هل تساءلت من قبل إن كنت تؤمن بالخرافات أم لا؟ وهو الأمر المعروف في اللغة الإنجليزية بـ"tetra phobia"، ولنعرف حقيقة إن كنا نؤمن بالخرافات أو لا فعلينا أولاً أن نعرف ما الخرافة؟ وما سيساعد أكثر في الإجابة عن هذا السؤال هو معرفة بعض الخرافات الشائعة في مختلف بلاد العالم.
ربما نعتقد أن هذا سؤال بسيط يمكن الإجابة عنه بنعم أو لا، ولكن الأمر يقتضي التقصي قليلاً، لأنه بالتقصي سنكتشف أن الخرافات الشائعة تتحكم وتحدد الكثير من ثقافات الشعوب المختلفة.
الخرافة هي أسطورة أو قصة قصيرة ذات مغزى أخلاقي، يكون أشخاصها في الغالب من الوحوش أو الجمادات، أو يمكن أن تُعرف بأنها الأحاديث الباطلة التي لا يمكن تصديقها، فهي كل كلام لا صحة له.
ومعنى خرف المتكلم: أي أنه أتى بكلام ينكره العقل.
ومن بعض تلك الخرافات الشائعة في الوطن العربي: الغراب، يعتقد العرب أن الغراب مصدر شؤم، متناسين أنه المعلم الأول لبني آدم، حيث بعثه الله تعالى ليعلمهم العدل أولاً ثم الدفن، أما الغراب في اليابان فهو مصدر تفاؤل، حتى إن الغراب ثلاثي الأرجل هو شعار الاتحاد الياباني لكرة القدم، وفي شرق سلوفاكيا أيضاً يتخذ أعرق نادٍ فيها الغربان مسمىً للنادي، لأنها تحلق فوق المدينة وتسيطر عليها من الأعلى.
قص الأظافر ليلاً في روسيا أو إلقاء القمامة ليلاً يسبب الحظ العاثر.
أما الطرق على الخشب أو ملامسته فهي خرافة مصرية وروسية في الوقت نفسه لطرد الحسد. وفي سويسرا يفعلونها لتفادي حدوث مكروه.
الحذاء المقلوب يجلب النحس أيضاً عند أهل مصر. ولا ننسى أن الناس في مصر يؤمنون أيضاً بأن الرقم 13 هو رقم نحس، ولا يحبون أن ترى العروس اللون البنفسجي في الصباحية، لأنه نذير بعلاقة زوجية غير سوية.
أما الحكة في راحة اليد اليمنى فتعني أن الشخص سيُرزق بمبلغ من المال، وإن كانت في راحة اليد اليسرى فهو خبر سيئ.
وفي روسيا أيضاً يؤمنون بأن الصفير في الأماكن المغلقة يجلب الحظ السيئ. كما أن تبادل المال في الليل هو نذير شؤم، ناهيك عن أن وضع القبعة على السرير في إيطاليا أمر ممنوع، لأنه دلالة على الموت. وفي روسيا ودول البلقان يؤمنون بأن رش الملح في البيت الجديد يجلب الحظ السعيد، كما يتشاءمون من مرور المكنسة فوق قدم الأعزب، فهذا يطيل من زمن عزوبيته.
ورؤية قطة سوداء هو آخر أمر غير مبشر في سويسرا والتشيك، وربما يشترك العرب معهم في ذلك أيضاً لأنه يرتبط بالأرواح الشريرة.
أما في الصين فالخرافات متعددة ومتنوعة، عقائدية واجتماعية ونفسية. فلو درست في الصين أو قرأت عن الخرافات في الصين ستتأكد من أن معظم الصينيين لديهم رهاب من الرقم 4.
ولكن لماذا الخوف من رقم 4 تحديداً؟ الإجابة لأن الرقم 4 بنغمته عند النطق يشابه جداً لفظ موت، فرقم 4 بالصينية يعني سي بالنغمة الرابعة، وكلمة موت تعني سي بنغمتها الثالثة، لذلك لا نجد هذا الرقم في مصاعد أو أدوار المباني، وإن وجد الدور الرابع فعادة ما يكون معداً للتخزين فقط وليس للسكن، لكن الصينيين يتعدون الأمر مع الرقم 4 لما بعد ذلك.
فهم لا يخافون من السكن في الدور الرابع فقط، بل لا يحددون موعداً في الساعة الرابعة، أو الزواج في اليوم الرابع أو الشهر الرابع، حتى إن أرقام هواتفهم لا يمكن أن تنتهي بالرقم 4، والأدهى من ذلك أن لوحات الأرقام في سياراتهم لا يمكن أن تحمل الرقم 4.
كما يخاف الصينيون أيضاً من الرقم 7، لأنه يتشابه في نطقه مع كلمة الغضب.
أما منتهى السعادة عندهم فيتجلى في إمكانية تحديد موعد الزواج في يوم ينتهي رقمه بالرقم 8، لأنه يعنى الازدهار؛ لذلك ربما وجدت لوحة سيارة 888 أغلى من السيارة نفسها، لأنها تعد خيالاً. ولا يتوقف الأمر هنا، بل إن كل رقم في الأرقام الصينية لديه معنى مختلف ودلالة معينة، بين الحب والوحشة والغضب والموت والازدهار والنماء والثراء، لكن المقام لا يتسع هنا لذكر كل ذلك.
ولا ننسى أن اليابانيين يتفاءلون جداً بشراء شوكولاتة كيت كات قبل اجتماعهم، لأن كيتو كاتشو تعني باليابانية: الانتصار بلا خسارة.
الأمر بالنسبة لي لا يعني إلا مثل قصة الفتاة التي تزوجت، فكانت تقطع رأس السمكة وذيلها عند طهيها، فسألها زوجها لماذا تفعلين ذلك؟ فقالت: لأني رأيت أمي تفعل الشيء نفسه، ولما سأل أم زوجته قالت: إنها أخذت ذلك عن والدتها أيضاً دون معرفة السبب، وحمداً لله أن الجدة كانت لا تزال على قيد الحياة، فلما سألوها لماذا كنتِ تفعلين ذلك؟ قالت: لأنه كانت لديّ مقلاة صغيرة لقلي السمك، فكان لا بد أن أقطع الرأس والذيل لتكفي جسم السمكة. أما الناس حالياً فما زالوا يقطعونهما حتى مع وجود مقلاة كبيرة تتسع للسمكة بأكملها، وهذا هو الاتباع الأعمى.
لذلك وددت أن أقول لو أنك تعاني من الإيمان بالخرافات فأنت لست وحدك، لكنه سيكون من المهم جداً لو شاركتنا بعض ما تؤمن به في التعليقات مع إظهار السبب، فإذا عُرف السبب بطُل العجب.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.