يواجه رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، دعوات إلى الاستقالة بعدما خلص تحقيق، الأربعاء 25 مايو/أيار 2022، إلى أنه خرق قواعد الإغلاق التي فرضتها بريطانيا خلال العام 2020 لمواجهة كورونا، حيث أقام حفلات في مقر إقامته الرسمية.
التحقيق أشار إلى أن جونسون "أشرف على ثقافة أقيمت على أثرها حفلات خرقت قواعد الإغلاق، وتخللها عراك بين موظفين ثمِلين"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
كان جونسون من بين عشرات الأشخاص في "داونينغ ستريت" (مقر إقامته) الذين فرضت الشرطة غرامات عليهم؛ لخرقهم قواعد كورونا منذ العام 2020، ليصبح مقر رئيس الحكومة البريطانية العنوانَ الأكثر عرضة لهذا النوع من العقوبات على مستوى البلاد.
سبق أن تحدى جونسون الدعوات المطالبة باستقالته بعدما غرّمته الشرطة في أبريل/نيسان 2021، وأشار حزب العمال المعارض إلى أن "قائمة الجرائم" التي كشف عنها التقرير تبرر دعواته إلى استقالة جونسون.
زعيم الحزب، كير ستارمر، قال إنه "لا يمكنك أن تكون مشرِّعاً وأن تخرق القانون. حان الوقت ليحزم أمتعته"، علماً أن ستارمر نفسه تعهَّد بأن يستقيل لو أن الشرطة غرّمته في شمال شرقي إنجلترا؛ لخرقه المفترض لقواعد كوفيد خلال تجمُّع انتخابي.
يتزامن هذا مع إظهار نتائج الاستطلاعات رفضاً عميقاً من البريطانيين لما يسمى "بارتي غيت"، وسيتعيّن على النواب المحافظين دراسة ما إذا كان لا يزال لجونسون ثقله بالانتخابات أم أنه بات عبئاً، وذلك قبيل انتخابات تكميلية مهمة، الشهر المقبل.
كان المحافظون قد خسروا، الشهر الماضي، المئات من مقاعد المجالس المحلية، رغم أن السبب الأساسي بالنسبة للمراقبين كان الغضب من الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة.
من المقرر أن يعقد جونسون مؤتمراً صحفياً في وقت لاحق، قبل حضور اجتماع "لجنة 1922" التابعة لحزب المحافظين، والتي طالب بعض أعضائها بتصويت لسحب الثقة.
توبياس إلوود، الذي يعد شخصية محافظة بارزة، شدد على مطلبه استقالة جونسون، محذراً من أن الحزب قد يخسر الانتخابات العامة المقبلة المقررة بحلول 2024، وقال في البرلمان: "هل ما زال بإمكاننا الحكم من دون تشتيت رغم تراجع ثقة الشعب البريطاني (بنا)؟".
لكن جونسون رد بالقول: "نعم قطعاً، سنمضي قدماً وسنفوز في الانتخابات العامة المقبلة، لأننا سنؤدي مهمتنا".
جونسون يبرر
في ردِّه على التقرير الصادر عن الموظفة الحكومية الرفيعة سو غراي، قال جونسون: "أتحمّل المسؤولية كاملة عن كل ما حصل تحت أنظاري"، مشدداً: "أشعر بالخجل وقد تعلّمت".
لكنه شدد على أنه كان غائباً عن معظم هذه الحفلات، ونفى أن يكون كذب على البرلمان أو حض غراي سراً على عدم نشر تقريرها الواقع في 37 صفحة.
كذلك أعرب عن أمله في أنه مع انتهاء التحقيق الآن: "سيكون بإمكاننا المضي إلى الأمام" في التعامل مع أولويات وضمن ذلك الحرب في أوكرانيا وأزمة غلاء المعيشة في بريطانيا.
كانت غراي قد نشرت صوراً لجونسون وهو يتناول النبيذ مع الموظفين، وتحدّثت عن حفلات كانت تستمر أحياناً حتى ساعات الصباح الأولى، وعلا خلالها صوت الموسيقى من جهاز "كاريوكي".
غراي كتبت أنه "ما كان ينبغي السماح بإقامة العديد من تلك الفعاليات"، فيما كشفت أن بعض موظفي الأمن وعمال النظافة في "داونينغ ستريت" كانوا محط سخرية لدى محاولتهم الاحتجاج على سلوك الموظفين.
أضافت غراي أنه "ينبغي أن يتحمل القادة، سواء كانوا سياسيين أو رسميين، مسؤولية هذه الثقافة"، مشيرة إلى التضحيات الصعبة التي قدمها سكان المملكة المتحدة من أجل احترام قواعد الإغلاق التي فرضتها حكومة جونسون.
أيضاً خلص التقرير إلى أن الموظفين الأقل درجةً الذين غرَّمتهم شرطة مدينة لندن (ومعظمهم من النساء)، حضروا هذه المناسبات بأوامر من المسؤولين عنهم.
جاء هذا التقرير بينما أظهرت صورة أخرى نشرتها صحيفة "ديلي ميرور"، طاولة في مقر رئيس الحكومة البريطانية مليئة بالنبيذ والكعك، وقالت إن ذلك ترافق مع رسالة عبر "واتساب" موجّهة للموظفين، جاء فيها: "حان وقت رفع حاجز أمان كوفيد".
لفتت غراي في تقريرها أيضاً، إلى أن المكتب الإعلامي التابع لـ"داونينغ ستريت" نظّم تجمّعات لتناول المشروبات بشكل دوري، اعتباراً من الساعة 16:00 في إطار فعاليات أطلق عليها "وقف تناول النبيذ الجمعة"، وأظهرت صوراً لكبار المسؤولين يناقشون كيفية التعامل مع مختلف الدعوات.
في إحدى المحادثات على "واتساب"، أشار مدير الاتصالات السابق، لي كاين، إلى "المخاطر الصحية الكبيرة" لتنظيم حفل وداع لمسؤول في يونيو/حزيران 2022، وذكرت غراي أن الحفل أقيم واستمر لساعات.
أضافت غراي أنه "كان هناك استهلاك مفرط للكحول من قبل بعض الأفراد. شعر أحد الأفراد بالإعياء.. وقعت مشاجرة بسيطة بين شخصين آخرين"، بحسب ما أوردته الوكالة الفرنسية.