لوّحت إسرائيل بإمكانية اعتذارها عن اغتيال شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة، في مؤشر على قلقها من تصاعد المطالبات الدولية والأمريكية بالتحقيق في قضية شيرين أبو عاقلة، وآخرها دعوة أكثر من 50 مشرعاً أمريكياً إلى فتح تحقيق أمريكي، واقتراح بعض المتخصصين طرقاً متعددة لمحاسبة إسرائيل داخل الولايات المتحدة.
كما أعلن وزير خارجية السلطة الفلسطينية رياض المالكي، الإثنين الماضي، أن السلطة الفلسطينية أحالت قضية مقتل صحفية الجزيرة شيرين أبو عاقلة إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يوم السبت.
لماذا يمكن أن يكون مصير قضية أبو عاقلة مختلفاً عن جرائم إسرائيل السابقة؟
وفي حين يتم التغاضي عن مقتل العديد من الأبرياء خاصة في فلسطين، يأتي الضغط الدبلوماسي والقانوني هذه المرة من الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى الحليفة لإسرائيل، حسب موقع Middle East Eye البريطاني.
إذ دعا 57 ديمقراطياً في مجلس النواب الأمريكي، يوم الجمعة الماضي، وزارة الخارجية الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي إلى فتح تحقيق في مقتل أبو عاقلة.
وسرعان ما أدان سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة الرسالة، وقال إنها تتجاهل سياق مقتل أبو عاقلة وتلمح إلى أن إسرائيل هي المسؤولة، فيما بدا أن هناك ارتباكاً إسرائيلياً في التعامل مع القضية بدأ بمحاولة تحميل مسؤولياتها للمقاومين الفلسطينيين، ثم تحديد نوع السلاح الذي أطلق، مع موقف مراوح فيما يتعلق بمسألة فتح تحقيق في القضية، والتلميح تارة آخرى بالاعتذار.
ومع أن إسرائيل قتلت أعداداً هائلة من أبناء الشعب الفلسطيني، فإن شيرين أبو عاقلة شخصية إعلامية أيقونية وقُتلت أمام الكاميرات، إضافة إلى أنها امرأة وتحمل الجنسية الأمريكية، وكل هذا قد يعطي قضيتها فرصة استثنائية لم يحظ بها كثير من مواطنيها الذين قتلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي يمنح عائلتها وأحباءها عدداً من الآليات للسعي لتحقيق العدالة.
وقُتلت شيرين أبو عاقلة بعد أيام فقط من قيام الاتحاد الدولي للصحفيين ونقابة الصحفيين الفلسطينيين (PJS) بتقديم شكوى رسمية في لاهاي بشأن "الاستهداف الممنهج للصحفيين الفلسطينيين"، حيث قتلت إسرائيل ما يقدر بنحو 50 صحفياً فلسطينياً منذ عام 2000، وفقاً لنقابة الصحفيين الفلسطينيين. وقالت اللجنة الدولية للعدالة الجنائية، إن القوات الإسرائيلية لديها "سجل حافل في استخدام القوة المميتة والاستهداف المنهجي للصحفيين الفلسطينيين مع غياب كامل للمساءلة".
إدارة بايدن تريد تحقيقاً إسرائيلياً داخلياً وليس أمريكياً، ولا دولياً
وجدد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، مؤخراً، تأكيد أن بلاده تتوقع محاسبة كاملة لمن تثبت التحقيقات اتهامهم بقتل مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، موضحاً أن الولايات المتحدة لن تفرض موعداً نهائياً للانتهاء من التحقيقات في القضية، لكنها تريد ذلك في أسرع وقت ممكن.
وقال برايس خلال المؤتمر الصحفي اليومي لوزارة الخارجية: "لقد أوضحنا لكل من السلطات الإسرائيلية والفلسطينية أننا نتوقع أن تكون تحقيقاتهم في ظروف مقتل شيرين أبو عاقلة شفافة وحيادية ووافية، كما نتوقع المحاسبة الكاملة لأولئك المسؤولين عن قتلها. لن نحكم مسبقاً على نتائج التحقيقات؛ فهي ما تزال جارية من كلا الجانبين، وقد أبلغنا شركاءنا أننا نتوقع أن يمدّانا بآخر التحديثات بشأنها. لكن في النهاية نريد أن نرى مساءلة".
ولكن يبدو أن الموقف الرسمي الأمريكي لا يحبذ إجراء تحقيق أمريكي أو أممي أو مستقل في مقتل أبو عاقلة، حيث قال نيد برايس إن الولايات المتحدة تعتقد أن إسرائيل لديها "الإمكانيات والقدرات اللازمة لإجراء تحقيق شامل وشامل"، مما يشير إلى عدم إجراء تحقيق منفصل.
في المقابل، دعا مسؤولو الأمم المتحدة بالفعل إلى إجراء تحقيق مستقل في الأمر. وقال مسؤول أممي إن السبب في ذلك هو أن إسرائيل استمرت في إظهار عدم فعاليتها في التعامل مع قضايا قتل الصحفيين.
وخلص تحقيق لوكالة "أسوشييتد برس" إلى أن الرصاصة التي قتلت شيرين أُطلقت من بندقية جندي إسرائيلي، كما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية ذكرت أنها جمعت أدلة تؤكد أن الجيش الإسرائيلي استهدف أبو عاقلة.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن تحقيق الشبكة الأمريكية مليء بالمغالطات وعلامات الاستفهام، وإنه لا يمكن التوصل إلى نتيجة قاطعة قبل استكمال تحقيق شامل، على حد تعبيرهم.
إسرائيل تلوّح بالاعتذار
ولا تزال سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمتنع عن فتح تحقيق في مقتل شيرين أبو عاقلة، رغم أن فحوصها الأولية أثبتت أن جنودها أطلقوا الرصاص باتجاه الموقع الذي كانت فيه مراسلة الجزيرة فب أثناء تغطيتها اقتحام قوات الاحتلال مدينة جنين ومخيمها في 11 مايو/أيار الجاري.
وقال رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، رام بن براك، للإذاعة الإسرائيلية، إن الجيش لا يطلق النار عمداً على الصحفيين، على حد تعبيره. لكنه أكد أن إسرائيل ستعتذر عن قتل شيرين أبو عاقلة إن كانت فعلاً هي من قامت بذلك، حسب قوله.
وسبق أن قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، الذي يعتبر من الحمائم الذين يتحمسون للتنسيق مع السلطة الفلسطينية، إنه "آسف جداً لما حدث".
ولكن الإعراب عن الأسف لا يعتبر اعتذاراً على الإطلاق، كما أن الاعتذار فيه اعتراف بالخطأ، وما قد يتطلبه ذلك من إجراء تحقيق ومحاسبة الجاني.
في المقابل، اعتبرت المبعوثة الإسرائيلية الخاصة لمحاربة معاداة السامية، الممثلة نووا تيشبي، أن ثلاثة شخصيات مسلمة أمريكية بارزة هما النائبتان رشيدة طليب وإلهان عمر والممثلة الأمريكية ذات الأصل الفلسطيني بيلا حديد، كنّ مدفوعات بـ"العنصرية المعادية لليهود"، لمجرد أنهن أدنّ إطلاق النار المميت على شيرين أبو عاقلة.
شرط إسرائيلي تعجيزي للسلطة الفلسطينية لكي تفتح تحقيقاً داخلياً
تبدو طريقة التعامل الإسرائيلي مع قضية أبو عاقلة خليطاً من الارتباك ومحاولة التمييع، تارة بالهجوم على منتقديها وتارة باللجوء إلى أسلوب دفاعي، لامتصاص الغضب الدولي، حيث تحاول ترك الباب مفتوحاً لإمكانية إجرائها تحقيقاً، وذلك عبر تقديم شرط تعجيزي وهو نقل السلطة الفلسطينية الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة إلى السلطات الإسرائيلية.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي للمراسلين الأسبوع الماضي، إن الجيش الإسرائيلي حدد بندقية الجيش الإسرائيلي التي ربما أطلقت الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة، لكنه قال إن الجيش لا يزال بحاجة إلى الرصاصة الموجودة بحوزة السلطة الفلسطينية.
في المقابل، ذكرت صحيفة "هآرتس" اليومية أن الشرطة العسكرية لن تفتح تحقيقاً في مقتل أبو عاقلة، حيث لا يعتقد المدعون أن هناك اشتباهاً في وجود نشاط إجرامي للجنود.
في غضون ذلك، دعا المدعي العسكري الإسرائيلي الجيش إلى إجراء تحقيق معمق، ولكن هذه الدعوة ليست معناها، أنه سيفتح تحقيقاً، حسب المختصين في الشأن الإسرائيلي بل "هذا يعني فقط أن دوائر داخل الجيش الإسرائيلي تتحدث عن إمكانية فتح تحقيق".
وقالت كبيرة محامي الجيش الإسرائيلي الجنرال ييفات تومر يروشالمي، إن إسرائيل لا تزال تحقق في مقتل مراسل الجزيرة، لكن أفضل طريقة لحل قضية شيرين أبو عاقلة هي فحص الرصاصة؛ موضحة أن القرار بشأن التحقيق الجنائي سيتبع تحقيق الجيش الإسرائيلي، حسبما نقل عنها موقع Times of Israel.
وشددت تومر يروشالمي على أن مكتبها يفتح تحقيقاً رسمياً فقط عندما يكون هناك اشتباه في ارتكاب جريمة، وأن وفاة شخص غير مقاتل بحد ذاته ليست سبباً كافياً للاشتباه تلقائياً في جريمة، حسب تعبيرها.
وكرر وزير الدفاع الإسرائيلي المطلب نفسه، إذ قال إن إسرائيل تريد إجراء تحقيق شامل وإنه طلب من الفلسطينيين مشاركة الرصاصة التي تم العثور عليه في رأس أبو عاقلة، ووعد بمشاركة جميع نتائج الطب الشرعي مع الأمريكيين والسلطة الفلسطينية.
ورفضت السلطات الفلسطينية إعطاء الرصاصة لإسرائيل، لأنها لا تثق بمصداقيتها بشأن إجراء أي تحقيق.
ويعني ذلك أن إسرائيل تحاول أن تشترط، لكي تفتح تحقيقاً، أن تزودها السلطة الفلسطينية الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة، وهو أمر تعلم أنه مطلب مستحيل، لأنه حسب اعتراف وزير الشتات الإسرائيلي فإن تل أبيب ليست لديها مصداقية في هذا الشأن.
تاريخ إسرائيل مع الجرائم المماثلة
ويعتبر الإنكار أو التمييع استراتيجية إسرائيل المعتادة للتعامل مع حالات الاغتيال للمدنيين البارزة، حسب موقع صحيفة Time الأمريكية.
فأحد الأمثلة الشهيرة هو مقتل المصور البريطاني جيمس ميلر، وكذلك مقتل عدة فتيات منهن عبير عرامين البالغة من العمر 10 سنوات، بينما كن يتوسلن على الهواء أمام الكاميرات لوقف إطلاق النار.
في كثير من الأحيان تزعم إسرائيل أن الضحية كان بالقرب من موقع كان فيه مسلحون فلسطينيون يهاجمون الإسرائيليين، وبالتالي قُتلوا بطريق الصدفة بنيران إسرائيلية مثل جريمة قتل أربعة أطفال من غزة على الشاطئ، وقتل 40 شخصاً لجأوا إلى مدرسة تابعة للأمم المتحدة خلال إحدى الحروب الإسرائيلية على غزة، بحسب وكالات الأمم المتحدة.
وفي مرة أخرى زعمت إسرائيل أن مدنياً قتلته كان متورطاً في هجوم على جنود إسرائيليين، أو كان عضواً في منظمة فلسطينية مسلحة (المصور الصحفي ياسر مرتجى في غزة).
في بعض الحالات، قالت إسرائيل إن الحقائق حول عملية القتل غير واضحة، لكنها بالتأكيد ليست ذنب إسرائيل (مثل حالة قتل عائلة فلسطينية بقذيفة على شاطئ غزة).
في قضية مقتل الناشطة الأمريكية المؤيدة للفلسطينيين، راشيل كوري، التي دهستها جرافة عسكرية عام 2003 وأثارت غضباً عارماً، زعم الجيش الإسرائيلي أن "قطعة من الخرسانة" هي على الأرجح ما قتلها.
وعندما أسقطت الصواريخ الإسرائيلية مبنى إعلامياً من 11 طابقاً العام الماضي في غزة، حيث كانت توجد شبكات إعلامية فلسطينية ووكالة أسوشييتد برس الأمريكية، بررت إسرائيل ذلك بالقول إن حماس تستخدمه.
إسرائيل حاولت التشكيك في صور مقتل محمد الدرة
توجد حالات نادرة من الاعتذار، ففي عام 2006، اعتذر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، في البداية، عن مقتل سبعة من أفراد عائلة "غالية" في غزة على يد المدفعية الإسرائيلية.
وواحدة من أشهر القضايا، كانت مقتل محمد درة، حيث هزت العالم اللقطات المؤلمة للصبي الغزاوي الذي قُتل وهو يرتعد بجانب والده خلال معركة بالأسلحة النارية عام 2000.
في ذلك الوقت أدرك الجيش الإسرائيلي سريعاً أنه يواجه كارثة علاقات عامة، لإضعاف الغضب الدولي والعربي، لوتمييع القضية شكّل بسرعة لجنة للتحقيق، وبسرعة تقريباً برأ نفسه من المسؤولية، بل شككت نتائج لجنة التحقيق الإسرائيلية في أن ثمة احتمالاً بأن مشهد قتل الدرة كان "مُرتباً له مسبقاً"!
ماذا يحدث عندما تقتل إسرائيل فلسطينيين أمريكيين؟ الأمر مختلف ولكن ليس كثيراً
عندما يتأذى الأمريكيون الفلسطينيون من قِبل القوات الإسرائيلية، تسرع إسرائيل في التحقيق، لكن العملية نادراً ما تنتهي بعقوبة شديدة.
قبل أربعة أشهر، وبناء على طلب أمريكي، أجرت إسرائيل تحقيقاً في مقتل رجل فلسطيني أمريكي مسن اعتقله جنود إسرائيليون في منتصف الليل، توفي الرجل الذي كان قد قدم لتوه من أمريكا لرؤية أحفاده، متأثراً بنوبة قلبية في الخارج، بسبب البرد في موقع بناء تركه فيه الجنود الإسرائيليون ملقى على الأرض، مقيد اليدين بشدة وعيناه مغطيتان بعد ضربه.
تم توبيخ القائد الأعلى للوحدة، ولكن لم يعاقب الجنود!
في عام 2014، قام شرطي إسرائيلي بضرب طارق أبو خضير (15 عاماً)، ثم وضعه قيد الإقامة الجبرية. تم تسجيل الهجوم بالفيديو. لكن لم يتم السماح له بالعودة إلى فلوريدا، إلا أنه تم الكشف عن أنه مواطن أمريكي وفتحت إسرائيل تحقيقاً بناءً على طلب واشنطن.
وفي النهاية، حكم قاضٍ إسرائيلي على الضابط المتهم، بخدمة المجتمع، وأعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن آنذاك خيبة أملها من الحكم.
هل يمكن أن تحاكَم إسرائيل أمام القضاء الأمريكي؟
"حكومة الولايات المتحدة لها مصلحة في هذه القضية، لأن شيرين كانت مواطنة أمريكية، يجب أن تأخذ زمام المبادرة في إجراء تحقيق فعلي وعدم الاعتماد على الإسرائيليين للتحقيق".
هذا ما قاله آدم شابيرو، مدير قسم إسرائيل وفلسطين بمنظمة الديمقراطية في العالم العربي الآن.
وأشار إلى أن هناك سابقة تُظهر أن الولايات المتحدة يمكن أن تأخذ زمام المبادرة في التحقيق في مقتل أبو عاقلة، مستشهداً بقضية دانيال بيرل، الصحفي الأمريكي الذي اختطف وقتل في باكستان عام 2002.
وآنذاك، أرسلت الولايات المتحدة عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي للتحقيق في الأمر، إلى جانب المسؤولين الباكستانيين المتعاونين.
كما يمكن أن تلعب الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية دوراً أيضاً في التحقيق، حيث بدأت كل من المحكمة الجنائية الدولية والمفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان تحقيقات في جرائم الحرب الإسرائيلية، والتي ستقدم الأخيرة نتائجها الأولى الشهر المقبل.
ومع التشاؤم تجاه إمكانية إجراء تحقيق إسرائيلي جدي، هناك عدة طرق يمكن من خلالها للمشرعين في الولايات المتحدة وأوروبا معاقبة المتورطين بشكل مباشر في القتل، حسب تقرير Middle East Eye.
في الولايات المتحدة، يمكن اللجوء إلى قانون ماغنتسكي العالمي لفرض عقوبات على الأفراد أو الجماعات المسؤولة عن إطلاق النار على أبو عاقلة.
منذ أن تم التوقيع عليه ليصبح قانوناً في عام 2016، تم استخدامه من قِبل حكومة الولايات المتحدة لفرض عقوبات على الأفراد في الصين وغواتيمالا وكوبا وبلغاريا وغيرها في العديد من البلدان.
ولكن كل هذه الدول خصوم لأمريكا بشكل أو بآخر وليسوا أقرب حلفائها كإسرائيل.
وقال شابيرو: "قانون ماغنتسكي سيكون قادراً على فرض عقوبات في ذلك الوقت على الأفراد الذين كانوا وحدة عسكرية متورطة".
وللاتحاد الأوروبي نسخته الخاصة من هذا القانون، وهو قانون ماغنتسكي الأوروبي، ويمكن أن يستخدمه بالمثل لمعاقبة الأفراد المتورطين في إطلاق النار على أبو عاقلة.
وهناك أيضاً قانون ليهي، الذي يمكن الاستناد إليه لمنع الحكومة الأمريكية من تقديم المساعدة العسكرية لقوات الأمن الأجنبية المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وضمن ذلك القتل خارج نطاق القضاء.
بينما قال شابيرو إنه من غير المرجح أن يتم استخدام أي من القانونيين ضد إسرائيل؛ نظراً إلى وضعها كحليف وثيق للولايات المتحدة، رغم أن مقتل أبو عاقلة يتناسب مع معايير هذين القانونين.
عائلة أبو عاقلة يمكنها اللجوء للقضاء الأمريكي بشكل فردي
بالنسبة لعائلة شيرين أبو عاقلة، فإن جنسيتها الأمريكية توفر لها أيضاً عدداً من الفرص لطلب العدالة من المحاكم الأمريكية، وهي خيارات غير متاحة في الولايات المتحدة لغير الأمريكيين.
وقد يكون هذا هو سبب حرص أمريكا على فتح إسرائيل تحقيقاً داخلياً في جريمة اغتيال أبو عاقلة؛ حتى لا يتم إثارة القضية داخلياً.
أحد هذه الخيارات هو من خلال قانون جرائم الحرب في القانون الجنائي الأمريكي، والذي يسمح لوزارة العدل بتوجيه اتهامات لمرتكبي جرائم الحرب، حسبما قال جيسو نيا، محامي حقوق الإنسان ومدير مشروع التقاضي الاستراتيجي في المجلس الأطلسي، حسب موقع Middle East Eye.
وقال نيا: "الشيء الرئيسي في قانون جرائم الحرب هو أنه يسمح بما يسمى الولاية القضائية للجنسية، أي إنه عندما يكون الجاني المحتمل مواطناً أمريكياً أو أن الضحية مواطن أمريكي".
وأضاف: "لقد رأينا هذا الخيار قيد المناقشة فيما يتعلق بالصحفيين الأمريكيين الذين قتلوا أو أصيبوا مؤخراً في أوكرانيا على يد القوات الروسية".
وهناك خيار آخر يمكن استخدامه وهو قانون منع ضحايا التعذيب لعام 1991، والذي يسمح للمواطنين الأمريكيين وغير الأمريكيين برفع دعاوى مدنية في حالات التعذيب أو القتل خارج نطاق القضاء المزعومة والمرتكبة في دول أجنبية.
التجربة المصرية قد تكون محبطة
تم الاستشهاد بهذا الفعل في عدة دعاوى قضائية على مدى السنوات العديدة الماضية، وضمن ذلك عندما رفع الناشط المصري الأمريكي محمد سلطان دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء المصري الأسبق حازم الببلاوي، بزعم مسؤوليته عن تعذيبه في أحد السجون المصرية.
كما استخدم عدد من العائلات المدنية هذا الإجراء لرفع دعاوى قضائية ضد القائد العسكري الليبي خليفة حفتر بزعم مسؤوليته عن التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء لأفراد عائلاتهم خلال الحرب الأهلية في البلاد.
ولكن رُفضت قضية سلطان ضد رئيس الوزراء المصري الأسبق بعد تدخل الحكومة الأمريكية، في حين أن التقاضي في قضية حفتر لا يزال مستمراً.
ويبدو أن كون المرء يحمل جنسية أمريكية لا يمنع من التعرض للظلم الناتج عن ازدواجية المعايير.