كشفت مصادر مطلعة لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية بعض كواليس صفقة استحواذ إيلون ماسك على شركة تويتر؛ إذ قالت إن الرئيس المشارك لـSalesforce Inc والذي يرأس مجلس إدارة تويتر، بريت تايلور، تحدَّث السبت إلى إيلون ماسك، وكان من المقرر أن يجتمع مجلس الإدارة بالكامل في الصباح التالي لمناقشة قبول الصفقة، وفقاً لما أفاد به لماسك، ثم اقترح أن يتحدثا مرةً أخرى بعد الاجتماع.
فيما كان من المتوقع أن ترفض تويتر عرض ماسك، ولكن بحلول الوقت الذي التقى فيه الرجل مرةً أخرى بعد ظهر الأحد، كان مجلس إدارة تويتر قد صوَّت في صالح التفاوض مع ماسك، بينما يناقش المستشارون صفقةً بقيمة 44 مليار دولار قبل الإعلان عن الصفقة بعد ظهر الإثنين.
رحلة ماسك في الاستحواذ على تويتر
وقد واجه ماسك تحدياً صعباً؛ حيث ربط نحو 60 ملياراً من أسهمه في تسلا -أي ثلث حصته- كضمانةٍ للقروض المصرفية التي حصل عليها، مما ربط ثروته الشخصية بتويتر مباشرة وأصبح يتعين عليه توفير 21 مليار دولار إضافية نقداً، مما قد يعني بيع المزيد من حصص تسلا بعد أن بدأت الشركة في تحقيق النجاح.
إذ بدأت الملحمة في الرابع من أبريل/نيسان، حين كشف ماسك عن استحواذه على أكثر من 9% من أسهم تويتر، ليصبح أكبر مساهمٍ في الشركة، وأعلنت تويتر في اليوم التالي أن ماسك سينضم إلى مجلس إدارتها. وبدأ الجانبان في نقاش الاحتمالية بالفعل، أملاً من تويتر في تهدئة ماسك الذي واصل انتقاداته العلنية للشركة.
وتردد ماسك بالفعل لتفكيره في مدى التقييد الذي سيتعرض له إذا انضم لمجلس الإدارة. ومع ذلك، قرر الجانبان المضي قدماً. ولكن في يوم السبت، التاسع من أبريل/نيسان، صرّح ماسك للشركة بأنه غيَّر رأيه.
ثم بدأ في التخطيط لخطوته التالية سراً: وهي محاولة الاستحواذ الكامل. وقد أعلن عن عرضه في 14 أبريل/نيسان، حين كتب على تويتر: "لقد قدمت عرضاً". وبمجرد أن قرر مستشاروه أن العرض يجب أن يتضمن علاوةً قدرها 40% على أسعار أسهم تويتر؛ قرر ماسك أن يكون عرضه بسعر 54.20 دولار.
فيما لم ترد في العرض الكيفية التي ينوي السداد بها، وهو مبلغٌ ليس بهيّنٍ حتى على شخصٍ مثل ماسك، وأغلقت أسهم تويتر على انخفاضٍ ذلك اليوم، في علامةٍ على أن المساهمين لم يكونوا واثقين في إمكانية حدوث الصفقة.
حيث بدأ عرض الـ54.20 دولار ضئيلاً أول الأمر في عيون مستشاري تويتر، لكن أسهم الشركة كانت متراجعةً بشدة، وظل يُنظر إليها لسنوات على أنها جائزةٌ في انتظار صاحب النصيب، ومن بينهم شركات التقنية الثرية مثل Salesforce.
ولهذا سارعت تويتر إلى تطبيق استراتيجية "حبة السم"، وهي مناورةٌ قانونية ستجعل من الصعب على ماسك توسيع حصته لأكثر من 15%. وقد جرى إتمام تلك المناورة في يوم جمعةٍ هادئ، قبل إغلاق أسواق الأسهم للعطلات.
نقطة التحوُّل في صفقة تويتر
لكن نقطة التحول جاءت في يوم الخميس، 21 أبريل/نيسان، حين قال ماسك إنه وفّر التمويل اللازم لعرضه من مصارف عالمية شهيرة مثل Morgan Stanley، وBarclays PLC، وBank of America Corp. وأدى توافر المبلغ -الذي دفع ماسك ثلاثة أرباعه من ثروته الشخصية- إلى إضفاء مصداقيةٍ أكثر على العرض، وتحييد الانتقادات المحتملة من جانب تويتر. كما أوضح أن عرضه لم يعد خاضعاً لاشتراطات إتمام العناية الواجبة من جانب فريقه، مما مهد الطريق أمام إتمام الصفقة في أسرع وقتٍ ممكن.
وكانت الشركة قد بدأت تستمع بالفعل إلى مخاوف المساهمين حول أن عرض ماسك قد يكون أفضل عرضٍ ممكن، فضلاً عن أن توافر التمويل النقدي زاد من الضغط على المديرين ليأخذوا العرض بجدية.
بينما واصل ماسك عرض موقفه على كبار المساهمين في سلسلةٍ من محادثات الفيديو يوم الجمعة، ولم يعلم سوى بشكلٍ عابر وقتها أن لجنة تويتر المكلفة بمراجعة عرضه قد بدأت تُغيّر موقفها؛ حيث توصل مصرفيو تويتر إلى أن استكمال الشركة لطريقها المنفرد بالنهج الحالي قد يهبط بأسهم الشركة إلى أقل بكثير من 54.20 دولار للسهم في أسوأ الأحوال.
وقد استشعر ماسك هذا التحول حين تحدث إليه تايلور في اليوم التالي وضغط عليه من أجل تقديم عرضٍ أفضل؛ لكن ماسك كان قد أخبره من قبل بأن العرض الحالي "نهائي وهو أفضل عرضٍ ممكن". ولهذا تمسك بموقفه وأخبر تايلور أن لديه سمعةً يجب أن يحافظ عليها. كما أوضح له أنه على استعدادٍ لتقديم العرض إلى المساهمين مباشرةً في حال رفضه المجلس.
فيما اتفق الثنائي على الاجتماع في اليوم التالي بعد تصويت مجلس إدارة تويتر رسمياً على قرار فتح المفاوضات مع ماسك من عدمه. وفي يوم الأحد، أوضح ماسك، على حسابه في تويتر، أنه متحمسٌ لإتمام الصفقة بحلول يوم الإثنين. ولأن سعر العرض كان ثابتاً، ركزت تويتر جهودها في المفاوضات على حماية المساهمين في حال عدم إتمام الصفقة، بالنظر إلى طبيعة ماسك المتقلبة وعلاقاته المتوترة مع الجهات التنظيمية.
وكان المستشارون من الجانبين لا يزالون يضعون الرتوش الأخيرة على الصفقة في صباح الإثنين؛ مما أدى لتبخر الآمال بإعلانها رسمياً قبل فتح الأسواق. ولهذا جاءت الأخبار في منتصف يوم التداول، وهو أمرٌ غير مسبوقٍ تقريباً مع أخبار الشركات الكبرى.