لطالما تناقلت الأجيال في الولايات المتحدة الأمريكية قصة الرجل الأرنب، سواء في حفلات الهالوين أو خلال السهرات حول نيران المخيمات.
وتقول الرواية إن الرجل الأرنب هو رجل قاتل يحمل فأساً، ويظهر في زيّ أرنب، يقتل أي شخص يتجرأ على أن يقفَ عند منتصف الليل تحت "جسر الرجل الأرنب" في مقاطعة فيرفاكس بولاية فرجينيا وينطق اسمه هناك 3 مرات.
قصة الرجل الأرنب
جيسيكا أوكونور وهي مؤرخة عامة وكاتبة لدى موقع All That's Interesting الأمريكي، قالت إنّ حادثين صغيرين تورط فيهما رجل يضع أذني أرنب عام 1970 أديا إلى إنشاء هذه الأسطورة.
وفي حين تغيَّرت تفاصيل الأسطورة على مرّ السنوات، مع وجود اختلافات حول تاريخ القاتل الغامض ودوافعه وظهوره، ظل شيء واحد ثابت وهو: رداء الأرنب المرعب.
الرواية الأولى
ووفقاً لـ"كشف الرجل الأرنب" (The Bunny Man Unmasked)، وهو مشروع بحثي أعدَّه بريان كونلي حين كان يعمل مؤرخاً وأمين محفوظات في مكتبة مقاطعة فيرفاكس العامة، بدأت حكاية الرجل الأرنب قبل 50 عاماً.
ففي 19 أكتوبر/تشرين الأول 1970، كان طالب بأكاديمية سلاح الجو الأمريكي يُدعى روبرت بينيت، يقود سيارته مع خطيبته على طريقَي بورك وفرجينيا الزراعيين قرب منتصف الليل.
وكانا عائدين من مباراة كرة قدم أمريكية وقررا التوقف وزيارة عم بينيت الذي كان يعيش قريباً.
ركن بينيت سيارته في حقل على الجهة المقابلة من الشارع الذي يقع فيه منزل عم بينيت على "طريق غينيا"، لكن قبل أن يخرج هو وخطيبته، رأيا شيئاً يتحرك بالقرب من النافذة الخلفية.
سمعا فجأة صوت ارتطام قوي وتحطمت نافذة الراكب الأمامي، وصاح رجل يقف بالخارج قائلاً: "أنتم في ملكية خاصة، ولدي رقم لوحتكم".
قاد بينيت السيارة مبتعداً بسرعة، لكنَّه وجد لاحقاً بلطة على أرضية سيارته.
وبعدما أبلغ بينيت الشرطة، قال لهم إنَّ الرجل كان يرتدي بدلة بيضاء بأذني أرنب، لكنَّ خطيبته كانت تعتقد أنَّ الرجل كان يرتدي قلنسوة بيضاء بارزة.
الرواية الثانية
مع ذلك، وبعد 10 أيام فقط، أطلَّ الرجل الأرنب المرعب برأسه مجدداً.
ففي 29 أكتوبر/تشرين الأول 1970، أبلغ حارس أمن مشروع بناء يُدعى بول فيليبس، عن رؤية رجل يرتدي زي أرنب رمادياً وأسود وأبيض اللون يقف على شرفة منزل قيد الإنشاء حين كان يقوم بدورية في تقسيم "كينغز بارك ويست"، وتواصل مع الرجل عند نحو الساعة الـ10:30 مساءً.
ووفقاً لمقال نُشِرَ آنذاك بصحيفة The Minneapolis Star، قال الرجل لفيليبس: "أنت تتعدى على ممتلكات الغير، إذا اقتربت أكثر فسأقطع رأسك"، ثُمَّ بدأ المجرم الذي يرتدي الزي يضرب ببلطة في عمود الشرفة.
غادر فيليبس لإحضار سلاحه، لكن حين عاد كان الرجل قد اختفى بين الأشجار.
وقال الحارس للشرطة إنَّ المشتبه به كان يبلغ من العمر نحو 20 عاماً وبطول نحو 173 سم ووزن نحو 79 كغم.
انتشرت أخبار الحادثين بسرعة، وفي غضون أسبوعين كانت الشرطة المحلية قد تلقَّت أكثر من 50 بلاغاً عن رؤية "الرجل الأرنب" الغامض.
رعب عند جسر الرجل الأرنب
مع انتشار كلمة "الرجل الأرنب" شفهياً على مر السنوات، وثَّق تقرير نُشِرَ على موقع Castle of Spirits نحو عام 1999، كيف ابتعدت الأسطورة بشكل هائل عن الواقع.
كتب رجل يُدعى تيموثي فوربس الحكاية المطولة التي ادَّعى أنَّها بدأت عام 1904، حين تعرضت حافلة تنقل سجناء من مستشفى للمجانين في مدينة كليفتون بولاية فرجينيا لحادث اصطدام وفرَّ المُدانون.
وقد عثرت الشرطة عليهم جميعاً باستثناء اثنين: ماركوس والستر ودوغلاس غريفون.
عثر المحققون باستمرار على جثث أرانب مُقطَّعة ونصف مأكولة في الغابة خلال ملاحقتهم لوالستر وغريفون.
وفي أثناء البحث قرب معبر كولشيستر العلوي، وهو جسر سكة حديد معروف لدى السكان المحليين اليوم باسم "جسر الرجل الأرنب"، عثروا على جثة والستر، وكانت يده الباردة المتيبسة تمسك ببلطة يدوية الصنع.
وبحسب الأسطورة، بدأ الرجل الأرنب بعد سنة يظهر للناس الذين يتجولون في النفق تحت الجسر.
وفي ليلة الهالووين، كان 3 مراهقين يشربون كحوليات في النفق حين دقت ساعة منتصف الليل، وفجأة، ظهر وميض لامع، وفي غضون ثوانٍ كان المراهقون الثلاثة كلهم يتدلون من المعبر العلوي، كانت حناجرهم مذبوحة وأحشاؤهم منزوعة.
وفي الهالوين التالي، حدث الشيء نفسه لـ6 مراهقين آخرين، وبدأ الناس على مدار السنوات يتجنَّبون النفق في ليلة الهالوين، لكنَّ مجموعات من الأطفال الشجعان كانت تختبر الأسطورة كل بضعة عقود، وكانوا يموتون الميتة المروعة نفسها التي ماتها سابقوهم.
فنَّد كونلي تماماً زيف هذه النسخة من الأحداث في بحثه. فلا يوجد سجل لأي حوادث قتل من هذا القبيل في المقاطعة، ولم يكن هناك أي مستشفى للمجانين مطلقاً في المنطقة.
ولم يُذكَر الرجل الأرنب حتى في الأخبار المحلية حتى عام 1970. لكن هذه هي الحكاية التي ظلَّت متداولة على مدار عقود، على الرغم من عدم وجود أساس لها في الواقع.
نظريات حول "الرجل الأرنب" الحقيقي
طرحت فرقة موسيقية تُدعى "Mantua Finials" في منطقة فرجينيا الشمالية عام 2014، أوبرا من موسيقى الروك في 3 أسطوانات حول أسطورة الرجل الأرنب.
تحيك أوبرا الروك، التي كتبها عضوا الفرقة جيم ووترز وكريس بيلر، الواقع بالفلكلور لتخبرنا بالحكاية وراء هذه الأسطورة.
ولدى ووترز، الذي نشأ في فرجينيا الشمالية، نظرياته الخاصة بشأن الرجل الأرنب.
فقال لصحيفة The Washington Post الأمريكية: "كانت هناك بعض العِزَب في الأراضي المجاورة لتقسيم كينغز بارك ويست، وهي منطقة كانت تُبنى آنذاك. ويبدو بالنسبة لي أنَّ هنالك احتمالية بأن يكون الرجل الأرنب هو أحد أولئك الأطفال الذين كانوا يعيشون بواحدةٍ من تلك العِزَب القديمة".
وأضاف: "لا أحد يحب بناء منطقة حديثة بجوار منزله مباشرةً، خصوصاً إذا كان المرء مولعاً بالغابات".
لكنَّ الضابط دبليو إل جونسون في إدارة شرطة مقاطعة فيرفاكس -والذي حقق في قضية الرجل الأرنب عام 1970 حين ورد أول البلاغات- ليس متأكداً مما إذا كان الرجل الأرنب قد تواجد فعلاً على الإطلاق.
وكتب جونسون في تقريره عن القضية: "بعد تحقيق مطول جداً في هذه القضية وكل القضايا الأخرى بهذه الطبيعة نفسها، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان هناك بالفعل أرنب أبيض أم لا".
وأضاف: "بعد إجراء مقابلة مع كل مَن يمكن أن يكون لديه علم بأيٍّ من هذه الحوادث بخصوص أرنب أبيض في هذه القضية، لم يُكشَف عن معلومات مهمة من شأنها أن تقود إلى هُوية الشخص أو الأشخاص الذين يتظاهرون بكونهم أرنباً أبيض".