نشرت منصة نتفليكس سلسلة وثائقية من 4 أجزاء بعنوان "كوني لطيفة: صلي وأطيعي" أو (Keep Sweet: Pray and Obey)، تروي الحقيقة الصادمة حول طائفة تعدد الزوجات السرية للكنيسة الأصولية ليسوع المسيح التي تحمل اسم "قديسي الأيام الأخيرة" (FLDS)، بزعامة الأمريكي الذي نصّب نفسه رئيساً لها باعتباره "نبياً"، وارين جيفز.
وفي عام 2008، كشفت عملية للشرطة غرب ولاية تكساس عن أدلة مؤلمة على سلسلة من جرائم الاعتداء الجنسي والجسدي والنفسي ضمن فريق هذه الطائفة المسيحية المتشددة.
وعلى إثرها تم اعتقال أكثر من 400 قاصر تحت السن القانونية، إضافة إلى القبض على جيفز لاحقاً، وتوجيه تهمة الاعتداء الجنسي على الأطفال والجمع بين الزوجات والحُكم عليه بالمؤبد.
فما قصة هذه الطائفة التي أصابت مشاهدي السلسلة الوثائقية بالصدمة؟ وكيف استطاع وارين جيفز أن يوقع المئات من الفتيات في شباكه بدعوى أنه "نبي"؟
أولاً: ما هي طائفة "قديسي الأيام الأخيرة"؟
كان وارن ستيد جيفز رئيساً للكنيسة الأصولية لقديسي الأيام الأخيرة (FLDS)، وهي طائفة تجيز تعدد الزوجات في الكنيسة المورمونية المسيحية المتشددة.
وبالرغم من أن طائفة قديسي الأيام الأخيرة منفصلة تماماً عن كنيسة المورمون الرئيسية، التي تخلت عن تعدد الزوجات منذ أكثر من 100 عام تقريباً، تؤمن الطائفة بشدة بمنهج تعدد الزوجات وأنه يجب على الرجال اتباع تلك "العقيدة" والارتباط بعشرات السيدات والإنجاب منهن من أجل تحقيق أعلى مستوى من الخلاص والجزاء من الله في الحياة الآخرة.
خلافة والده في رئاسة "النبوة"!
توضح صحيفة Chicago Sun Times أن والد وارين جيفز، رولون جيفز- المعروف لأتباعه باسم العم رولون- كان رئيساً
لـ(FLDS) منذ العام 1986، وحتى وفاته في عام 2002. تاركاً وراءه ما يقرب من 20 زوجة و60 طفلاً.
وكخليفة لوالده، أصبح وارين جيفز رئيس و"نبي" تلك الطائفة.
أما قبل أن يصبح رئيساً دينياً، شغل منصب مدير أكاديمية ألتا، وهي مدرسة خاصة تابعة للطائفة. كما شغل منصب مستشار لزعيم الكنيسة.
بعد وفاة والده، تزوج جميع تلك الزوجات باستثناء اثنتين، فقد هربت إحداهما وتُدعى ريبيكا وول، بينما رفضت أخرى الزواج مرة أخرى.
ومع ذلك فهو متزوج قانونياً من سيدة تُدعى نعومي جيسوب.
وبصفته رئيساً لـ(FLDS)، كان وارين جيفز الشخص الوحيد الذي يتمتع بسلطة إجراء الزيجات وتولى دور تعيين الزوجات لأزواجهن. كما يمكنه إنهاء الزيجات وإعادة تخصيص الزوجات وأطفالهن لزوج جديد.
تهم من الدرجة الأولى باغتصاب قاصرات
في مايو/أيار 2006، كان وارين جيفز على قائمة مكتب التحقيقات الفدرالي للمطلوبين، بعد فراره من ولاية يوتا بتهمة ارتكاب جريمة اغتصاب لفتاة في سن المراهقة بين 14 و18 عاماً.
وبحسب صحيفة Newsweek الأمريكية، تم القبض عليه في نهاية المطاف في أغسطس/آب من العام نفسه، أثناء توقف مروري روتيني في لاس فيغاس، وحينها وافق على العودة إلى يوتا لمواجهة تهمتي جناية من الدرجة الأولى بالاغتصاب، وترتيب زواج بين إليسا وول البالغة من العمر 14 عاماً وابن عمها، ألين ستيد البالغ من العمر 19 عاماً.
وذلك في الوقت الذي تجرِّم فيه الولايات المتحدة زواج الأقارب.
ومنذ ذلك الحين، روت الفتاة القاصر قصتها في كتاب نشرته عام 2008 باسم "البراءة المسروقة: قصتي عن النشأة في طائفة متعددة الزوجات، لأصبح عروساً مراهقة، ثم أتحرر من وارين جيفز".
أثناء انتظار الحُكم في القضية، اتهمت أريزونا وارين جيفز بثمانية حسابات إضافية بما في ذلك سِفاح القربى والسلوك الجنسي مع قاصرات.
وفي ولاية يوتا أُدين بتهمتي اغتصاب في سبتمبر/أيلول 2007 وحُكم عليه بالسجن لمدة بين 10 سنوات إلى مدى الحياة. ومع ذلك، ألغت محكمة يوتا العليا إدانته في عام 2010 بسبب حقائق مغيبة من هيئة المحلفين.
عند إطلاق سراحه، تم تسليمه إلى تكساس في عدة تهم بالاعتداء الجنسي تتعلق بتدبير زواج ثلاث فتيات مراهقات من أتباعه الذكور الأكبر سناً الذين تم اكتشاف رواياتهم خلال غارة للشرطة عام 2008 على معبد لطائفة (FLDS) في مزرعة YFZ.
ونتيجة للمداهمة، تمكنت إدارة خدمات الأسرة والحماية بإخراج 437 طفلاً وطفلة من المزرعة.
وفي عام 2011، أدين وارين جيفز مجدداً بتهمة الاعتداء الجنسي على أطفال، وكان من ضحاياه فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً، وفتاة تبلغ من العمر 12 عاماً، تزوج منهما على التوالي. وعليه تم الحُكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة.
عشرات الزوجات لـ"النبي المُخلِّص"
بحلول وقت اعتقاله وسجنه هذا العام، كانت 24 من زوجاته الـ78 إجمالاً تحت سن 17 عاماً.
اليوم، يقضي وارن جيفز البالغ من العُمر 66 عاماً، عقوبة بالسجن مدى الحياة، بعد إدانته عام 2011 بتهمتي جناية تتعلق بالاعتداء الجنسي على الأطفال. كما حصل على حُكم إضافي بـ20 عاماً أخرى على عقوبته الأصلية، وغرامة قدرها 10.000 دولار.
وبالرغم من أنه كان قد استقال من منصب رئيس كنيسة FLDS في 20 نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2007، لكن الأعضاء الحاليين لتلك الطائفة المسيحية الغامضة لا يزالون يعتبرون وارين جيف قائدهم ونبيهم، بحسب صحيفة Independent البريطانية.
وقد استمروا بالفعل في حملة من أجل إطلاق سراحه، وفي عام 2012، نشر وارين جيفز كتاباً بعنوان رسالة يسوع المسيح إلى جميع الأمم، حيث دعا إلى اتخاذ إجراءات لإطلاق سراحه من السجن.
ولأسباب أمنية، لم يتم الإفصاح عن مكان احتجازه تحديداً، لكن يُعتقد اليوم أن وارن جيفز يقضي عقوبته في وحدة لويز سي باوليدج في مدينة بالستاين بولاية تكساس.