بسلسلة تسهيلات لسفر المواطنين عبر معبر رفح، سيبدأ العمل بها منذ الأحد 2 من يوليو/تموز 2022، أفاد بها بيان لمكتب الإعلام الحكومي في غزة، مشيراً إلى أن الجانب المصري أبلغهم أن التسهيلات تأتي ضمن توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وفقاً للتعديل الجديد لآلية السفر، ستتكفل شركة "يا هلا"، إحدى الشركات التابعة لجهاز المخابرات المصرية، بتوفير مركبات حديثة لنقل الأفراد من معبر رفح إلى القاهرة ذهاباً وإياباً، واختصار الوقت لهذا الطريق لثماني ساعات فقط بدلاً من الوضع الحالي الذي عادة ما يستغرق الوقت في قطع هذه المسافة من 2 إلى 3 أيام، نظراً للإجراءات الأمنية المشددة وانتشار حواجز الجيش على طريق الدولي في سيناء؛ ما يجبر المسافرين من وإلى غزة على المبيت لعدة أيام في صحراء سيناء.
صحيح أن التعديل الجديد لآلية السفر لاقى رواجاً وترحيباً واسعاً في غزة، إلا أنها مع ذلك تؤسس لمرحلة جديدة يكون فيها جهاز المخابرات العامة المصرية هو المتحكم بشكل مطلق في منفذ السفر الوحيد لسكان قطاع غزة للعالم الخارجي، وسيلغي أي دور لوزارة الداخلية التابعة لحماس في إدارة المعبر.
شركة "يا هلا" عين المخابرات المصرية على معبر رفح
دشنت المخابرات المصرية في يونيو/حزيران 2019 شركة سمَّتها "يا هلا"، وهي شركة مهمتها أن تكون حلقة وصل واتصال بين سكان القطاع وجهاز المخابرات العامة، لتوفير خدمة السفر بنظام (VIP) مقابل دفع مبلغ مالي ضخم يتراوح ما بين 1000 و8000 دولار لكل شخص يرغب بتسريع إجراءات السفر خلال أيام أو ساعات قليلة، بدلاً من بقائه ضمن قوائم الانتظار في وزارة الداخلية التابعة لحماس، التي عادة ما تستغرق وقتاً أطول تتراوح مدتها من 3 إلى 12 شهراً، وفي أحيان كثيرة يجد المسافر نفسه بعد انتظار هذه المدة الطويلة محظوراً من السفر بسبب وجوده على قوائم المنع.
مع مرور الوقت اتسع نفوذ الشركة في غزة، وأقامت عدة فروع داخل القطاع، بعد أن كان مقرها الرئيسي والوحيد في معبر رفح، وباتت مقصداً لآلاف المواطنين الذين يرغبون في السفر بشكل عاجل، وتحديداً تلك الحالات التي لا تنتظر طويلاً كأصحاب الأمراض المستعصية الذين يرغبون في إجراء عمليات جراحية خارج القطاع، أو الطلبة الحاصلين على منح دراسية وأصحاب الإقامات والجوازات الأجنبية وغيرهم.
منذ أن سيطرت حركة حماس على قطاع غزة في العام 2007 لا يعمل معبر رفح بشكل اعتيادي؛ إذ يخضع المعبر لاعتبارات سياسية تخص الحالة المصرية، فمن جهة يغلق المعبر لعدة أشهر بذريعة وجود عمليات للجيش المصري في سيناء، وتارة يغلق في حال نشب توتر في العلاقات بين حركة حماس والنظام المصري، ما خلق أزمة تكدس قوائم المسافرين في وزارة الداخلية، وضيع أحلام آلاف الشباب بسبب فقدان فرص كانت تنتظرهم في الخارج.
الأولوية لأصحاب التنسيقات
قال مصدر في سلطة المعابر والحدود في غزة لـ"عربي بوست" أن قوائم المسافرين المسجلين عبر نظام وزارة الداخلية الراغبين في السفر للخارج كانت قبل عام تُقدر بـ80 ألف طلب للسفر، ولكنها تراجعت الآن إلى النصف في ضوء التسهيلات التي أعلن عنها النظام المصري منذ معركة سيف القدس في مايو/أيار 2021، كأحد شروط حركة حماس للالتزام بوقف إطلاق النار مع إسرائيل التي رعتها مصر في ذلك الوقت.
وأضاف المتحدث أن الأولوية للسفر عبر المعبر هي لأصحاب التنسيقات، حيث تخصص ما نسبته 70% من المسافرين عبر المعبر لمن دفع تنسيقاً للمخابرات المصرية، أما المسافرون عبر نظام وزارة الداخلية الذين يسافرون مجاناً فيخصص لهم ما بين 3 و5 باصات، غالبيتهم يتم ترحيلهم من المعبر لمطار القاهرة ويحظر عليهم المكوث أو المبيت في مصر، لاعتبارات تدعي مصر أنها أمنية، كما يخضع هؤلاء المسافرون لتفتيش دائم طوال الطريق وفي أحيان كثيرة تتم مصادرة أمتعتهم.
وبالرغم من الادعاء بأن نظام السفر يشهد تحسناً خلال هذا العام، فإنه لا يقارن بما كان عليه الوضع قبل سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، فمعدل المسافرين عبر المعبر يومياً يتراوح ما بين 600 و800 مسافر، في حين كانت حركة المسافرين قبل العام 2007 تقدر بما بين 2000 و3000 مسافر يومياً وفقاً لمركز "جيشاه- مسلك" الحقوقي الإسرائيلي، مع الأخذ في الاعتبار الزيادة التي طرأت على سكان القطاع خلال هذه الفترة التي تُقدر بنحو 800 ألف نسمة.
الآلية الجديدة للسفر
وفقاً للنظام الجديد للسفر الذي سيبدأ تطبيقه ابتداء من الغد الأحد 2 يوليو/تموز 2022 ستكون شركة "يا هلا" المسؤولة الأولى والمباشرة عن تسجيل قوائم المسافرين الراغبين في السفر من وإلى غزة عبر المعبر للاستفادة من ميزات الوصول من غزة إلى القاهرة وبالعكس خلال 8 ساعات، بعد دفع مبلغ مالي لمنحه الأولوية للسفر بدلاً من الانتظار على قوائم المسافرين لنظام وزارة الداخلية.
إلا أن هذا المبلغ ليس ثابتاً، وهو متفاوت من حالة إلى أخرى، إلا أنه يتراوح الآن ما بين 500 و5000 دولار، كما سترتفع أجرة النقل من المعبر للقاهرة للضعف من 400 جنيه إلى 700 جنيه للمواطن الواحد، وسيمر هؤلاء المسافرون عبر نفق تحيا مصر بدلاً من حاجز المعدية الذي يضطر فيه المسافرون للمبيت من يوم إلى ثلاثة أيام، كما سيخضع هؤلاء المسافرون للتفتيش لمرة واحدة فقط طوال الطريق، في حين ستستمر الإجراءات المشددة بحق المسافرين الذين يسافرون عبر نظام وزارة الداخلية.
كما ستلغي آلية السفر الجديدة نظام الترحيلات، حيث يحظر على الشباب من سن 18 إلى 40 عاماً المكوث في مصر أو المبيت فيها، ويبقى المسافرون في باصات الترحيلات التابعة للجيش طوال الطريق حتى الوصول لمطار القاهرة.
سلامة معروف، المتحدث باسم لجنة متابعة العمل الحكومي، قال لـ"عربي بوست"، إن حكومة غزة ترحب بأي تسهيلات لسفر المواطنين عبر المعبر؛ لأن المواطنين كانوا يشتكون من إجراءات السفر المرهقة عبر المعبر، ونقلنا هذه الشكاوى في الزيارة التي أجراها رئيس لجنة متابعة العمل الحكومي عصام الدعاليس للقاهرة الشهر الماضي، وتلقينا وعوداً من قِبَل المسؤولين المصريين بالتخفيف عن المواطنين عبر آلية سيسعون لتطبيقها.
قد يكون شكل الآلية الجديدة للسفر تندرج كتسهيلات تخفف عن المواطنين، ولكنها في الحقيقة هي حالة كانت موجودة قبل حكم حركة حماس أو خلال فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، إذ كان السفر يتم خلال اليوم الواحد دون أي تعقيدات أو البقاء على قائمة الانتظار لأشهر طويلة، أو دفع مبالغ مالية كبيرة للسفر.
كما يؤسس هذا الشكل الجديد للسفر تغوُّلاً في المرحلة القائمة بتحكم جهاز المخابرات العامة في معبر رفح عبر وكلائه، وهي شركة "يا هلا" التابعة له؛ لأن التسجيل للسفر سيتم مباشرة عبر الشركة التي باتت منتشرة بشكل كبير في غزة من خلال فروعها في مدن القطاع، وبذلك سيلغي أي دور لهيئة المعابر والحدود التابعة لحكومة حماس؛ لأن كثيراً من المواطنين سيضطرون للسفر عبر الشركة للاستفادة من الميزات الجديدة للسفر بدلاً من الإجراءات المتبعة حالياً والتي عادة ما يستغرق الوصول للقاهرة عدة أيام رغم أن مسافة الطريق لا تتجاوز 8 ساعات.