على أنقاض أحد المعابد الرومانية القديمة، يقوم المسجد العمري الكبير في مدينة غزة، أحد أهم المعالم الدينية التي تميز المدينة، لما يحمله من مكانة تراثية وعمارة جمعت بين حضارات مختلفة عاشت في الأرض الفلسطينية.
والمسجد الذي يقع في حي الدرج بمدينة غزة القديمة، تميزه أعمدته وجدرانه التراثية الضخمة وساحاته الواسعة، ولا يقتصر استخدامه على الصلاة، فالفلسطينيون يستخدمونه لإقامة المناسبات الدينية المختلفة.
وتبلغ مساحة المسجد العتيق 4100 متر مربع، ويحمل بنيانه 38 عموداً من الرخام؛ حيث يعكس جمال الفن المعماري القديم، ويتسع لأكثر من ثلاثة آلافِ مصلٍ.
من معبد روماني إلى المسجد الأشهر في غزة
بدأت حكاية المسجد قبل آلاف السنين، فقد كان معبداً رومانياً عندما كان أهل غزة يعبدون الأوثان، وفي 407 ميلادياً تحول أهل المدينة للمسيحية ليصبح كنيسة بيزنطية سُميت آنذاك باسم "أفدوكسيا".
ودُمرت هذه الكنيسة أثناء الغزو الفارسي لفلسطين سنة 614 ميلادياً، وعند الفتح الإسلامي للمنطقة على يد القائد المسلم عمرو بن العاص، اعتنق معظم أهل غزة الإسلام وبُني الجامع على أنقاض الكنيسة البيزنطية وسُمي بالجامع العُمري نسبة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب والذي فتحت المدينة في عهده.
وفي عام 1149 ميلادياً أمر القائد الصليبي بلدوين الثالث بتدمير الجامع العمري وبناء كنيسة مكانه وسُميت بـ"كنيسة القديس يوحنا".
إعادة بناء في عهد المماليك..
وفي عهد المماليك تمت إعادة بناء المسجد مرة أخرى، وأضاف السلطان المملوكي الظاهر بيبرس عليه مكتبة ضمنت أكثر من 20 ألف مجلد ومخطوطة في مختلف العلوم.
وفي النصف الأخير من القرن الثامن عشر الميلادي وخلال العصر العثماني، قام الشيخ محمد كمال الدين البكري بإعادة بناءه وإنشاء أكبر التوسعات والزيادات المعمارية بالإضافة إلى الأيونات الشمالية التي يتوسطها الصحن المكشوف وبلغت مساحته 1190 متراً مربعاً، كما أضيف في الإيوان الشرقي منبر ومحراب ودكة للجامع.
وتعرض الجامع للدمار خلال الحرب العالمية الأولى، فأعاد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى ترميمه سنة 1926.
وتدل الكتابات والنصوص المحفورة على أبواب وجدران الجامع على الترميمات والإضافات التي تم إدخالها للجامع على مر العصور الإسلامية.
وكان آخر أعمال الترميم والصيانة للجامع في عام 2015 وشمل المئذنة وتطوير المنطقة المحيطة بالجامع.