في الوقت الذي لم يتعافَ فيه العالم من تأثير تفشي فيروس كورونا، ولا يزال يحصد الأرواح في دول مختلفة من حول العالم، أعلنت وكالة الأمن الصحي البريطانية أنه تم تشخيص عدة أشخاص الآن بإصابتهم بجدري القرود في إنجلترا.
وقالت الوكالة إن 3 حالات تم تشخيصها حتى الآن، إحداها تتلقى الرعاية في مستشفى سانت ماري في لندن، والأخرى في حالة عزل.
في حين عولجت الحالة الأولى في وحدة متخصصة للأمراض المعدية في مؤسسة Guy's and St Thomas's NHS في لندن، بعد اكتشافها لأول مرة في 7 مايو/أيار الجاري.
ويُعد جدري القرود عدوى فيروسية نادرة يتعافى منها معظم الناس في غضون أسابيع قليلة، وفقاً لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية NHS.
ما هو فيروس جدري القرود؟
فيروس جدري القرود هو عضو من نفس عائلة الفيروسات مثل الجدري المائي المعروف. ورغم اسمه فإن فيروس جدري القرود لم يعد يأتي من القرود.
العلماء غير متأكدين بعد، وفقاً لموقع Cleveland Clinic، لكن يُعتقد أنه ينتشر عن طريق القوارض الصغيرة والسناجب في الغابات المطيرة في إفريقيا.
يحدث المرض والعدوى به غالباً في الأجزاء النائية من بلدان وسط وغرب القارة الإفريقية، بالقرب من الغابات الاستوائية المطيرة. وهناك نوعان من السلالات الرئيسية للفيروس: فيروس غرب إفريقيا، وفيروس وسط إفريقيا.
تشمل الأعراض الأولية لفيروس جدري القرود الحمى والصداع والتورمات وآلام الظهر وآلام العضلات والخمول العام والتعب.
وبمجرد أن تزول الحمى التي تنذر ببدايات العدوى يمكن أن يظهر طفح جلدي متفشٍّ في أنحاء الجسم، غالباً ما يبدأ على الوجه أولاً، ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى، غالباً ما تكون راحتَي اليدين وباطن القدمين.
يتغير الطفح الجلدي الذي يمكن أن يكون شديد الحكة والإيلام، ويمر بمراحل مختلفة قبل أن يتشكل في النهاية قشرة تسقط لاحقاً. ويمكن أن يسبب هذا الطفح الندبات الغائرة وعلامات الجلد الدائمة.
ومع أنه مؤلم ولا علاج له حتى الآن، لكن العدوى بمرض جدري القرود عادة ما تزول من تلقاء نفسها، بعد أن تستمر لفترة تتراوح ما بين 14 و21 يوماً تقريباً، وفقاً لصحيفة The Guardian البريطانية.
وبالنسبة لقدرته على التفشي، فإن العدوى بالمرض تنتقل عبر شقوق الجلد والجروح، كما يمكن للفيروس أن يدخل الجسم من خلال الجهاز التنفسي أو من خلال العينين أو الأنف أو الفم.
يمكن أيضاً أن ينتشر جدري القرود عن طريق ملامسة الحيوانات المصابة مثل القرود والجرذان والسناجب، أو عن طريق الأشياء الملوثة بالفيروس، مثل الملابس ومقابض الأبواب وغيرها.
ومع أنه يعتبر غير مميت مثل فيروس الجدري المائي، لكن سبق بالفعل توثيق وقوع حالة وفاة بسبب المرض في غرب إفريقيا.
بدايات المرض وكيف انتقل إلى الإنسان لأول مرة
تم توثيق الفيروس والتعرُّف عليه لأول مرة في قرد من قرود المختبرات عام 1958. ووجدت الدراسات التي أجريت على الحيوانات في إفريقيا لاحقاً دليلاً على الإصابة بالفيروس في عدد من القوارض الإفريقية.
حينها تم عزل الفيروس من سنجاب شجرة إفريقية. وأظهرت الدراسات المعملية أن جدري القرود يمكن أن يصيب أيضاً الفئران والجرذان والأرانب.
في عام 1970، تم الإبلاغ عن جدري القرود في البشر لأول مرة. وأُبلغ عن حالات تفشٍّ متفرقة في 10 دول إفريقية مختلفة، وفقاً لموقع Medicinenet للمعلومات الطبية.
وفي عام 2003 كان هناك تفشٍّ آخر للمرض في الولايات المتحدة، وهي المرة الأولى التي وُثق فيها المرض خارج إفريقيا.
أصيب المرضى بفيروس جدري القرود بعد الاتصال الوثيق مع كلاب البراري، التي احتكّت بمجموعة متنوعة من الثدييات الصغيرة المستوردة من الخارج إلى البلاد.
حينها أُبلغ عن وقوع 81 حالة، لكن لم يُسفر أي منها عن وفيات.
وفي عام 2017، شهدت نيجيريا أكبر انتشار موثق، وذلك بعد 40 عاماً تقريباً من ظهور آخر حالة مؤكدة من جدري القرود في البلاد.
كذلك كانت هناك 172 حالة مشتبهاً بإصابتها بجدري القرود في دول إفريقية متفرقة، 75% من الضحايا فيها كانوا من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و40 عاماً، مع نسب وفيات بينهم بلغت 10%.
الوقاية من فيروس جدري القرود
يمكن أن يوفر لقاح الجدري المُعتمد عالمياً حماية كبيرة من جدري القرود، لكن استخدامه يقتصر حالياً على الأشخاص الذين يعملون في المختبر مع فيروسات الجدري.
وتعتمد الوقاية بشكل أساسي على تقليل الاتصال البشري بالحيوانات المصابة، والحد من انتشار المرض من شخص لآخر.
ويمكنك منع فيروس جدري القرود من خلال الخطوات التالية، بحسب موقع Healthline الطبي للصحة:
- تجنب ملامسة الحيوانات المصابة أو الضالة والبرية للوقاية.
- تجنب ملامسة الأسطح والأدوات الملوثة بالفيروس.
- غسل اليدين بالماء والصابون بعد ملامسة الحيوانات.
- طهي جميع الأطعمة التي تحتوي على لحوم حيوانية أو أجزاء منها جيداً، وعلى درجات حرارة كافية لقتل الجراثيم والميكروبات والفيروسات المختلفة.
- معرفة الأعراض والانتباه إليها جيداً عند الظهور عليك أو أحد معارفك، وعزل نفسك لحماية الآخرين من مخاطر العدوى.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.