عاد ملف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية إلى الواجهة مجدداً، مع نشر كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، تسجيلاً مصوراً لأحد الأسرى الإسرائيليين الأربعة الذين تحتفظ بهم يوم الثلاثاء 28 يونيو/حزيران 2022. وظهر في المقطع المصور، الإسرائيليُّ هشام السيد ممدداً على سرير، وموصولاً بجهاز تنفس اصطناعي، في أول مرة يتم فيها الكشف عن تفاصيل وظروف احتجاز أحد الجنود الإسرائيليين في غزة منذ ثمانية أعوام. فما الذي يعقد إتمام صفقة تبادل بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، وما قصة أسرى المؤبدات؟ ومن هم الأسرى الإسرائيليين الذين تحتفظ بهم المقاومة الفلسطينية؟
هل تتوصل إسرائيل وحماس إلى صفقة تبادل قريباً؟
بالتزامن مع هذا الإعلان، بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد يائير لابيد رئاسته للحكومة لدراسة ملف الأسرى والمفقودين الإسرائيليين، وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن جدول أعمال لابيد شمل لقاءً مع رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، يسبق اجتماعاً حول الإسرائيليين الأسرى والمفقودين.
وتحتفظ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالجنديين الإسرائيليين "أورون شاؤول" و"هدار غولدين" بعد أسرهما خلال حرب صيف 2014، فيما تقول إسرائيل إنهما قُتلا وتحتفظ الحركة برفاتهما. كما تحتفظ حماس بإسرائيليين آخرين هما أفيرا منغستو وهشام السيد، بعدما دخلا القطاع في ظروف غامضة في سبتمبر/أيلول، وديسمبر/كانون الأول من العام ذاته. وترفض حماس تقديم أي معلومات حول الأسرى، وخاصة شاؤول وغولدين، دون مقابل.
تقود مصر وساطة بين "حماس" وإسرائيل لإبرام صفقة لتبادل الأسرى، لكنها لم تُحقق حتى الآن أي تقدم ملموس بعد؛ إذ تعثرت المفاوضات جراء رفض إسرائيل إطلاق سراح الأسرى المحكومين بالسجن المؤبد، وهو ما تصر عليه حركة "حماس".
ويقول خبراء إن الأسرى الفلسطينيين المحكومين بالسجن المؤبد يُشكّلون أكبر عقبة في إجراء أي صفقة بين الجانبين؛ حيث تتشدد إسرائيل في رفض أي مقترح للإفراج عنهم.
من هم أسرى المؤبدات الذين ترفض إسرائيل الإفراج عنهم؟
بحسب نادي الأسير الفلسطيني، وهيئة شؤون الأسرى التابعة لمنظمة التحرير، يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين المحكومين بالسجن المؤبد نحو 551 أسيراً. وبحسب المحامي حسن جبارين، مدير المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل "عدالة"، في حوار سابق مع الأناضول، فإن الحكم المؤبد بحق المعتقلين الفلسطينيين يستمر "مدى الحياة"؛ حيث تعمد إسرائيل إلى عدم تحديده بسنوات معينة.
وتعتقل إسرائيل 25 فلسطينياً منذ ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993، أي أنهم قضوا داخل السجون على الأقل نحو 29 عاماً.
ويقضى هؤلاء الأسرى أحكاماً بالسجن المؤبد مرة أو عدة مرات، ورفضت إسرائيل الإفراج عنهم ضمن المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية عام 2014؛ مما أدى لانهيارها آنذاك.
ومن أبرز هؤلاء الأسرى: كريم يونس، وابن عمه ماهر يونس، وكلاهما معتقل منذ عام 1983، ومحكوم بالسجن المؤبد، وتبقى لهما عام واحد.
"أكبر معضلة" تواجه إتمام صفقة تبادل بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل
يرى فؤاد الخُفّش، مدير مركز أحرار لدراسات شؤون الأسرى (غير حكومي)، أن "أسرى المؤبدات أكبر معضلة تواجه إبرام صفقة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل".
وأضاف لوكالة الأناضول أن حركة "حماس" تطالب بالإفراج عن أسماء تصنفها إسرائيل على أنها "الأخطر على أمنها"، وأن "أياديهم ملطخة بدماء الإسرائيليين". وتابع: "أي صفقة لها محددات، وما نشهده اليوم يشير إلى كثير من المعضلات، أولها يتمثل بالأسرى المؤبدات، وثانيها ما لدى المقاومة من أسرى"، مشيراً إلى أن "إبرام صفقة أسوة بصفقة شاليط (2011) ليس بالأمر السهل".
بدوره، يرى عصمت منصور، الخبير الفلسطيني والأسير السابق، أن "إسرائيل وضعت معايير بعد إبرام صفقة شاليط، تُميّز بين الأسرى، وتحد من إمكانية الإفراج عن ذوي المؤبدات والذين اتهموا بقتل إسرائيليين".
وأضاف منصور للأناضول أن "إسرائيل تتخوف من إطلاق أسرى ذوي رمزية كبيرة للفلسطينيين، كأسرى نفق الحرية الستة، وبعض القيادات". وقال: "هذه تأتي ضمن سياسة الردع الإسرائيلية للفلسطينيين، حتى لا يُقدم الفلسطيني على تنفيذ عملية ومن ثم يفرج عنه في صفقة تبادل".
ويستبعد منصور عقد صفقة تبادل، قريباً، ويقول في هذا الصدد: "لم يُوضع بعد إطار للتفاوض، وإسرائيل ترفض مبدأ التفاوض حتى الآن". كما أشار إلى غياب "أي ضغط من قِبَل الشارع الإسرائيلي على الحكومة الإسرائيلية، للتقدم في صفقة تبادل الأسرى".
من هم أبرز أسرى المؤبدات والأحكام العالية؟
- عبد الله البرغوثي (67 مؤبداً)
يعد عبد الله البرغوثي صاحب أعلى حكم في السجون الإسرائيلية؛ حيث صدر بحقه حكم بالسجن المؤبد 67 مرة. والبرغوثي، القيادي في كتائب القسام، من بلدة بيت ريما بمحافظة رام الله، واعتقل في العام 2003.
- إبراهيم حامد (54 مؤبداً)
الأسير إبراهيم حامد هو الثاني داخل السجون الإسرائيلية من حيث مدة الحكم الصادر بحقه، بعد البرغوثي. وقضت محكمة إسرائيلية بسجن حامد القيادي في كتائب القسام، 54 مؤبداً، وهو من بلدة سلواد شرقي رام الله.
- حسن سلامة (48 مؤبداً)
من سكان قطاع غزة، اعتقل عام 1996، وحكم عليه بالسجن 48 مؤبداً وثلاثين عاماً. وسلامة، من قادة كتائب القسام، واتهمته إسرائيل بالمسؤولية عن سلسلة عمليات أدت إلى مقتل عشرات الإسرائيليين.
- عباس السيد (36 مؤبداً)
كما يعد عباس السيد من أبرز المعتقلين الفلسطينيين، وهو قيادي في كتائب القسام، من مواليد مدينة طولكرم (شمال). واعتقل السيد في العام 2002 وحكم عليه بالسجن لمدة 36 مؤبداً و200 عام.
- مروان البرغوثي (5 مؤبدات)
ومن أبرز الأسرى المحكومين بالسجن المؤبد، عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني "فتح"، مروان البرغوثي (63 عاماً). ويعد البرغوثي أحد أبرز قيادات حركة "فتح"، ويقبع في سجن "هداريم" شمالي إسرائيل، ومحكوم بالسجن المؤبد 5 مرات. واعتقلته إسرائيل عام 2002، وأدين بتهمة "المسؤولية عن عمليات، نفذتها مجموعات مسلحة، محسوبة على حركة فتح، وأدت إلى مقتل وإصابة إسرائيليين".
ملف أسرى "صفقة شاليط" وأسرى "نفق الحرية" على الطاولة
في العام 2011 أفرجت إسرائيل عن 1027 معتقلاً فلسطينياً، بينهم أسرى محكومون بالسجن المؤبد، ضمن صفقة تبادل مع "حماس"، مقابل إفراج الأخيرة عن الجندي الأسير لديها جلعاد شاليط.
وفي العام 2014 أعادت إسرائيل اعتقال 49 من المفرج عنهم ممن يسكنون الضفة الغربية، وأعادت لهم أحكامهم السابقة. ومن أبرز المعاد اعتقالهم نائل البرغوثي، والذي أعادت له حكمه السابق (المؤبد و18 عاماً إضافية). وتطالب حماس بالإفراج عن المعاد اعتقالهم، مقابل تقديم معلومات حول الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها.
كما تطالب "حماس" بالإفراج عن أسرى ما يعرف بـ"نفق الحرية"، وهم الأسرى الستة الذين استطاعوا في 6 سبتمبر/أيلول الماضي الهروب من سجن جلبوع الإسرائيلي (شمال)، عبر نفق حفروه.
وهم: الأسير زكريا الزبيدي، القيادي في حركة "فتح"، و5 من حركة الجهاد الإسلامي، هم: مناضل نفيعات (موقوف)، ويعقوب قادري (المؤبد مرتين و35 عاماً)، وأيهم كمامجي (المؤبد مرتين)، ومحمود عارضة (مؤبد و15 عاماً)، ومحمد عارضة (3 مؤبدات و20 عاماً).