قبل أيام ذكرت صحيفة The Wall Street Journal أنَّ إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تدرس إرسال قوات خاصة لحراسة السفارة الأمريكية في العاصمة الأوكرانية، كييف، مع عودة طاقم من الدبلوماسيين إلى العمل هناك.
فهل هذه هي الخطوة الأولى نحو نشر القوات الأمريكية في قتال مباشر في أوكرانيا، أم محاولة حقيقية لتأمين مهمة دبلوماسية مستمرة؟ كما يتساءل موقع Responsible Statecraft الأمريكي.
استجوب السيناتور توم كوتون، السبت 28 مايو/أيار، الجنرال كريستوفر كافولي، المرشح لمواصلة منصب قائد القيادة الأمريكية الأوروبية والقائد الأعلى للحلفاء في أوروبا، بشأن هذه المسألة بالذات. لكن كافولي رفض التعليق على إمكانية استخدام قوات خاصة لحراسة السفارة، لكنه أضاف أنَّ مشاة البحرية الأمريكية لا يؤدون هذه المهمة حالياً.
إذاً، من يحمي الدبلوماسيين الأمريكيين عادةً؟
عادةً ما يتولى حراس الأمن البحري الأمريكي حراسة البعثات الدبلوماسية الأمريكية في جميع أنحاء العالم ويشرف على هذا البرنامج مدير خدمة الأمن الدبلوماسي بوزارة الخارجية.
وفي عام 2012، هاجم مسلحون مرفق المهام المؤقتة التابع لوزارة الخارجية في بنغازي بليبيا؛ مما أسفر عن مقتل السفير كريستوفر ستيفنز وضابط وزارة الخارجية شون سميث ومقاولي وكالة المخابرات المركزية تيرون وودز وجلين دوهرتي.
وقد أدى ذلك إلى إنشاء وحدة تعزيز أمن حرس الأمن البحري لدعم حراس الأمن البحري خلال فترات الخطورة العالية.
وأعاد الدبلوماسيون الأمريكيون فتح سفارتهم في كييف في 8 مايو/أيار بعد مغادرتها قبل الهجوم الروسي لأوكرانيا في أواخر فبراير/شباط. وفي البداية، أفادت صحيفة The Wall Street Journal بأنَّ أعضاء قيادة العمليات الخاصة المشتركة رافقوا دبلوماسيين أمريكيين إلى كييف، لكنها صححت فيما بعد تلك التقارير باعتبارها غير دقيقة.
ولا يزال التساؤل بشأن أمن السفارة مفتوحاً وغير واضح. وعند سؤال السكرتير الصحفي للبنتاغون جون كيربي عن ذلك في 19 مايو/أيار، وجّه الصحفيين إلى وزارة الخارجية. وقال كيربي: "من الأفضل طرح هذا السؤال على وزارة الخارجية، فهي المسؤولة عن التأمين، أو تحديد البصمة الأمنية التي يريدونها، وبالتأكيد ما إذا كان بإمكان الجيش الأمريكي المساعدة".
لماذا تفكر أمريكا في القوات الخاصة؟
قبل شن الهجوم الروسي الشامل على أوكرانيا، كان من الشائع للجنود الأمريكيين وأعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) الآخرين، مثل المملكة المتحدة، إجراء تدريب مع الجيش الأوكراني داخل أوكرانيا.
وبعد الهجوم، انتقلت تلك البعثات التدريبية إلى دول أوروبية أخرى. لكن استخدام القوات الخاصة لحراسة سفارة الولايات المتحدة في كييف باعتبارها بديلاً أو مكملاً لمشاة البحرية الأمريكية قد يوفر العديد من المزايا. أولاً، سوف يفوض هذا مسألة حفظ الأمن لجنود ذوي خبرة عالية في وقت قد توجد فيه تهديدات خاصة ويمكن أن يؤدي الخطأ في التقدير إلى تصعيد التوترات الشديدة بالفعل بين موسكو وواشنطن.
ثانياً، قد تكون القوات الخاصة في وضع أفضل للمشاركة في عمليات التسلل والإجلاء إذا احتاج الموظفون الدبلوماسيون أو المواطنون الأمريكيون أو الشركاء الأجانب إلى الخروج من أوكرانيا في غضون مهلة قصيرة. في يناير/كانون الثاني الماضي، حذّرت وزارة الخارجية المواطنين الأمريكيين من أنه لن تكون هناك قدرة على إجلائهم، كما يقول الموقع الأمريكي.
لكن صحيفة The Wall Street Journal ذكرت أنَّ "المسؤولين الأمريكيين يتصورون وجوداً أكبر للولايات المتحدة لإدارة أسلحة بعشرات المليارات من الدولارات… ويود بعض المسؤولين العسكريين الأمريكيين إعادة القوات الخاصة والقوات الأخرى إلى أوكرانيا حيث كانت تنفذ عمليات تدريب وإسداء المشورة لصالح الجيش الأوكراني". وفي بيئة حرب، قد تمتد مثل هذه المهمة إلى ما هو أبعد من أمن السفارة أو حتى الوضع الراهن للتدريب والاستشارة.
بدون وجود مشاة البحرية في سفارة الولايات المتحدة في كييف، ليس من الواضح من الذي يحمي الدبلوماسيين الأمريكيين الذين يخدمون هناك.
ويُعَد الاحتفاظ بسفارة عاملة في العاصمة الأوكرانية أمراً مهماً للدبلوماسية الأمريكية وللشعب الأوكراني، كما يقول الموقع الأمريكي.
وقد يقدم استخدام القوات الخاصة لتوفير هذا الأمن مزايا نظراً للظروف الفريدة التي تكون فيها سفارة أمريكية غير محصنة نسبياً في وسط منطقة حرب نشطة. وقد يمنع وجود هذه القوات أي تصعيد طالما أنَّ مهمتها محددة بدقة. لكن المهمة غير الواضحة أو المهمة التي تتعدى الأمن الدبلوماسي يمكن أن تضع الدبلوماسيين الأمريكيين في طريق الأذى.
والتواجد العسكري الأوروبي والأمريكي في أوكرانيا من المسائل التي تثير حفيظة روسيا التي ترفض رفضاً باتاً وجود قوات أجنبية مقاتلة بجوار الأوكرانيين الأمر الذي قد ينذر بحرب بين الناتو وروسيا.
لكن الدعم العسكري اللامحدود المقدم من قِبَل الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين إلى كييف أصبح العملية العسكرية الروسية في البلاد تمر بأزمة كبيرة وساهم في صمود الجيش الروسي في كييف والحفاظ عليها من سقوط في يد القوات الروسية.
وتكبَّدت روسيا خسائر كبيرة في محيط العاصمة الأوكرانية كييف التي ظلت صامدة على مدار 3 أشهر منذ اندلاع الحرب في فبراير/شباط الماضي.