حول صاروخ روسي منزل فيرا كوسولوبينكو الصغير إلى كومة من الأنقاض الجمعة 13 مايو/أيار 2022 والتهمت النيران الكتاب المقدس الخاص بزوجها الراحل وجميع التذكارات الثمينة الأخرى التي تركها وكانت تعتز بها.
حيث بكت كوسولوبينكو وهي تقف السبت 14 مايو/أيار 2022 بجوار أنقاض المنزل المحترق، وقالت: "لقد فقدت كل ما يربطني به. كل ما تبقى لي هي صورة محفورة على قبره".
صاروخ يدمر منزل سيدة أوكرانية
لكن الأرملة البالغة من العمر 67 عاماً محظوظة لأنها ما زالت على قيد الحياة وقالت إنها كانت تحتسي الشاي مع صديقتين داخل المنزل عندما سقط الصاروخ على السطح. وأضافت: "حدث كل شيء بسرعة خاطفة. لقد كان أمراً مروعاً".
في حين قال قرويون إن الصاروخ هو واحد من خمسة صواريخ ضربت في تتابع سريع القرية الصغيرة التي تقع على بعد 26 كيلومتراً شمالي خاركيف بالقرب من مكان تصدت القوات الأوكرانية فيه للقوات الروسية التي حاولت اجتياح ثاني أكبر مدن البلاد.
فيما لم يحتل الروس بيزروكي التي تبعد 17 كيلومتراً فقط عن الحدود، لكن القرويين قالوا إن الروس كانوا يرسلون من حين لآخر عربات تقوم بدوريات في مساراتها الترابية الضيقة قبل أن تتراجع بسبب الهجوم المضاد الأوكراني المستمر منذ أسبوعين تقريباً.
قصف روسي مستمر
كما عانت بيزروكي منذ بدء الحرب من قصف شبه مستمر دمر أو ألحق أضراراً بالعديد من المنازل. وتنتشر الحفر الناجمة عن سقوط الصواريخ والقنابل في ممراتها والطريق غير الممهد المؤدي إليها.
كان الطرفان يتبادلان القصف بالمدفعية خلال زيارة رويترز للقرية. وسُمع دوي قصف المدافع الأوكرانية القريبة، بينما أشار دوي القصف المكتوم إلى المواقع البعيدة للقوت الروسية التي أطلقت عدة قذائف نحو الجنوب سمع صفيرها في سماء المنطقة مباشرة.
في السياق ذاته انتقلت كوسولوبينكو، وهي أم لخمسة أبناء وتنحدر من مدينة سومي في شمال شرق البلاد، مع زوجها الراحل إلى القرية في عام 2001. وتوفي زوجها منذ عامين.
قالت كوسولوبينكو إنها اتصلت بإدارة إطفاء قريبة بعد سقوط الصاروخ وهرع الجيران للمساعدة لكنهم لم يتمكنوا من إخماد النيران، وأضافت: "قال رجال الإطفاء إن هناك قصفاً ولن يتمكنوا من الوصول. لم يصلوا إلا بعد ست ساعات".
كما أضافت كوسولوبينكو أنها فقدت كل شيء، بما في ذلك صور العائلة والكتاب المقدس الذي كان يخص والد زوجها وبكت قائلة: "هذا مؤلم جداً لي. لا أعرف كيف سأعيد بناء هذا المنزل. أحببت هذا المكان".
هجوم أوكراني على قوات روسيا
في سياق ذي صلة، قال حاكم أوكراني إقليمي السبت إن القوات الأوكرانية شنت هجوماً مضاداً بالقرب من بلدة إيزيوم التي تسيطر عليها روسيا في شرق أوكرانيا، مما قد يصبح انتكاسة خطيرة لخطط موسكو الرامية للسيطرة على منطقة دونباس بأكملها.
حيث ركزت القوات الروسية معظم قوتها النارية على دونباس في "المرحلة الثانية" من الغزو والتي أعلنتها في 19 أبريل/نيسان 2022 بعد أن فشلت في الوصول إلى العاصمة كييف من الشمال في الأسابيع الأولى من الحرب.
ابتعاد روسيا عن خاركيف
لكن أوكرانيا استعادت السيطرة على الأراضي الواقعة في الشمال الشرقي، مما دفع الروس للابتعاد عن خاركيف، ثاني أكبر مدينة أوكرانية. وسيجعل استمرار الضغط على إيزيوم وخطوط الإمداد الروسية من الصعب على موسكو تطويق القوات الأوكرانية على الجبهة الشرقية في دونباس.
من جانبه، قال الرئيس الأوكراني إن محادثات معقدة جداً تجري حالياً لإيجاد سبيل لإجلاء عدد كبير من الجنود الجرحى من مصنع محاصر للصلب في مدينة ماريوبول الساحلية الاستراتيجية مقابل إطلاق سراح أسرى حرب من الروس.
يذكر أن ماريوبول، التي شهدت أعنف قتال خلال الحرب الدائرة منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، تخضع لسيطرة الروس الآن، لكن المئات من المدافعين الأوكرانيين عن المدينة لا يزالون صامدين في مصنع آزوفستال للصلب بالرغم من قصف روسي عنيف على مدى أسابيع.
في حين يقول محللون عسكريون غربيون إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجنرالاته فشلوا في توقع مثل هذه المقاومة الأوكرانية الشرسة عندما شنوا الغزو في 24 فبراير/شباط 2022.
معاناة روسية من عقوبات أمريكية
بالإضافة إلى خسارة أعداد كبيرة من الجنود والكثير من العتاد العسكري، تعاني روسيا أيضاً من العقوبات الاقتصادية. وتعهّدت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في بيان السبت "بمزيد من الضغط الاقتصادي والسياسي على روسيا" وإمداد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة.
تعليقاً على التطورات الأخيرة في شرق أوكرانيا، قال الحاكم الإقليمي أوليه سينيجوبوف في تصريحات نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي: "تظل النقطة الأكثر اشتعالاً هي اتجاه إيزيوم". وأضاف: "تحولت قواتنا المسلحة إلى شن هجوم مضاد هناك. العدو يتراجع على بعض الجبهات".
يذكر أن الغزو، الذي تصفه موسكو بأنه "عملية عسكرية خاصة" لنزع سلاح أوكرانيا وحمايتها من الفاشيين، قد أدى إلى زعزعة الأمن الأوروبي. وتقول أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون إن مزاعم الفاشية ما هي إلا ذريعة لشن حرب عدوانية غير مبررة.
فيما دفعت الحرب فنلندا، والسويد أيضاً على الأرجح، للتخلي عن حيادهما العسكري الذي تمسكتا به طويلاً والسعي لعضوية حلف شمال الأطلسي.