أعلنت الجزائر، الأربعاء 8 يونيو/حزيران، التعليق الفوري لما يُعرف بـ"معاهدة الصداقة وحسن الجوار" والتعاون مع إسبانيا، بالإضافة إلى حظر كل الواردات منها، وذلك على خلفية تدهور العلاقات بين الدولتين، منذ أن أعلنت الحكومة الإسبانية دعم المغرب في قضية إقليم الصحراء. فيما أعلنت مدريد من جانبها عن "أسفها" على القرار الجزائري، مضيفة أنه "ستكون هناك استجابة مناسبة لإلغاء المعاهدة الثنائية، وسنكون حازمين في الدفاع عن مصالحنا الوطنية ومصالح شركاتنا". فما هي معاهدة الصداقة هذه، وعلامَ تنص؟
ما هي معاهدة الصداقة وحسن الجوار بين الجزائر وإسبانيا؟
أُبرمت معاهدة الصداقة الإسبانية- الجزائرية، في أكتوبر/تشرين الأول 2002، في مدريد، وتنصّ بشكل أساسي على تعزيز الحوار السياسي بين البلدين على جميع المستويات، وتطوير التعاون في المجالات الاقتصادية والمالية والتعليمية والدفاعية، وبموجب تعليقها اليوم سيتم تعليق جميع البنود التالية التي تنص عليها المعاهدة:
1- تدور محاور المعاهدة المكونة من 15 مادة حول احترام القانون الدولي، والمساواة في السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للطرفين، وكذلك الامتناع عن اللجوء إلى القوة، أو التهديد باستخدامها عند أي خلاف، ثم تسوية المنازعات بالوسائل السلمية، والتعاون من أجل التنمية، بالإضافة إلى احترام البلدين لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للشعبين، والعمل على تنمية الحوار بينهما.
2- كما تُلزم المعاهدةُ الطرفين بتعزيز التعاون بين قواتهما المسلحة، مع إيلاء اهتمام خاص لتبادل الوفود، وعقد دورات التدريب والتحسين، وتنظيم التدريبات المشتركة.
3- كما تنص على تنفيذ برامج مشتركة للبحث والتطوير وإنتاج أنظمة الأسلحة والمواد والمعدات الدفاعية الموجهة لتغطية احتياجات الطرفين، من خلال تبادل المعلومات التقنية والتكنولوجية والصناعية.
4- كما قرَّر الطرفان بموجب هذه المعاهدة تعزيز مبدأ التعاون بينهما، من أجل تبادل الخبرات في مجالات المساعدة الإنسانية، وعمليات حفظ السلام.
5- تنص المعاهدة أيضاً على أن يعمل الطرفان، وفقاً للاتفاقيات والمواثيق الموقعة بينهما، على تعزيز وتقوية التعاون الاقتصادي والمالي، من أجل السعي إلى تنشيط وتحديث الاقتصاد الجزائري عبر تشجيع الاستثمارات المتبادلة.
6- وتنص الاتفاقية على عقد اجتماع رفيع المستوى، يجمع رئيسَي حكومتَي البلدين مرة بالعام، بالتناوب في إسبانيا والجزائر، وكذلك اجتماع وزاري يجمع وزيرَي خارجية البلدين مرة بالعام بالتناوب أيضاً.
7- بالإضافة إلى عقد مشاورات منتظمة بين وزيرَي الخارجية، والأمين العام، ومديري العموم لوزارتي الخارجية في البلدين، والتشاور عند الضرورة بين الإدارات الوزارية الأخرى ومؤسسات الدولة في البلدين، من أجل تعزيز التنسيق والتعاون في جميع مجالات النشاط.
8- كما يتم تشجيع الاتصال والحوار بين المؤسسات البرلمانية والمنظمات المهنية والحركة النقابية وممثلي القطاع الخاص والجامعات والمؤسسات العلمية والثقافية في إسبانيا والجزائر.
خلفية الأزمة بين الجزائر ومدريد
على مدار عقود، تميّزت العلاقات الجزائرية الإسبانية بالهدوء، خاصة أن مدريد تعتمد بشكل كبير على الغاز الجزائري، ما جعلها بمنأى عن أزمة الغاز العالمية الناتجة عن غزو روسيا لأوكرانيا.
وزوّدت الجزائر إسبانيا بأكثر من 40% من الغاز الطبيعي الذي استوردته عام 2021، والذي يصل معظمه إليها عبر خط أنابيب الغاز العابر للبحر المتوسط "ميدغاز"، بطاقة 10 مليارات متر مكعب في السنة. ويزود هذا الأنبوب البرتغال أيضاً.
وحتى أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، كانت إسبانيا والبرتغال تتلقيان قدراً من الغاز الجزائري عبر خط أنابيب يعبر المغرب، لكن الجزائر توقفت عن استخدامه بعد قطع العلاقات مع الرباط، في أغسطس/آب الماضي.
وتوترت العلاقات بين البلدين بعد أن صرّح وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، في 18 مارس/آذار الماضي، أمام الصحفيين في برشلونة، بأن إسبانيا "تعتبر أن مبادرة الحكم الذاتي المُقَدّمة في 2007 (من جانب المغرب) هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع"، بين الرباط وجبهة البوليساريو.
إثر ذلك استدعت الجزائر سفيرها في مدريد، ولوّحت بـ"حظر غازها" عن مدريد. وتعتبر الجزائر أن السلطات الإسبانية تبنَّت موقفها الجديد تجاه الصحراء الغربية في "انتهاك لالتزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية".
والأربعاء 8 يونيو/حزيران، قررت الجزائر "المضي قدماً في التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي أبرمتها مع إسبانيا"، وفقاً لرئاسة الجمهورية.
وأضافت الرئاسة الجزائرية أن "نفس هذه السلطات التي تتحمل مسؤولية التحول غير المبرر لموقفها، منذ تصريحات 18 مارس/آذار 2022، التي قدمت الحكومة الإسبانية الحالية من خلالها دعمها الكامل للصيغة غير القانونية وغير المشروعة للحكم الذاتي الداخلي، المقترحة من قِبل القوة المحتلة، تعمل على تكريس سياسة الأمر الواقع الاستعمارية، باستعمال مبررات زائفة".
وتابعت رئاسة الجمهورية: "إن موقف الحكومة الإسبانية يعتبر منافياً للشرعية الدولية، التي تفرضها عليها صفتها كقوة مديرة، ولجهود الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي الجديد للأمين العام، ويُسهم بشكل مباشر في تدهور الوضع في الصحراء الغربية وبالمنطقة قاطبة"، بحسب تعبيرها.