"الصين تخطط لخيار تدمير أقمار ستارلينك الصناعية الشهيرة التابعة للملياردير الأمريكي إيلون"، هذا ما كشفته ورقة بحثية صينية، فلماذا ترى بكين في هذه الأقمار خطراََ شديداً عليها، وما هي خططها المحتملة لتدميرها؟
وقال باحثون عسكريون صينيون إن البلاد بحاجة إلى أن تكون قادرة على تعطيل أو تدمير أقمار ستارلينك الصناعية التابعة لشركة سبيس إكس إذا كانت تهدد الأمن القومي الصيني.
ويشعر الباحثون العسكريون الصينيون بالقلق إزاء التهديد المحتمل الذي تشكله أقمار ستارلينك الصناعية Starlink، وحثوا حكومتهم على تطوير طرق لتدميرها أو تعطيلها، وتأتي هذه الأخبار بعد فترة وجيزة من تهديد الرئيس التنفيذي إيلون ماسك، من قبل رئيس وكالة الفضاء الروسية روسكوزموس، بسبب محطات ستارلينك التي تم إرسالها لمساعدة أوكرانيا.
وفقاً لورقة نُشرت الشهر الماضي في مجلة علمية صينية، تحتاج بكين إلى تطوير قدرات مضادة للأقمار الصناعية، وضمن ذلك نظام مراقبة ذو نطاق وحساسية غير مسبوقَين لتتبُّع ومراقبة كل قمر صناعي من نوع Starlink، حسبما ورد في تقرير لموقع Business Insider الأمريكي.
وقالت الورقة التي نشرت في مجلة Modern Defense Technology الصينية والتي تمت مراجعتها من قبل النظراء، إنه "يجب اعتماد مزيج من أساليب القتل الناعم والصلب لجعل بعض أقمار Starlink الصناعية تفقد وظائفها وتدمير نظام تشغيلها".
وقاد الدراسة رين يوانزين، الباحث بمعهد بكين للتتبع والاتصالات السلكية واللاسلكية التابع لقوة الدعم الاستراتيجي للجيش الصيني، وشارك في إعدادها العديد من كبار العلماء في صناعة الدفاع الصينية، وفقاً لما نقلته مواقع أمريكية عن جريدة South China Morning Post الصينية المملوكة للملياردير الصيني جاك ما، مؤسس مجموعة علي بابا.
ما هو مشروع أقمار ستارلينك الصناعية؟
ومشروع أقمار ستارلينك الصناعية هو أكثر مشاريع اتصالات الأقمار الصناعية طموحاً على الإطلاق.
وتخطط شركة SpaceX الأمريكية لإحاطة الأرض بأقمار Starlink الصناعية وتوفير خدمة إنترنت عالمية عالية السرعة مع وقت استجابة منخفض.
وهي تتضمن نطاقاً عريضاً من خدمة إنترنت عالية السرعة- تُعرّف عادةً على أن قدرتها تبلغ 25 ميغابت في الثانية أو أسرع- يتم إرسالها عبر اتصالات الكابل أو DSL أو الألياف أو الأقمار الصناعية.
روسيا تهدد ماسك والصين تحتج رسمياً بشأن أقماره
ويتمتع إيلون ماسك مؤسس SpaceX وتيسلا بشعبية كبيرة في الصين كنموذج يحتذى به للابتكار، لكن الانتقادات الموجهة إلى ماسك وشركاته تزايدت بشكل ملحوظ؛ بعد اقتراب قمرين صناعيين من ستارلينك بشكل خطير من محطة الفضاء الصينية العام الماضي.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، اشتكت الصين إلى مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي بشأن مزاعم بأن قمراً صناعياً من نوع Starlink كاد يصيب محطتها الفضائية.
وبعد أن تعرض إيلون ماسك للتهديد من قبل ديمتري روغزين، رئيس وكالة الفضاء الروسية Roscosmos، بسبب محطات Starlink التي استخدمها لمساعدة أوكرانيا ضد القوات الروسية، غرد ماسك قائلاً: "إذا مت في ظروف غامضة، فقد كان من الجيد معرفة ذلك".
وقالت الصحيفة الرسمية للجيش الصيني مؤخراً، إن المجتمع الدولي يجب أن يكون في حالة تأهب قصوى للسيطرة المحتملة للقوات المسلحة الأمريكية على الفضاء الخارجي عبر نظام الإنترنت الذي يبث عبر أقمار ستارلينك الصناعية، حسبما ورد في تقرير لصحيفة South China Morning Post.
وتقول الورقة إنه "في حين أن أقمار ستارلينك الصناعية مزدهرة ولكن أيضاً بسبب إمكاناتها الهائلة للتطبيق الشامل، فقد جلبت أخطاراً وتحديات خفية لبلدنا"، "يجب اعتماد مجموعة من أساليب القتل الناعم والصلب لجعل بعض أقمار ستارلينك الصناعية تفقد وظائفها وتدمير نظام تشغيل الكوكبة".
لماذا تريد الصين تدمير أقمار ستارلينك رغم شعبية "ماسك" الكبيرة هناك؟
وقد يكون سبب تفكير الصين في تدمير أقمار ستارلينك هو توقيع شركة SpaceX التابعة لـ"ماسك" عقداً مع وزارة الدفاع الأمريكية لتطوير تقنية جديدة تعتمد على منصة ستارلينك، وضمن ذلك الأدوات الحساسة القادرة على اكتشاف وتعقّب الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت والتي تسافر بسرعة خمسة أضعاف سرعة الصوت وحتى أسرع في الغلاف الجوي للأرض.
ومن المعروف أن الصين قطعت شوطاً طويلاً في مجال الصواريخ والمركبات فرط صوتية وأنها هي وروسيا قد تفوقتا على أمريكا في هذا المجال تحديداً.
وبعض التطبيقات العسكرية المحتملة لـStarlink التي توقعها الباحثون الصينيون، تشمل السماح للطائرات المسيرة والطائرات المقاتلة الشبحية بزيادة سرعات نقل البيانات بأكثر من 100 مرة.
ويحتمل أن أقمار ستارلينك الصناعية قادرة أيضاً على أن توفر اتصالاً عبر الإنترنت للقوات الأمريكية في ميادين، وأن تدمر أهدافاً عالية القيمة في الفضاء باستخدام محركات الدفع الأيونية، وتحمل حمولات عسكرية، وفقاً للصحيفة.
إذ تم تجهيز أقمار ستارلينك أيضاً بدوافع أيونية تسمح لها بتغيير المدارات بسرعة للقيام بحركة هجومية ضد أهداف عالية القيمة في الفضاء، وفقاً لفريق رين.
والدوافع الأيونية هي محركات ذات قوة هائلة واستهلاك طاقة قليل، تستخدم لتوجيه المركبات الفضائية والحفاظ وتغيير مدار الأقمار الصناعية.
نظام غير قابل للتدمير
مع وجود أكثر من 2300 قمر صناعي في الفضاء، يُعتقد عموماً أن نظام ستارلينك غير قابل للتدمير بالطرق المعروفة حالياً، لأن النظام يمكنه الحفاظ على الأداء السليم بعد فقدان بعض الأقمار الصناعية.
وفقاً للباحث الصيني رين وزملائه، فإن النطاق غير المسبوق والتعقيد والمرونة التي تتمتع بها أقمار ستارلينك ستجبر الجيش الصيني على تطوير قدرات جديدة مضادة للأقمار الصناعية.
وقالوا إن الجيش الصيني يحتاج بالتالي إلى ترقية أنظمة المراقبة الفضائية الحالية؛ للحصول على صور فائقة الوضوح لهذه الأقمار الصناعية الصغيرة لتحديد الميزات غير العادية بها.
ولكن الصين لديها خطة بديلة لاستهدافه
ويقول الباحث الصيني رين إن بكين بحاجة إلى تكييف استراتيجياتها العسكرية لمواجهة أقمار ستارلينك الصناعية. وهي تعمل على تطوير تقنيات مضادة للأقمار الصناعية بالفعل مثل أفران الميكروويف التي يمكنها التشويش على اتصالات الأقمار الصناعية أو حرق مكوناتها، كما طور العلماء الصينيون ليزر لإتلاف الأقمار الصناعية أو تعميتها، وهي تقنيات تعمل الصين على تطويرها بالفعل ووفقاً للمعلومات المتاحة علناً.
كما تعمل بكين على تطوير أقمار نانوية يمكن إطلاقها بأعداد ضخمة لتعطيل الأقمار الصناعية الأكبر حجماً، وأسلحة إلكترونية لاختراق شبكة الاتصالات عبر الأقمار الصناعية.
كما قد يكون من الممكن إطلاق أقمار صناعية تحمل حمولات عسكرية وسط مجموعة من سفن ستارلينك التجارية، على حد قولهم.
ولكن رين استبعد استخدام الصواريخ بالنظر إلى الحطام الذي ستنتجه هذه الطريقة، خاصة في ظل عدد أقمار ستارلينك الصناعية الضخم الذي يبلغ حالياً أكثر من 2000، مع خطط للتوسع إلى أكثر من 30000 قمر.
إذ قال إن الصين أظهرت أيضاً قدرتها على تدمير قمر صناعي بصاروخ، لكن هذه الطريقة يمكن أن تنتج كمية كبيرة من الحطام الفضائي، وفي مواجهة نظام يتكون من العديد من الأقمار الصناعية الصغيرة منخفضة التكلفة نسبياً، فإن التكلفة ستكون باهظة للغاية.
ولم ترد شركة سبيس إكس التي يترأسها ماسك الذي يعد أغنى رجل في العالم، على طلب للتعليق، حسب موقع Business Insider.
وقال عالم فضاء مقيم في بكين، طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية القضية، إن الورقة قد تكون أول دعوة مفتوحة إلى شن هجوم على أقمار ستارلينك الصناعية من الصين، حسب الموقع الأمريكي.
وأضاف العالم الصيني: "إن ذلك لم يكن مفاجأة بالكامل، بالنظر إلى التوتر المتزايد بين بكين وواشنطن، لكن الرأي السائد في الصين، على حد علمي، هو أن إجراءاتنا المضادة يجب أن تكون إيجابية وليست مدمرة، وهذا يعني بناء شبكات الأقمار الصناعية الخاصة بنا للعمال في مجال الإنترنت".
الصين تطور نظاماً منافساً لأقمار ستارلينك
وأطلقت الصين مشروعاً مشابهاً يُعرف باسم Xing Wang StarNet، لتوفير الوصول إلى الإنترنت على نطاق عالمي.
وسيحتوي نظام StarNet الصيني على بضع مئات من الأقمار الصناعية فقط، ولكنه سيحقق أداءً عالياً من خلال الاتصال بالأقمار الصناعية الصينية الأخرى.
ووفقاً للسلطات الصينية، يفترض أن يشكل هذا النظام بنية تحتية للمعلومات عالية السرعة وقوية ومرنة، مع أحدث التقنيات مثل الاتصال بالليزر والذكاء الاصطناعي.