برشلونة والحظ.. لماذا غضب رومان على دي ماتيو؟
بعد تتويج تشيلسي بلقب دوري أبطال أوروبا عام 2012، حصلت ديلي ستار، من مصادر موثوقة، على معلومة تفيد بنيّة رومان إبراموفيتش، مالك النادي، إقالة مدرب الفريق روبيرتو دي ماتيو.
بعد يوم من حصول الفريق على نجمته الأولى في دوري الأبطال كان رومان غاضباً تماماً من الطريقة التي لعب بها ناديه، والأسلوب الذي حقق به اللقب!
رومان لم يكن مهتماً كثيراً بالرأي العام، في نظره كان يرى أن روبيرتو هو شخص محظوظ جداً للظفر بلقب كهذا.
في الرابع والعشرين من أبريل (نيسان) في السنة نفسها، تواجه تشيلسي وبرشلونة في نصف نهائي البطولة، وسدد برشلونة ذهاباً وإياباً ما مجموعه 47 تسديدة، مقابل 11 تسديدة فقط لتشيلسي، 18 ركلة ركنية لصالح برشلونة، مقابل 2 فقط لتشيلسي، الاستحواذ 80% برشلونة 20% تشيلسي، وانتهت المواجهة بفوز تشيلسي 3-2 في مجموع المباراتين.
لماذا يخسر برشلونة ولماذا لن يفوز أبداً؟
لابورتا في الصيف الماضي قال: "Losing brings consequences"، أي أن الهزيمة لها تبِعات.
سنة 2001، في نهائي كأس C&G للكريكيت، قدم الإنجليزي سكوت بوزويل سادس أسوأ أداء في تاريخ الكريكيت، وحسب الباحثين فما قدّمه سكوت تصنيفه التاسع في تاريخ رياضات العالم بأكمله من حيث الصدمة.
بوزويل، الحاصل على رجل مباراة نصف النهائي، قال إنه مع كل رمية كان يشعر بالتجمد أو الشلل، وهي الرياضة التي يُمارسها بشكل احترافي بحت منذ سنوات، فجأة، وبدون أية مقدمات لم يعد قادراً على فعل أي شيء ليلتها؛ لسبب خارج عن إرادته، واستخدم مصطلح "I was frozen"، (أنا كنت متجمداً).
وفي مقابلة مع الغارديان البريطانية، سنة 2013، قال إنه حتى يوم المقابلة ما زال يتعافى من آثار الليلة السيئة المذكورة، وإنه لم يعد قادراً على تخطيها.
بعد أكثر من 18 سنة تكلّم حارس برشلونة، مارك أندريه تير شتيجن، عن حالة شبيهة، وهي ليلة الأنفيلد، وقال عنها "we were all frozen"، (لقد كنا متجمدين)، واستخدم نفس المصطلح الذي استخدمه سكوت بوزويل بالضبط، بل كان صريحاً أكثر حينما قال إنه لا يعتقد أنها مجرد ليلة سيئة، وأن الأمر وارد حدوثه في المستقبل من جديد.
كيف تحدث الريمونتادا أحياناً، وكيف لا تحدث؟
في مباراة برشلونة وباريس سان جيرمان الشهيرة في عام 2017، ووفقاً لميجيل ديلاني، صحفي الإندبندنت البريطانية، فغرفة ملابس باريس سان جيرمان كانت في حالة من الصدمة خلال شوطَي اللقاء، كانت في حالة من الصمت والخوف، اللاعبون ينظرون في أرجاء الغرفة بلا أية ردة فعل.
وهذا هو العامل الفاصل، بين ريمونتادا برشلونة ضد باريس، وكل ريمونتادا حصلت لبرشلونة ضد أي فريق، سواء كان كبيراً أو صغيراً.
في مبدأ never say die attitude قال يورغن كلوب إنه حتى وإن كنت خاسراً بهدف للا شيء، فلا بد أن تزرع في عقول لاعبيك فكرة أن الأمور لم تنتهِ بعد.
لكنه أكد أيضاً على ضرورة استحضار هذا الجانب عندهم، حينما تتأزم الأمور في كل مرة، وبصورة متكررة.
أليسون، حارس ليفربول، الذي كان موجوداً في ليلة الأولمبيكو، قال بعد الهدف الثاني لفريقه في مرمى برشلونة إنه لاحظ تغير ملامح ميسي وسواريز، واختلفت، وبدأ يظهر عليهما القلق فعلاً، وهو ما كان مؤشراً قوياً بالنسبة له أن فريق برشلونة ما زال يعيش في ليلة الأولمبيكو، والتي أكدوا كثيراً أنهم تعلموا منها، وأنها لن تتكرر.
"في نفس التوقيت الذي تُعرض فيه لقطة هروب فينيسيوس في ملعب الاتحاد، قاطعاً نصف الملعب كله، مسجلاً هدفاً لريال مدريد في مرمى مانشستر سيتي، يقف عثمان ديمبيلي عند نقطة الجزاء منتظراً تمريرة ميسي ليمررها لأليسون، ثم سيسقط ميسي متحسراً".
كان من السهل ملاحظة ردة فعل قائد برشلونة، وهو منتصر بنتيجة 3-0، وواضع قدماً ونصف القدم في نهائي الأبطال، بعد إهدار ديمبيلي فرصته الشهيرة ضد ليفربول.
أحد الصحفيين قال عنها إن ردة فعل ميسي لم تكن طبيعية، وفيها مؤشر واضح على عدم ثقته بزملائه، والدليل الأوضح هو احتداده على فيدال قبلها في نفس المباراة.
وإذا أردت التأكد من هذا الشق، شاهد ردة فعل ميسي بين شوطي مباراة البايرن التي انتهت بنتيجة 8-2 وهو منكس رأسه في غرفة الملابس، بعد سنة من مباراة ليفربول، وهذا دليل أقوى على معرفته بالوضع العام وإمكانيات الفريق مقارنة بالتطلعات الجماهيرية.
أن تمتلك بنزيمة
في العديد من المباريات التي خاضها ريال مدريد هذا الموسم بدا فريقاً عادياً، سهل المراس، ويمكن التغلب عليه في فترات متباعدة من اللقاء، إلى أن يُقرر بنزيمة الظهور وتغيير كل شيء.
يوم أن غاب بنزيمة عن ريال مدريد في مباراة الكلاسيكو تحول الفريق إلى فوضى، الدفاع لا يتصل بالوسط، والوسط لا يلامس الهجوم، فبنزيما هو من يفعل هذا كله في الثلث الأخير في منظومة الريال.
أمام باريس، بعد أن كان ريال مدريد مودّعاً للمسابقة ظهر بنزيما، ظهر من العدم، في افتكاك الكرة من دوناروما، وفي التمركز خلف ماركينيوس، وفي اللمسة الواحدة بعد خطأ ماركينيوس، وبعد أن كان ريال مدريد عائداً من حيث أتى ذهب في عون بنزيمة إلى ربع النهائي في 17 دقيقة فقط.
وفي إنجلترا، في دقيقتين، فعل بنزيمة برأسه ما يُستعصى على قدم غيره، وسجل الهاتريك الثاني له توالياً، وفي العودة لمسة واحدة من مودريتش كانت كفيلة بإحياء آمالهم من جديد، وبنزيمة من جديد برأسه أرسلهم إلى نصف النهائي.
المقصد من كل هذا الحديث أن ريال مدريد في كثير من الأحيان يكون سيئاً، لكن هناك عوامل أكثر من الحظ تساعده، وهو السؤال المنطقي لدى الجماهير: "ماذا سيفعل الفريق في مثل هذه الظروف؟"
على عكس برشلونة هو ريال مدريد، الفريق الذي يستقبل العديد من الأهداف ويكون على أعتاب الخروج، لكنّ لاعبيه لا يتوانون أبداً عن المحاولة حتى اللحظة الأخيرة لمنع ذلك من الحدوث.
في الأنفيلد جلس غوردي ألبا باكياً بين شوطي اللقاء، في شوط تأخر فيه برشلونة بهدف يتيم لصالح ليفربول، وبأسبقية الثلاثية في الكامب نو، لكن غوردي ألبا كان خائفاً من الهزيمة، وإن كان في لحظتها منتصراً.
في الأنفيلد وقف ميسي يخاطب زملاءه قائلاً: "روما كانت خطأنا، لا تدعوها تتكرر اليوم".
وعلى تويتر، كتب لوكا مودريتش: "الاستسلام ليس خياراً".
هنا تتضح الفوارق الجوهرية بين الفريقين في كل الأوقات، العامل النفسي والذهني أمر مهم، مهم للغاية في كرة القدم، به تنتصر، ومن دونه تُهزم، وهو ما يميز ريال مدريد في المسابقات الأوروبية الأخيرة إذا ما قارنّاه ببرشلونة، الذي تنهار منظومته بمجرد استقبال هدف في أي محفل.
مصطلحات السوشيال ميديا
على مواقع التواصل الاجتماعي، وعقب كل مباراة لريال مدريد في دوري أبطال أوروبا، تبدأ الجماهير في إطلاق عبارات من نوعية "شخصية البطل"، وهي آراء تُحترم بطبيعة الحال، وكل جمهور يتغنى بفوز فريقه بالطريقة التي تُرضيه وتعجبه مهما استهجنها غيره.
لكن في كثير من الأحيان يكون الانتصار عن طريق لاعب بعينه، أو عن تعامل الفريق في مواقف معينة في أزمات لا يمكن الخروج منها، حتى وإن كان مدربه سيئاً للغاية.
المصطلحات التي يتم تداولها هي مصطلحات مطاطية ومبهمة جداً، تنفي ما يحدث داخل أرض الملعب، من كان أفضل؟ ماذا حدث في أطوار اللقاء؟
كرويف قال إن كرة القدم هي لعبة الأخطاء، والفريق الذي يرتكب أخطاء أقل ينتصر، وهذه حقيقة، الأهداف تأتي من أخطاء في التمركز والرقابة، تأتي من هفوات دفاعية قاتلة في أوقات لا يُسمح فيها بذلك.
ريال مدريد ينتصر في كثير من الأحيان؛ لأنه يمتلك مجموعة من اللاعبين مهما كانت مستوياتهم، وما يحدث لهم في أرض الملعب، فإنهم يحاولون تغيير ما يحدث، وبدا ذلك واضحاً أمام باريس سان جيرمان، وتشيلسي، وحتى في أسوأ مستوى لهم أمام مانشستر سيتي.
الشخصية التي يتمتع بها ريال مدريد هي شخصية أفراد، شخصية تمثلت في مواقف راموس التاريخية في اللحظات الحرجة، لمسة مودريتش، تساقط الحراس أمام بنزيمة، وبالتأكيد بعد رحيل كل هؤلاء سيحتاج إلى أجيال جديدة لديها نفس القدرة على التعامل في مثل هذه المواقف.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.