عملت خدمة ستارلينك Starlink، التي تمثل منظومة اتصال بالأقمار الصناعية تُديرها شركة سبيس إكس SpaceX المملوكة لإيلون ماسك منذ بدء الحرب، على توفير المساعدات للجيش الأوكراني في حربه ضد الجيش الروسي.
إذ تقول سبيس إكس إنها سلّمت 15.000 عدة ستارلينك إلى أوكرانيا منذ أواخر فبراير/شباط 2022. وتزود هذه الأجهزة الجيش الأوكراني بوسيلةٍ موثوقة ومرنة للتواصل. إذ استخدمتها القوات الأوكرانية لتنسيق هجماتها المضادة أو طلب دعم المدفعية، بينما استخدمها المدنيون الأوكرانيون للبقاء على اتصالٍ مع أحبابهم داخل وخارج البلاد، وذلك وفق تقرير نشره موقع Business Insider الأمريكى يوم الإثنين 13 يونيو/حزيران 2022.
أجهزة ستارلينك توفر خدمات لجيش أوكرانيا
كما تمكنت القوات الأوكرانية المحاصرة داخل مصنع آزوفستال في ماريوبول من التواصل مع كييف والعالم بفضل امتلاكها أحد أجهزة ستارلينك.
في حين توجد شركات أقمار صناعية تجارية أخرى تقدم خدمات مشابهة، لكن شركة سبيس إكس طورت واحدةً من أقوى الشبكات على الإطلاق. وتستخدم ستارلينك جيلاً جديداً من الأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض، والتي تتمتع بالمرونة والقوة بفضل عملها في شكل كوكبة.
من جانبه، صرّح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لمجلة Wired الأمريكية بأن أقمار ستارلينك كانت "شديدة الفعالية، إذ ساعدتنا كثيراً في العديد من اللحظات المرتبطة بحصار مدننا، وبلداتنا، وأراضينا المحتلة. لأننا فقدنا اتصالنا بالكامل مع تلك المناطق في بعض الأحيان".
في حين قال الروس للمدنيين في المدن المحتلة، التي لا تمتلك أجهزة ستارلينك، إن أوكرانيا لم يعد لها وجودٌ كدولة. لكن هذه التكتيكات لم تنجح على نطاقٍ واسع بفضل ستارلينك، وفقاً للزعيم الأوكراني.
في ما قال العميد ستيف بوتو، مدير ملف الفضاء في وحدة الابتكار الدفاعي، لمجلة Politico الأمريكية إن استخدام الأوكرانيين لستارلينك "دمّر الحملة الإعلامية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالكامل. ولم ينجح بوتين في إسكات زيلينسكي على الإطلاق حتى يومنا هذا".
مواجهة الهجمات السيبرانية الروسية
من جانبها، طلبت الحكومة الأوكرانية أجهزة ستارلينك من أجل مواجهة الهجمات السيبرانية الروسية على اتصالات أقمارها الصناعية الخاصة.
إذ أطلقت موسكو عملية "الأمطار الحمضية AcidRain" خلال الساعات التي سبقت هجومها في 24 فبراير/شباط 2022 لاستهداف Viasat، وهي شركة أمريكية لاتصالات الأقمار الصناعية كانت تزود الجيش الأوكراني بخدمات الاتصال. وجرى تصميم العملية لاستهداف أجهزة المودم والموجه، ومحو بياناتها، قبل تعطيلها نهائياً.
كذلك فمن المؤكد أن النتائج كانت ستصبح كارثية في حال عجز القادة الأوكرانيين عن التواصل مع بعضهم ومع قواتهم خلال الساعات الأولى من الهجوم. كما زادت روسيا خلال الأشهر التالية من "محاولات التشويش والاختراق" ضد أقمار ستارلينك، وفقاً لتصريحات إيلون ماسك.
كما كشف الهجوم السيبراني على الشركة الأمريكية عن أهمية امتلاك شبكة اتصال موزعة بالأقمار الصناعية، لكن الهجمات السيبرانية ليست السبيل الوحيد لاستهداف هذه الشبكات بالطبع.
امتلاك أقمار صناعية
في حين قال التقرير الأمريكي إنه لا شك أن امتلاك شبكة أقمار صناعية مرنة وموزعة يُعتبر شرطاً أساسياً للنجاح عند خوض الحروب الحديثة ضد خصومٍ من ذوي القدرات العالية. ويمتلك الجيش الأمريكي أقماره الصناعية المخصصة لهذا الغرض، فضلاً عن استخدام اتصالات الأقمار الصناعية التجارية في ساحات المعارك من قبل.
كذلك فقد بدأت الجيوش تبحث عن كيفية تعطيل هذه الأنظمة، نظراً لزيادة أهميتها على صعيد العمليات العسكرية. حيث دعا الباحثون العسكريون الصينيون، في ورقةٍ بحثية منشورة بتاريخ مايو/أيار 2022، إلى تطوير "وسائل فتك ناعمة وقاسية" لتعطيل أو تدمير كوكبة أقمار ستارلينك الصناعية بالكامل في حال نشوب الصراع.
من ناحية أخرى، لم يسرد الباحثون وسائل مواجهة ستارلينك تفصيلاً، لكنهم قالوا إنه من الضروري استهداف "النظام بالكامل"، وهو أمرٌ يتطلب "بعض التدابير منخفضة التكلفة وعالية الكفاءة".
بينما يلعب الجيش ووكالات الاستخبارات دوراً في حماية شبكات الأقمار الصناعية الأمريكية واستهداف أقمار الخصوم. ويعتمد تقسيم المهام بين هذه المؤسسات بشكلٍ كبير على هدف كلٍّ منها، سواءً كان التجسس على الشبكة أو استهدافها بغرض تعطيلها.
رصد المكالمات
إذ من المرجح أن تركز القيادة السيبرانية الأمريكية على الوسائل التي يستخدمها جنرالات الصين للحديث مع بعضهم البعض، بدلاً من طبيعة المواضيع التي يناقشونها أثناء المكالمات.
أما وكالة الأمن القومي الأمريكية فلن تهتم كثيراً بطبيعة العقد المستخدمة للتواصل، بينما ستركز أكثر على ما يجري نقله عبر تلك الشبكات. حيث سيرغب ضباط الاستخبارات في معرفة ما يقوله جنرالات الصين من أجل إطلاع صناع السياسة الأمريكيين على آخر التطورات.
عادةً ما تتمتع استخبارات الإشارات رفيعة المستوى بأكبر قدرٍ من الحماية. حيث أوضح ضابط استخبارات سابق، تحدث شرط عدم الكشف عن هويته لعدم الإضرار بأعمال الحكومة الأمريكية الجارية: "لا يستطيع الوصول إلى هذه الاستخبارات سوى عدد قليل للغاية من الناس لأنها تحوي معلومات معقدة وتقنية للغاية، وتتطلب الكثير من التحليل".