الجرائم بحق أسرى الحرب في الصراع الأوكراني، أصبحت سمة واضحة للطرفين، رغم تركيز الدعاية الغربية على ما يرتكبه الجانب الروسي بالأكثر.
إذ لم تختلف الحرب في أوكرانيا، في كثير من الجوانب، عن غيرها من الحروب، وأحد أبرز هذه الجوانب هم أسرى الحرب. فقد أدى الصراع في أوكرانيا إلى وقوع آلاف الجنود من كلا الجانبين في أسر عدوهم. ويبدو أن كلاً من طرفي الحرب لا يرى الأسرى إلا وسيلة جديرة بالاستخدام في حربه، مهما كان هذا الاستخدام ينتهك القانون الدولي أو يغض الطرف عنه، حسبما ورد في تقرير لموقع The Conversation الأسترالي.
وتنص اتفاقيات جنيف على حماية الجنود بمجرد استسلامهم ومعاملتهم معاملة "أسرى الحرب"، ويستمر ذلك طوال مدة احتجاز الأسير. وما إن تنتهي الأعمال العدائية بين أطراف النزاع، يجب إعادة أسرى الحرب إلى أوطانهم دون تأخير، ما لم يُحتجزوا للمحاكمة أو كانوا يقضون عقوبات جنائية.
روسيا تستعد لمحاكمة أسرى الحرب الذين استسلموا بمدينة ماريوبول
على الجانب الروسي، فإن المنافذ الإخبارية المؤيِّدة للكرملين نشرت مقاطع فيديو عديدة تتضمن انتهاكات لحقوق أسرى الحرب، وتُظهر إجبارهم على خلع ملابسهم والكشف عن وشوم أجسادهم. ووردت تقارير عن مقتل أسرى أوكرانيين على أيدي قادة القوات المتمردة في جمهورية دونيتسك الشعبية.
وزعمت روسيا في مايو/أيار أنها أسرت ما يقرب من 2500 جندي أوكراني في مجمع "آزوف ستال" الأوكراني لصناعة الصلب بمدينة ماريوبول، بعد دفاع مستميت عن المنطقة أطول مدة ممكنة.
ونقلت وكالة Tass الحكومية الروسية عن دينيس بوشِلين، زعيم المتمردين في جمهورية دونيتسك الشعبية، قوله إن الجنود الأوكرانيين الذين استسلموا في آزوفستال سيواجهون محاكمة دولية.
قبل استسلام القوات الأوكرانية في ماريوبول، قال الميجور جنرال إيغور كوناشينكوف، المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، في لقاء مع صحيفة The Guardian البريطانية: "هؤلاء النازيون في كتيبة آزوف هم من ارتكبوا طيلة ثماني سنوات جرائم الإبادة الجماعية ضد السكان المدنيين في جمهوريتي دونيتسك ولوغانساك، عمداً وبوحشية لا مثيل لها".
وصف فياتشيسلاف فولودين، رئيس مجلس الدوما (البرلمان) الروسي، مقاتلي ماريوبول الأسرى بـ"النازيين" و"مجرمي الحرب" الذين ينبغي محاكمتهم. وطلبت وزارة العدل الروسية من المحكمة العليا إعلان كتيبة آزوف "منظمة إرهابية"، وهو ما يشي بنيَّةِ روسيا محاكمتهم وإعدام مجموعة كبيرة منهم.
وأدان مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي حكم الإعدام الصادر على ثلاثة مقاتلين أجانب في أوكرانيا من قبل محكمة في جمهورية دونيتسك الشعبية الانفصالية التابعة لروسيا، وقالت المتحدثة باسم المفوضية رافينا شامداساني: "مثل هذه المحاكمات ضد أسرى الحرب ترقى إلى مستوى جريمة حرب".
ماذا عن معاملة الأسرى في الجانب الأوكراني؟
زعمت السلطات الأوكرانية أنها لن تسمح بإساءة معاملة أسرى الحرب الروس، وأنها ستُعامل الأسرى لديها معاملة إنسانية. وأشارت تقارير إلى أن أوكرانيا أذِنت لأسرى الحرب الروس بمكالمة ذويهم، والتحدث إليهم عن أحوالهم ومطالبهم. وأنشأت أوكرانيا خطَّ اتصال ساخناً للعائلات الروسية للاستعلام عن أبنائها المفقودين.
ربما أشار ذلك إلى أن الأوكرانيين ينوون التزام القواعد والقوانين الدولية في معاملة أسرى الحرب، لكن الواقع شهد بأن الجانب الأوكراني ارتكب أيضاً انتهاكات بحق أسراه، والأمثلة على ذلك عديدة: فقد عقدت السلطات الأوكرانية مؤتمرات صحفية أجبرت فيها أسرى الحرب الروس على الحديث عن أفعالهم خلال الغزو العسكري.
وعلى خلاف المعهود، قررت السلطات الأوكرانية محاكمة بعض الجنود الروس الأسرى الذين اتهمتهم بارتكاب جرائم حرب، هذا والحرب ما زالت جارية. والمحاكمات القضائية من هذا النوع مسموح بها، إلا أنه من غير المألوف إجراء مثل هذه المحاكمات والحرب لم تنتهِ بعد.
وتضمنت مقاطع الفيديو التي نشرتها أوكرانيا لقواتها على وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل مشاهد تُظهر الجنود الروس الأسرى يُهانون ويُجبرون على ذكر أسمائهم وبياناتهم، مثل عناوين منازلهم وأسماء آبائهم.
هذه الإجراءات تنطوي على انتهاك لحقوق أسرى الحرب المنصوص عليها في المادة 13 من "اتفاقية جنيف الثالثة"، حتى إن كان المقصود منها تسليط الضوء على الفظائع التي ارتكبتها القوات الروسية في أوكرانيا.
عرض الأسرى على شاشات التلفاز انتهاك للاتفاقيات الدولية
لا يمكن التغاضي عن أن سماح أوكرانيا لأسرى الحرب الروس بالاتصال بأهاليهم يأتي في إطار أهداف دعائية ليمثلوا ضغطاً على الحكومة الروسية لإنهاء الحرب.
وقالت منظمة العفو الدولية إنه يجب حماية أسرى الحرب من فضول الجمهور بموجب اتفاقية جنيف، مشيرة إلى أن السلطات الأوكرانية أحضرت أسرى حرب روس إلى مؤتمرات صحفية لمناقشة أدوارهم في الغزو العسكري لأوكرانيا، وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي جنوداً أسرى يتواصلون مع أفراد عائلاتهم في روسيا، كما ظهرت مقاطع فيديو لجنود أوكرانيين أسرى على وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من أنه لم يتضح بعد ما إذا كان لها عقوبات رسمية.
وقالت جوان مارينر، مديرة برنامج الاستجابة للأزمات بمنظمة العفو الدولية: "إن أي ظهور علني يمكن أن يعرِّض أسرى الحرب للخطر عند إعادتهم إلى وطنهم، كما أنه يمثل مشكلة لعائلاتهم أثناء احتجازهم".
وأضافت "تنص المادة 13 من اتفاقية جنيف الثالثة صراحة على وجوب حماية أسرى الحرب في جميع الأوقات، ولا سيما من فضول الجمهور. ومن واجب السلطة المحتجزة لهم ضمان احترام حقوق هؤلاء السجناء بشكل صحيح منذ لحظة القبض عليهم".
وأشارت "العفو الدولية" إلى أن التعليق المعتمد من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر يحدد أن "أي مواد تمكن من التعرف على الأفراد من السجناء يجب أن تُعتبر عادة على أنها تعرضهم لفضول الجمهور، وبالتالي لا يجوز نقلها أو نشرها أو بثها".
هيومان رايتس واتش تتهم كييف بجرائم بحق أسرى الحرب
وتعرض الجيش الأوكراني لاتهامات بارتكاب جرائم بحق أسرى الحرب، على أنه على الرغم من تأكيد وسائل الإعلام الغربية أنها على نطاق وخطورة أقل من تلك التي اتهمت بها القوات الروسية التي تحتل الأراضي الأوكرانية.
ونشر موقع "بي بي سي"، في 23 مارس/آذار 2022، تقريراً حول فرار "العشرات" من المقاتلين الأجانب من ساحات الحرب في أوكرانيا ضد القوات الروسية، تضمن شهادات بعضٍ منهم التقتهم "بي بي سي" في بولندا، أوضحوا أنهم تلقوا "أوامر من القوات الأوكرانية بخصوص التعامل مع أسرى الحرب الروس".
وكانت هناك تقارير عن جرائم حرب ارتكبتها القوات الأوكرانية أثناء سعيها لصد غزو روسيا واحتلالها للأراضي الأوكرانية، حيث قدمت منظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية، غير الحكومية، على سبيل المثال، أدلة على تعرض أسرى حرب روس للضرب وإطلاق النار على أيدي القوات الأوكرانية. قبل الغزو الروسي، قرر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أيضاً أن القوات الحكومية الأوكرانية ارتكبت جرائم ضد الجنود الروس والجنود المدعومين من روسيا، وإن كانت أقل خطورة من تلك التي ارتكبها نظرائهم.
وتُظهر مقاطع فيديو موثقة قيام جنود أوكرانيين بإعدام أسرى حرب روس. ووعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بتقديم المسؤولين عن ذلك إلى العدالة، لكن بعض المسؤولين كانوا أكثر غموضاً في التعامل مع هذه الاتهامات.
فهناك عدة مقاطع فيديو تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي منذ 27 مارس/آذار، صوَّرها جنود أوكرانيون، تُظهر إعدامهم لأسرى حرب روس أو التسبب في إصابتهم.
ففي مقطع فيديو تم تصويره بالقرب من حظيرة للطائرات، أطلق الجنود النار من مسافة قريبة على أرجل ثلاثة جنود وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم، وكانوا يرتدون شارة بيضاء تحدد هوية القوات الروسية.
وقالت أوكرانيا إنها فتحت تحقيقاً في مزاعم تعرض سجناء روس للتعذيب بعد نشر فيديو مثير للاشمئزاز تمت مشاركته على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.
في الفيديو، يبدو أن ثلاثة جنود روس على الأقل أصيبوا برصاصة في الساقين بعد اعتقالهم، وبعضهم أجبر على حمل أكياس بيضاء على رؤوسهم، ويفقد أحدهم الوعي وقد يكون حتى مات.
وزُعم أن "التعذيب" وقع في قرية أولخوفكا (فيلكيفكا) في الضواحي الشرقية لخاركيف.
في مقطع فيديو آخر أطول يصور حادثة منفصلة. يقع المشهد بعد كمين نصب له على طريق ريفي، أربع جثث مرتدية ملابس مموهة بشرائط بيضاء، ملقاة على
الطريق، ثم صدر صوت تنفس من إحدى الجثث تبدو لجندي فاقد للوعي ويصدر أصوات شخير عالية، ورأسه مخفي تحت ياقة سترته..
الصوت جذب انتباه الجنود الأوكرانيين المنتصرين في المعركة، يقول أحدهم "إنه لا يزال على قيد الحياة، اللعنة!"، ثم أُطلقت رصاصتان من طراز كلاشينكوف على صدره، ومع ذلك يستمر صوت الجندي المصاب، فيُسمع صوت رصاصة ثالثة وبعدها يتوقف صوت التنفس. ثم تدور الكاميرا وتظهر ثلاثة وجوه يمكن التعرف عليها بوضوح.
استناداً إلى مقاطع الفيديو هذه، أعربت منظمة هيومان رايتس ووتش غير الحكومية عن قلقها بشأن ما يبدو أنه "إساءة معاملة أسرى الحرب الروس بينهم ثلاثة تعرضوا لإطلاق نار على أرجلهم"، وطلبت إجراء تحقيق. وقال آيسلينغ ريدي، المستشار القانوني لمنظمة هيومن رايتس ووتش: "ينبغي أن يكون من الممكن التحقق مما إذا كانت الانتهاكات قد حدثت، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة".
لماذا يبدو صعباً اتهام أوكرانيا بانتهاك حقوق أسرى الحرب الروس؟
تجد الدول والمنظمات الدولية صعوبة في التحقيق مع وملاحقة الأطراف التي تعتقد أنها في الجانب "الصالح" من الحرب، لا سيما في حالة النزاعات الجارية، حسبما ورد في تقرير لموقع الجزيرة الإنجليزي.
المحكمة الجنائية الدولية، على سبيل المثال، تميل فقط إلى التحقيق والملاحقة القضائية لأحد أطراف النزاع.
تاريخياً، اختار المدعي العام بالمحكمة أحد الأطراف ليحقق في جرائم أعدائه دون الآخر، وغالباً ما يكون هذا الطرف الجانب الفائز أو الذي تدعمه القوى الغربية.
في أوكرانيا، كان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان حريصاً على إظهار تضامنه مع أوكرانيا، وسافر إلى البلاد وظهر مع المسؤولين الحكوميين، بما في ذلك الرئيس فولوديمير زيلينسكي، بينما أشار إلى أن روسيا رفضت التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. كما أظهر اهتمامه الشديد بالعمل مع القوى الغربية التي تحقق في الفظائع الروسية والتي خصصت أموالاً للتحقيق في جرائم موسكو المزعومة.
ويبدو أن زخم العدالة يزداد مع الدول القوية أو حلفاء الغرب.
انحياز المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لأوكرانيا والقوى الغربية يثير قلق بعض مؤيدي المحكمة، وأدى هذا لانتقادات وجهت للمحكمة من قبل نشطاء، فعلى سبيل المثال، قالت الخبيرة القانونية والناشطة سيلين بارديت: "نحن لسنا أسلحة حرب".
وأضافت أن "الحرب في أوكرانيا، تنطوي على مخاطر أن تدفع المحكمة الجنائية الدولية ثمناً باهظاً، على المديين المتوسط أو الطويل، لعدم وضع ضمانات واضحة ضد ما يُنظر إليه على أنها تتحول لأداة من قبل جانب واحد".
وتقول سيلين بارديت منذ الأيام الأولى للنزاع، شنت أوكرانيا هجوماً قانونياً، بينما "حملت المحكمة الجنائية الدولية السلاح" إلى جانب أوكرانيا. وتتذكر سيلين بارديت السابقة التاريخية لليبيا وتحذر من قدرة المحكمة الجنائية الدولية والعدالة الأوكرانية من عدم وضع ضمانات واضحة من أجل الحكم باستقلال كامل في أوقات الحرب.
قلة هم الذين يعتقدون أن المحكمة الجنائية الدولية سوف تقدم مزاعم ضد الجنود أو السلطات الأوكرانية، حتى لو تبين أن القيام بذلك له ما يبرره، حسبما يقول
مارك كيرستن المستشار في مؤسسة وايامو وزميل في مدرسة مونك للشؤون العالمية بجامعة تورنتو الكندية في مقال نشره موقع الجزيرة باللغة الإنجليزية.
واللافت أنه بعد أسابيع فقط من اندلاع الحرب الأوكرانية، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بشأن حرب عام 2008 في جورجيا، بعد مرور نحو 14 عاماً على هذه الحرب.
وعلى الرغم من مزاعم الفظائع التي ارتكبت من جميع أطراف ذلك الصراع، فإن كل مذكرات التوقيف الصادرة عن الجنائية الدولية كانت بحق مسؤولين جمهورية أوسيتيا الجنوبية المدعومة من روسيا، وليس من الجانب الجورجي المدعوم من الغرب.
هل تطلق أوكرانيا تحقيقات نزيهة بشأن جرائم جنودها؟
منذ وقت ليس ببعيد، اعترفت المدعية العامة في أوكرانيا إريانا فينيديكتوفا بأن الفساد قوض بشدة الثقة في النظام القضائي الأوكراني.
ولذا فإن إطلاق تحقيقات حقيقية وشفافة في جرائم الحرب المزعومة لقواتها من شأنه أن يرسل إشارة قوية إلى المواطنين الأوكرانيين وغيرهم مفادها أن كييف ليس لديها ما تخفيه وأن التزامها بالعدالة كلي وليس جزئياً.
تقول كييف إن مواطنيها ضحايا للعدوان والفظائع الروسية. كما سعت إلى إظهار نفسها على أنها الطرف الوحيد في الحرب الذي يدافع ويتصرف وفقاً للقانون الدولي. وهذا يعني إجراء تحقيق نزيه ومستقل في جميع الفظائع المزعومة بما في ذلك التي ارتكبها جنودها، وليس فقط تلك التي ارتكبها أعداؤها.
يمكن أن يظهر القضاء الأوكراني أن لديه الاستعداد والقدرة على التعامل مع القضايا المعقدة، بما في ذلك تلك الخاصة بضباطه، قد يكون لذلك تأثيرات مهمة على مفاوضات السلام المحتملة، والمصالحة بعد الحرب، ويعيد ثقة المواطنين الأوكرانيين في الحكومة والقضاء، وجهود البلاد بعد الصراع لإعادة البناء، ويساعد على دعم رغبة كييف للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
تاريخ التعامل مع حقوق أسرى الحرب
تحتكم النزاعات المسلحة إلى مجموعة من المعاهدات والاتفاقيات التي تنظِّمها وتقر قواعد لها، ومن أبرزها اتفاقيات لاهاي واتفاقيات جنيف.
والغرض الذي حمل دول العالم على اللجوء إلى هذه المعاهدات هو الحد من وطأة الفظائع التي تشهدها الحروب، ومن أهم الوسائل التي استعان بها على ذلك هو وضع القواعد التي تحفظ حقوق المدنيين وأسرى الحرب.
أسفرت الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية عن وقوع ملايين الجنود أسرى تحت أيدي أعدائهم، وتباينت معاملة هؤلاء الأسرى تبايناً شديداً، فقد قُتل بعضهم على الفور، وتعرض آخرون لسوء المعاملة، وتعرضت فئة ثالثة للتجويع، ورابعة للاستغلال بالعمل القسري، وغير ذلك من الانتهاكات.
وشاع في النزاعات التي وقعت خلال العقود قريبة العهد بنا، مثل الحرب في العراق وسوريا، انتهاكات متكررة لاتفاقيات جنيف، أبرزها استهداف المدنيين بالقصف العشوائي وتجاهل الأحكام المنظِّمة للتعامل مع أسرى الحرب. وعلى الرغم من دعاوى القوات الغربية بأنها لا تستهدف إلا المقاتلين وأنها تعامل السجناء معاملة إنسانية، فقد وقعت انتهاكات، وظهر بعضها إلى العلن، مثل جرائم سجن "أبو غريب" العراقي التي انتهت قضيتها بإدانة 11 جندياً أمريكياً بإساءة معاملة السجناء العراقيين.
وقعت كل من روسيا وأوكرانيا على قواعد القانون الإنساني الدولي الواردة في اتفاقيات جنيف الأربع (1949)، والبروتوكول الإضافي لعام 1977 المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة. وتحظر هذه القواعد تعذيب أسرى الحرب، وتفرض على أطراف النزاع حمايتهم من العنف والإهانة والتعرض لفضول الجمهور.
يقول موقع The Conversation الأسترالي ينبغي ألا يكون احتجاز أسرى الحرب عقوبة لهم، بل وسيلة للحد من مشاركتهم في الأعمال العدائية. ويجب إطلاق سراحهم بمجرد انتهاء النزاع المسلح. ومع ذلك، يجوز محاكمة أسرى الحرب على جرائم الحرب، أي الأفعال التي تنتهك القوانين الإنسانية الدولية المتعلقة بالنزاعات المسلحة انتهاكاً واضحاً.
الخلاصة أن معاملة أسرى الحرب أصبحت سلاحاً آخر في الحرب الدعائية الجارية بين روسيا وأوكرانيا، ومع ذلك فهي ليست إلا ملمحاً آخر من ملامح استمرار هذه الحرب في انتهاك القواعد والأعراف الدولية.