي أشخاص ضمن الدائرة الداخلية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذين لا يريدون أن يناقشوا احتمالية خلافة القائد الروسي.
صحيحٌ أن التكهنات تنتشر في موسكو بأن هناك انقلاباً أو ثورة قد تطيح بوتين، سواء بين مجتمعات الاستخبارات الروسية أو بين النخبة الروسية، لكن ما يُنظر إليه على أنه التكهن الأرجح يشير إلى أن هناك خليفة موالياً لبوتين سوف يجري تعيينه.
لعل كيرينكو يبدو ملائماً لهذه الجلبة؛ نظراً إلى أنه من المفضلين لدى الزعيم الروسي، في ظل وضع الثقة فيه بتوليته مسؤولية الملف الأوكراني بدلاً من نائب رئيس ديوان الكرملين دميتري كوزاك، المكلف بالعلاقة مع بلدان الاتحاد السوفييتي السابق.
لا يقتصر الأمر على أن كيرينكو يضطلع بدورٍ رئيسيٍّ في ترسيخ حضور إداري وسياسي روسي بالمناطق التي استولت عليها روسيا من أوكرانيا، بل إنه ينخرط على نحو متزايد في مشروعات الشباب والمجتمع المدني التي صممها الكرملين، مما رفع شعبيته في هذه المناطق.
نزاع داخل الكرملين
بحسب Intelligence Online، ثمة إشارة حديثة على أن التهديد السياسي الذي يشكله يؤخذ على محمل الجد من جانب خصومه داخل النظام، ويتمثل في المحاولة التي بُذلت لتشويه سمعته في 12 يونيو/حزيران، عندما نُشر مقال مزيف منسوب إلى كيرينكو عن طريق مخترق مجهول الهوية على موقع الصحيفة اليومية الموالية للحكومة الروسية Izvestia.
في نص المقال، الذي يرقى إلى أن يكون انتحاراً سياسياً إذا كان النائب الرئاسي هو من كتبه حقاً، تعهد كيرينكو بأن روسيا كانت عازمة على دفع أعلى ثمن لحماية الدونباس وإعادة بنائها، ودعا الشعب الروسي إلى تقديم التضحيات بناء على ذلك.
يقول موقع Intelligence Online إن كيرينكو مستعد لتولي القيادة الروسية إذا دُعي إلى ذلك، ويضيف الموقع أنه يواجه مجموعة من مسؤولي الكرملين غير المستعدين لمسألة خلافة بوتين، التي يشعرون بأنها سوف تحمل أثراً يزعزع استقرار الحكومة الروسية على نحو هائل.
يأتي ضمن هؤلاء أنطون فاينو، رئيس مكتب بوتين وأحد مسؤولي الكرملين منذ عهد طويل. دخل فاينو، وهو في العقد السادس من العمر، دائرة بوتين بعد أن تقابل الرجلان في مدرج الطائرات خلال زيارة رسمية للرئيس الروسي إلى اليابان، حيث كان فاينو ضمن موظفي السفارة الروسية هناك.
قبل أيام من نشر المقال المزيف على موقع Izvestia، تسببت شائعات منتشرة أخرى في خروج متحدث الكرملين الذي يحظى بسمعة طيبة، ديمتري بيسكوف، لينفي أمام الصحفيين ما زُعم أن كيرينكو قاله بصورة غير رسمية.
أوضح الموقع أن آخرين من كبار المسؤولين -مثل كوزاك، وأيضاً أليكسي غروموف، نائب فاينو، الذي يعد مسؤولاً سابقاً من عصر الرئيس السابق بوريس يلتسن، كما هو الحال مع كيرينكو- يحاولون الحفاظ على مصالحهم الشخصية ضد مساعدي الرئيس الطموحين، الذين ينحدرون في الغالب من مجتمع الاستخبارات الروسية، لا سيما خدمة الحراسة الاتحادية الروسية، المعنية بحراسة مسؤولي الكرملين، وهو ما أثار توترات وصدامات.
انقلاب على بوتين
كان مسؤول استخباراتي أمريكي سابق قد ادعى أن فلاديمير بوتين مهدَّد بإطاحته عن رئاسة روسيا، وذلك بمؤامرةٍ سرية من دائرته المقربة إن فشل في الحرب على أوكرانيا.
صحيفة The Independent البريطانية نقلت في 26 يونيو/حزيران 2022، عن المسؤول السابق عن الشأن الروسي في الاستخبارات المركزية الأمريكية، دانيال هوفمان، ادعاءه أن رفاق بوتين سوف يتطلعون إلى الإطاحة به إذا فشل الهجوم الروسي على أوكرانيا.
قال هوفمان إن أي محاولة من هذا القبيل للإطاحة بالرئيس ستكون مفاجئة وسريعة، ومن المحتمل أن تكون مميتة.
كما أضاف: "هؤلاء الرجال الذين سيفعلون ذلك سيكونون في غاية السرية؛ حتى لا يجدهم بوتين ويقتلهم أولاً. سيحدث ذلك فجأة، وسيكون مميتاً".
وقال: "لن يقول أحد: مرحباً فلاديمير، هل ترغب في المغادرة؟". وأضاف: "كلا، سيكون الأمر كضرب المطرقة على رأسه".
وفقاً لهوفمان، هناك ثلاث شخصيات رئيسية يجب النظر إليهم في حالة استبدال الرئيس الروسي، وهم: وزير الدفاع سيرغي شويغو، الذي لعب دوراً حاسماً خلال الهجوم الروسي على أوكرانيا، ونيكولاي باتروشيف، رئيس مجلس أمن بوتين، وألكسندر بورتنيكوك، مدير وكالة الاستخبارات الروسية السرية.
من جانبه، قال رونالد ماركس، وهو ضابط سابق آخر بوكالة الاستخبارات المركزية، إن روسيا قد تكون في طريقها للحصول على زعيم جديد، الأمر الذي قد يؤدي إلى "صراع مجنون" على السلطة.
يأتي ذلك في الوقت الذي دخل فيه هجوم بوتين على أوكرانيا شهره الخامس، وبينما كان يُعتبَر هجوماً فاشلاً منذ البداية، حققت روسيا مؤخراً مكاسب في الشرق.
تسعى القوات الروسية للاستيلاء على آخر المعاقل المتبقية في أوكرانيا بمنطقة لوغانسك الشرقية، بعد السيطرة الكاملة على أطلال سيفيرودونتسك السبت، 25 يونيو/حزيران.