دخل الهجوم الروسي على أوكرانيا شهره الثالث، فماذا تحقق من أهداف الرئيس فلاديمير بوتين خلال أول شهرين؟ وما سيناريوهات المرحلة المقبلة من الحرب التي تأثر بها الجميع حول العالم؟
الهجوم الروسي على أوكرانيا، الذي تصفه موسكو بأنه عملية عسكرية خاصة بينما يصفه الغرب بأنه غزو غير مبرر، بدأ يوم 24 فبراير/شباط الماضي، حيث هاجمت القوات الروسية أوكرانيا من جميع الجهات، وفرضت حصاراً على جميع المدن الأوكرانية، بما فيها العاصمة كييف.
وقبل أسبوعين قالت وزارة الدفاع الروسية إن موسكو ستنتقل إلى "المرحلة النهائية" من العملية العسكرية بعد "إنجاز جميع المهام الرئيسية" في شمال أوكرانيا، وأضافت أن القوات تنسحب من كييف لـ"تحرير" إقليم دونباس في الشرق.
وكان ذلك الإعلان بمثابة تمهيد أن الهجوم الروسي على أوكرانيا يقترب من مرحلة الحسم، مع استعداد روسيا للاستيلاء على آخر نقطة في مدينة ماريوبول، وهي مجمع الصلب آزوفستان في ماريوبول، حيث تتحصن بقايا المقاومة الأوكرانية من الجيش وكتيبة آزوف، بينما تتواصل الهجمات الروسية المكثفة على طول خط التّماس في دونباس.
ما آخر التطورات الميدانية؟
قال مسؤول أوكراني، السبت 23 أبريل/نيسان، إن روسيا استأنفت هجومها على آخر المدافعين الأوكرانيين المتحصنين في مصنع عملاق للصلب في ماريوبول، وذلك بعد أيام من إعلان موسكو انتصارها في تلك المدينة الساحلية بجنوب أوكرانيا، وأن قواتها ليست بحاجة للسيطرة على المصنع، بحسب تقرير لرويترز.
وتحتدم أكبر معركة في الصراع منذ أسابيع مع سعي روسيا للسيطرة على مدينة يُنظر إليها على أنها حيوية لمحاولاتها ربط منطقة دونباس الشرقية بشبه جزيرة القرم، التي استولت عليها موسكو في عام 2014. ويحتل الانفصاليون الذين تدعمهم موسكو أراضي في منطقة دونباس منذ سنوات.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن روسيا استخدمت السبت صواريخ عالية الدقة لتدمير محطة لوجستية في أوديسا، حيث يتم تخزين شحنات ضخمة من الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية. وأضافت في منشور على الإنترنت أن القوات الروسية قتلت اليوم ما يصل إلى 200 جندي أوكراني، ودمرت أكثر من 30 مركبة بعضها مدرعة.
بينما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن ثمانية أشخاص على الأقل قتلوا في مدينة أوديسا المطلة على البحر الأسود. وقالت القوات المسلحة الأوكرانية إن صاروخين أصابا منشأة عسكرية، وتسببا في تدمير مبنيين سكنيين، لكن لم يتسن التحقق من عدد القتلى بشكل مستقل. وكان آخر هجوم كبير على أوديسا أو بالقرب منها في أوائل أبريل/نيسان.
وقال الجنرال الروسي رستم مينكاييف، الجمعة، إن موسكو تريد السيطرة على جنوب أوكرانيا بالكامل وليس فقط دونباس. وقالت أوكرانيا إن هذه التصريحات تشير إلى أن لروسيا أهدافاً أوسع من هدفها المعلن المتمثل في نزع السلاح و"القضاء على النازيين" في أوكرانيا. وتصف كييف والغرب الغزو بأنه حرب عدوانية غير مبررة.
وماريوبول هي أكثر المدن الأوكرانية تعرضاً للغارات والقصف الروسي منذ بدأت الحرب، وواجهت المدينة الزخم الأكبر من الهجمات. وتعتبر ماريوبول أحد أهم أهداف الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا، ولذلك أسباب متعددة ترتبط بالموقع الجغرافي للمدينة، وبعوامل أخرى أهمها كون المدينة مقراً لكتيبة آزوف، وهي ميليشيات قومية تنتمي لليمين المتطرف.
ورغم أن ماريوبول تحتل مساحة جغرافية صغيرة جداً في خريطة أوكرانيا، فإنها تمثل أهمية استراتيجية كبيرة لروسيا، بسبب وقوعها بين شبه جزيرة القرم من جهة وإقليم دونباس من جهة أخرى، والأول تسيطر عليه روسيا بالفعل، بينما تسعى إلى إحكام السيطرة على الثاني.
ويتركز الهجوم الروسي حالياً على دونباس، التي تتشكل من دونيتسك ولوغانسك، اللتين يسيطر على أجزاء منهما منذ سنوات انفصاليون تدعمهم موسكو. وقال سيرهي جايداي، حاكم لوغانسك، السبت، إن القوات الأوكرانية تنسحب من بعض التجمعات السكنية إلى خطوط دفاعية جديدة، للحفاظ على تماسك وحداتها في مواجهة وابل كثيف من النيران على جميع المدن في المنطقة.
لماذا نشرت روسيا قاذفات صواريخ إسكندر-إم؟
هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية قالت الأحد، 24 أبريل/نيسان، إن روسيا نشرت قاذفات صواريخ إسكندر-إم المتنقلة على بعد 60 كيلومتراً من الحدود الأوكرانية.
وفي تحديثها الصباحي اليومي عن تطورات الحرب قالت القوات المسلحة الأوكرانية "زاد العدو من عدد القوات في منطقة بيلجورود من خلال نقل وحشد وحدات إضافية". وأضافت "وفقاً للمعلومات المتاحة، تم نشر قاذفات صواريخ إسكندر-إم على بعد 60 كيلومتراً من الحدود مع أوكرانيا"، دون تقديم مزيد من التفاصيل حول موقع نشرها.
ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة التقارير، ولم يصدر رد فعل بعد من موسكو على هذه التقارير. ومدينة بيلجورود هي المركز الإداري لمنطقة بيلجورود الروسية شمالي الحدود مع أوكرانيا.
وحل صاروخ إسكندر، وهو نظام صاروخي باليستي متحرك أطلق عليه حلف شمال الأطلسي اسم إس.إس-26 ستون، محل صاروخ سكود السوفييتي. ويصل مدى صواريخ إسكندر ثنائية التوجيه إلى 500 كيلومتر ويمكنها حمل رؤوس حربية تقليدية أو نووية.
ويمكن القول إن روسيا تركز هجومها حالياً على الأقاليم الشرقية والجنوبية من أوكرانيا، دونباس وماريوبول بالأساس، لكنها تواصل قصف جميع المدن الأوكرانية فيما تصفه كييف بأنه قصف هدفه "الإرهاب والتخويف"، بينما تقول موسكو إنه قصف يستهدف مخازن الأسلحة التي يوفرها الغرب لأوكرانيا.
وسيكون من شبه المستحيل التوقع بالمدى الزمني الذي قد تستغرقه الحرب حتى تنتهي تماماً، على الرغم من الحديث الأمريكي عن تحديد موسكو يوم النصر على النازيين خلال الحرب العالمية الثانية (9 مايو/أيار) موعداً لإعلان النصر من جانب بوتين.
أبرز محطات الحرب في أوكرانيا
ورصد تقرير لرويترز التسلسل الزمني لأبرز الأحداث التي شهدها الهجوم الروسي، حيث بدأ يوم 24 فبراير/شباط، ومن ثلاث جبهات، أكبر هجوم على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، ما أسفر عن فرار عشرات الآلاف.
الرئيس بوتين قال إنه يشن "عملية عسكرية خاصة" لنزع سلاح أوكرانيا و"تخليصها من النازيين"، وقال زيلينسكي على تويتر "روسيا شرعت في طريق الشر، لكن أوكرانيا تدافع عن نفسها".
وفي 28 فبراير/شباط، بدأت أول محادثات بين روسيا وأوكرانيا بهدف وقف إطلاق النار، وأقيمت على الحدود البيلاروسية، لكنها لم تسفر عن أي تقدم. وفي الأول من مارس/آذار، ضربت روسيا برج إرسال تلفزيوني في كييف، وكثفت قصفها لخاركيف في الشمال الشرقي ومدن أخرى، فيما وصفه الغرب بأنه تحول في التكتيكات وتلاشي آمال موسكو في شن هجوم سريع على العاصمة.
وفي اليوم نفسه، قال مسؤول أمريكي إن قافلة روسية مدرعة يمتد طولها لعدة أميال ومتجهة صوب كييف لم تتحرك خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية بسبب مشاكل لوجستية.
2 مارس/آذار: قال رئيس بلدية ماريوبول إن القوات الروسية قصفت المدينة الساحلية الجنوبية لمدة 14 ساعة، ومنعت المدنيين من المغادرة، في بداية حصار موسكو للمدينة، وتنفي روسيا استهداف المدنيين. ووصلت القوات الروسية إلى وسط مدينة خيرسون الساحلية المطلة على البحر الأسود، لتصبح أول مركز حضري كبير تسيطر عليه موسكو.
3 مارس/آذار: روسيا وأوكرانيا تتفقان على فتح ممرات آمنة للمدنيين الفارين. غرق سفينة شحن بالقرب من ميناء أوكراني بعد ساعات من انفجار في سفينة أخرى في ميناء آخر. ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين تقول إن مليون شخص فروا من أوكرانيا.
4 مارس/آذار: القوات الروسية تستولي على محطة زابوريجيا للطاقة النووية، وهي الأكبر في أوروبا. ورفض حلف شمال الأطلسي (الناتو) دعوة أوكرانيا لفرض مناطق حظر طيران، قائلاً إن من شأن ذلك تصعيد الصراع.
13 مارس/آذار: روسيا توسع من حربها إلى عمق غرب أوكرانيا، وتطلق صواريخ على قاعدة في يافوريف بالقرب من الحدود مع بولندا، العضو في حلف شمال الأطلسي. قال مسؤول محلي إن الهجوم أسفر عن مقتل 35 شخصاً وإصابة 134.
14 مارس/آذار: الصحفية الروسية مارينا أوفسيانيكوفا تقتحم استوديو إحدى القنوات التلفزيونية الحكومية خلال نشرة إخبارية على الهواء، وهي تحمل لافتة كتب عليها "لا للحرب، أوقفوا الحرب، لا تصدقوا الدعاية، إنهم يكذبون عليكم هنا".
25 مارس/آذار: موسكو تشير إلى التركيز على الأراضي التي يطالب بها الانفصاليون المدعومون من روسيا في الشرق، فيما تشن القوات الأوكرانية هجوماً لاستعادة السيطرة على البلدات الواقعة خارج كييف.
29 مارس/آذار: أوكرانيا تقترح تبنّي وضع "دولة محايدة" خلال محادثات في إسطنبول. وفي اليوم التالي، تقول المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إن أكثر من أربعة ملايين شخص فروا من أوكرانيا.
أول أبريل/نيسان: أوكرانيا تستعيد المزيد من الأراضي حول كييف من الجنود الروس الذين تركوا القرى المدمرة والدبابات المهجورة في أثناء ابتعادهم عن العاصمة.
الثالث والرابع من أبريل/نيسان: أوكرانيا تتهم روسيا بارتكاب جرائم حرب بعد العثور على مقبرة جماعية، وجثث لأشخاص أطلقت عليهم النار من مسافة قريبة في بلدة بوتشا، بعد استعادتها من القوات الروسية، ووصف زيلينسكي وجو بايدن ما حدث في بوتشا بأنه إبادة جماعية.
لكن الكرملين نفى مسؤوليته عن تلك الجرائم، وقال إن صور الجثث مزيفة، لكن تعريف الإبادة الجماعية لا يغطي حالات القتل الجماعي على إطلاقها، بل يحدد 5 أفعال محددة، ولا تعتبر أي منها إبادة جماعية إلا إذا تم "ارتكابها بنية التدمير، الكلي أو الجزئي، لجماعة عرقية أو دينية محددة"، وهذه الحالات الخمس هي: قتل أعضاء الجماعة، والتسبب بأذى جسدي أو عقلي لأعضاء الجماعة، والتدخل بشكل متعمد في ظروف الحياة الخاصة بالجماعة بهدف تدميرها كلياً أو جزئياً، وفرض إجراءات تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة، والحالة الخامسة هي نقل أطفال الجماعة إلى جماعة أخرى، بحسب تقرير لموقع Vox الأمريكي.
14 أبريل/نيسان: غرق السفينة الحربية الروسية موسكافا في البحر الأسود، بعد انفجار وحريق تقول أوكرانيا إنه نجم عن ضربة صاروخية. تقول روسيا إن السفينة غرقت بعد انفجار ذخيرة. تعتقد واشنطن أن السفينة الحربية أصيبت بصاروخين أوكرانيين.
18 أبريل/نيسان: روسيا تبدأ هجومها على شرق أوكرانيا، وتطلق العنان لآلاف القوات فيما وصفته أوكرانيا بمعركة دونباس، وهي حملة للاستيلاء على إقليمين وتحقيق نصر في ساحة المعركة.
21 أبريل/نيسان: بوتين يعلن "تحرير" مدينة ماريوبول الساحلية بجنوب شرق أوكرانيا بعد شهرين من الحصار، رغم تحصن مئات من المدافعين عن المدينة في مصنع ضخم للصلب. وفي 22 أبريل/نيسان، جنرال روسي يقول إن موسكو ترغب في السيطرة على كل مناطق جنوب وشرق أوكرانيا.