"نأمل أن يتم تنفيذ هذه الخطة، التي عبَّر عنها رئيسنا إذا لزم الأمر، سنجعل العدو يفهم أن بإمكان الجميع استخدام مضيق هرمز أو لا أحد"، بهذا التهديد الصريح لقائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، والذي جاء رداً على تهديدات واشنطن النفطية، تبعاً لما نشره الموقع الرسمي للرئيس الإيراني حسن روحاني، قائلاً: "لقد زعم الأميركيون أنهم يريدون وقف صادرات النفط الإيرانية تماماً، فهم لا يفهمون معنى هذا البيان؛ لأنه ليس له معنى في تصدير النفط الإيراني، في حين يتم تصدير نفط المنطقة".
على الرغم من الخطاب الشرس، فإن حجب مضيق هرمز ربما يمثل خيار إيران الأكثر تطرفاً أولاً وقبل كل شيء، فإن محاولة إغلاق المضيق من شأنه أن يؤدي إلى حرب مدمِّرة لإيران ضد الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي، حيث يسعى الأخير إلى الحفاظ على حرية الملاحة، والممر البحري عبر المضيق الحرج.
وفي الوقت نفسه، يعتمد اقتصاد إيران ونشاطها البحري أيضاً على المرور الحر للبضائع والسفن عبر المضيق. فإن قطْع مضيق هرمز من شأنه أن يأتي بنتائج عكسية على هدف إيران الحالي، المتمثل في محاولة تجنُّب المزيد من العقوبات الأميركية، وإبقاء الاتحاد الأوروبي، وحلفاء آخرين مثل الصين والهند في نفقها الجيد، وستكون هذه الخطوة مدمرة بشكل لا يُصدق لأسواق الشحن والنفط العالمية.
إن التهديدات الحالية تذكرنا بالبيانات السابقة، التي قدَّمتها القيادة الإيرانية على مرِّ السنين، فعندما شعرت طهران أن واشنطن تتحدى سيادتها الاقتصادية في عام 2012، هدَّدت إيران بإغلاق المضيق، رداً على العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ضد البرنامج النووي للبلاد، وقال رئيس البحرية الإيرانية إنه سيكون من "السهل" عرقلة المضيق، في حين حذَّر نائب الرئيس بأن "قطرة" النفط لن تمرَّ عبره، إذا تم تكديس المزيد من العقوبات على إيران، لكن حتى عندما تحقَّقت تلك العقوبات "لم تغلق إيران المضيق".
الفارق بين ذلك الحين والآن، هو مدى استجابة البيت الأبيض للتهديدات الإيرانية، فقد قلَّلت الإدارة السابقة من شأنها، حين سعت للتفاوض على صفقة نووية معقدة، لكن الإدارة الحالية تنتهج سياسة شديدة اللهجة ضد إيران في الشرق الأوسط، بينما تحاول بناء علاقاتها مع الحلفاء مثل إسرائيل والسعودية، الذين ينظرون إلى إيران على أنها خصمهم الرئيسي.
لماذا تهدد الولايات المتحدة وإيران بعضهما البعض؟
بداية من نوفمبر/تشرين الثاني، ستقوم الولايات المتحدة بإعادة فرض عقوبات على صادرات النفط الإيرانية، التي تم تعليقها من قبل، من خلال خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA)، في حين أنَّ سياسة الولايات المتحدة، منذ انسحاب واشنطن، من الاتفاق في مايو/أيار لا تزال غير واضحة تماماً، ومن المرجح بشكل متزايد أن الولايات المتحدة ستطلب من حلفائها وقف استيراد النفط الإيراني، وفي الوقت نفسه، تضغط الولايات المتحدة أيضاً على حلفائها العرب في الخليج لإنتاج المزيد من النفط، ليس فقط للتعويض عن الانسحاب الإيراني المتوقع؛ بل أيضاً لمكافحة النواقص الناتجة عن الاضطرابات في البلدان الكبيرة المنتجة للنفط، مثل ليبيا.
وإذا أوقف جميع حلفاء الولايات المتحدة استيراد النفط الإيراني، فقد تشهد البلاد في نهاية المطاف انخفاضَ صادراتها النفطية إلى مليون برميل يومياً، من 2.28 مليون برميل يومياً؛ مما يؤدي إلى خسارة كبيرة في الإيرادات. هذا الاحتمال الرهيب، الذي ضخمته الحاجة إلى الرد على واشنطن، وحفظ ماء الوجه بطريقة ما، يدفع إيران إلى تحطيم تهديدها المألوف بإغلاق مضيق هرمز، في أي تجارة، فمجرد التهديد بإغلاق المضيق يزيد من عدم التيقن بالسوق، ويحفز أسعار النفط، ويخلق بعضَ النفوذ لإيران، دون أن يتطلب ذلك اتّباعها.
ما الأمور المتوقعة بعد ذلك؟
في الوقت الذي تزيد فيه الولايات المتحدة الضغوط المفروضة عليها، من المحتمل أن تقوم إيران بالانتقام بطرق أخرى، مثل استخدام قدراتها الإلكترونية ضد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، أو مضايقة السفن في الخليج العربي.
ومن المرجح أن تشمل هذه السفن الولايات المتحدة، أو الحلفاء العسكريين، أو الناقلات التي تحمل النفط الخام السعودي أو الإماراتي، أو منصات الإنتاج البحرية السعودية أو الإماراتية.
هذا النوع من المضايقات هو أمر شائع بالنسبة لأسطول الحرس الثوري الإيراني، الذي حافظ على استراتيجية الردع في الخليج، حتى بعد تنفيذ خطة العمل المشتركة.
وفي عام 2017، قامت بمضايقة السفن الإماراتية، ومنصة سعودية في الخارج، وفي نفس العام وقعت حادثة بين سفينة تابعة للحرس الثوري الإيراني وسفينة بحرية أميركية، أطلقت فيها السفينة الأميركية طلقات تحذيرية، في محاولة لمنع حدوث تصادم.
ووضع الحرس الثوري الإيراني حداً لهذه التصرفات، في أغسطس/آب 2017، عندما بدأت إيران حملة لتهدئة الاتحاد الأوروبي، ومحاولة منع الولايات المتحدة من مغادرة الاتفاق النووي.
وبعد أن أعاد البيت الأبيض العقوبات، ولم يَعد الاتحاد الأوروبي قادراً على تقديم ضمانات اقتصادية، قد يبدأ الحرس الثوري الإسلامي هذا النوع من النشاط مرة أخرى.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.