توصلت أبحاث علماء إلى نتائج مُبشرة لضحايا النوبات القلبية، حيث أثبتت احتمالاً كبيراً لعلاجهم بعقار لمرض السرطان، بحسب ما نشرته صحيفة The Times البريطانية الثلاثاء 21 يونيو/حزيران 2022.
حيث توصلت أبحاث العلماء في جامعة بريستول البريطانية إلى أن عقاراً يُدعى مثبطات بروتين الكيناز المنشط بالميتوجين MEK، قد يكون "الحل الذي طال انتظاره لقلب موازين اللعبة على صعيد علاج النوبات القلبية".
يعمل العقار على تحفيز خلايا تُعرف باسم الخلايا الحولية التي تلتف حول الأوردة وتتحول إلى نوعٍ جديد كلياً من الخلايا، مما يؤدي إلى نمو أوعية دموية جديدة وصحية.
يأمل الخبراء أن يؤدي حقن المرضى بالعقار، بعد إصابتهم بالنوبة القلبية مباشرة، إلى إعادة تدفق الدم الجيد إلى المناطق المتضررة في القلب؛ حتى لا تموت الخلايا نتيجة قلة الأوكسجين.
كما قد ينقذ هذا العقار آلاف المرضى الذين تتطور حالتهم إلى الإصابة بقصور القلب غير القابل للشفاء كل عام، وهي حالةٌ تؤثر على نحو مليون بريطاني.
تجربة على الفئران
وموّلت مؤسسة القلب البريطانية تجربةً شهدت علاج الفئران بالعقار يومياً لمدة أسبوعين، بعد إصابتها بنوبةٍ قلبية.
حيث زادت فرص نجاة الفئران التي حصلت على مثبطات بروتين الكيناز المنشط بالميتوجين، والذي يُستخدم في علاج سرطان الجلد وبعض أنواع سرطان الرئة، كما تمتعت تلك الفئران بمعدل نموٍ أفضل للأوعية الدموية.
يأمل الباحثون بدء التجارب السريرية على مرضى النوبات القلبية في العام المقبل. وأظهرت الاختبارات التي أُجرِيَت على خلايا بشرية، أن العقار نجح في "تغيير خواص" الخلايا الحولية، مما حفّز نمو الخلايا البطانية التي تبطن الأوعية الدموية.
ويعتقد الباحثون أنَّ توافر مثبطات بروتين الكيناز المنشط بالميتوجين للعلاج السريري بالفعل سوف يساعد في تسريع موافقة هيئة الخدمات الصحية الوطنية على استخدامه مع مرضى النوبات القلبية.
يشار إلى أن ملايين الخلايا تموت بعد وقتٍ قصير من الإصابة بنوبةٍ قلبية، لأن إمدادات الأوكسجين تنقطع عنها، ولا تُعوّض تلك الخلايا الميتة على الإطلاق، لأن القلب البشري لا يتمتع بالقدرة على تجديد الخلايا.
قلب موازين اللعبة
بينما قال الأستاذ باولو ماديدو، الذي قاد البحث: "إنه أمرٌ مثيرٌ للغاية. وربما يكون هذا هو العقار الذي طال انتظاره ليقلب موازين اللعبة في علاج النوبات القلبية. إذ تموت خلايا عضلة القلب بسبب انقطاع تدفق الدماء، مما يعني أن القلب يفقد قدرته على ضخ الدماء بالشكل الصحيح، وبالتالي يُصاب الناس بقصور القلب. لكننا نستطيع تحسين تدفق الدماء إلى القلب وإنقاذ الخلايا المحكوم عليها بالموت إذا استطعنا تحفيز نمو أوعية دموية جديدة بعد فترةٍ وجيزة من الإصابة بنوبةٍ قلبية".
أوضح ماديدو أن السيناريو المثالي يتضمن إعطاء المريض جرعةً من العقار بمجرد وصوله إلى المستشفى عقب إصابته بنوبةٍ قلبية، وبعد حصوله على العلاجات الطارئة مثل تركيب الدعامة وإدخال الأنبوب الشبكي السلكي لإبقاء الشرايين مفتوحة.
أردف قائلاً: "يمكن بدء العلاج خلال فترةٍ تتراوح بين 6 و12 ساعة بعد الإصابة بالنوبة القلبية. وتمتص الخلايا العقار، ثم تستغرق ما يتراوح بين أسبوعٍ وأسبوعين من أجل التحول إلى شكل الخلية (الوعاء الدموي) المرغوب. ويعمل العقار على تعديل خصائص الخلايا الحولية حتى تتمكن من تشكيل أوعيةٍ دموية جديدة".
وتوجد الخلايا الحولية على الجانب الخارجي للأوعية الدموية، وهي من الخلايا الجذعية التي تستطيع التحول إلى مختلف أشكال الخلايا والنمو داخل الأنسجة الأخرى.
من ناحيته قال الأستاذ متين أفكيران، المدير الطبي المساعد في مؤسسة القلب البريطانية: "يمثل هذا الاكتشاف تقدماً علمياً كبيراً على صعيد فهمنا لكيفية تحفيز نمو الأوعية الدموية الجديدة داخل القلوب المتضررة من النوبات القلبية".
بينما قالت الدكتورة إليزا أفوليو، التي شاركت في إعداد الدراسة: "بعد عدة سنوات من الأبحاث في مجال الخلايا الحولية القلبية، يسعدنا الكشف عن خاصية جديدة تتمتع بها هذه الخلايا وتجعلها هدفاً مثالياً لإعادة بناء الأوعية الدموية القلبية بعد اختناق تدفق الدم. وما نزال بحاجةٍ لمزيد من الأبحاث لترجمة نتائجنا من النماذج الحيوانية إلى التجارب السريرية، لكن هذه الدراسة تقدم نهجاً دوائياً آمناً يُحتمل أن يناسب جميع المرضى".