دائماً ما تعمل الخوارزميات في غير صالح المستخدمين، وذلك على عكس ما تقوله الشركات التي تدعي أنها تطور تلك الخوارزميات من أجل تحسين تجربة المستخدم.
الإجابة الأخيرة هي النموذجية للشركات العملاقة، مثل جوجل وفيسبوك وأوبر وغيرها، لتبرير استخدام تلك الخوارزميات وملفات التعريف، وربما هم على حق جزئياً فيما يخص تحسين تجربة المستخدم، ولكن هل دائماً كل الخوارزميات مفيدة؟
للإجابة عن هذا السؤال، سنستعرض خوارزمية جديدة تعمل عليها شركة "أوبر" لم يعلن عنها رسمياً، بل على العكس نفت الشركة صحة الموضوع، لكن لا يعني هذا أن الشركة صادقة، فالتجربة العملية تقول عكس ذلك.
قبل الغوص في قصة "أوبر" نحتاج إلى معرفة ما هي الخوارزمية؟
الخوارزمية "مجموعة من الخطوات الرياضية والمنطقية والمتسلسلة اللازمة لحل مشكلة ما. وسُميت الخوارزمية بهذا الاسم نسبة إلى العالم أبي جعفر محمد بن موسى الخوارزمي، الذي ابتكرها في القرن التاسع الميلادي"، إذاً الخوارزمية بشكل مبسط ما هي إلا خطوات منطقية تقوم بها الشركة من أجل تحقيق أهدافها في النهاية، دعنا نصنع واحدة الآن.
لنفترض أننا نصنع خوارزمية لشركة نتفلكس لترشيح أهم الأفلام للمستخدمين بناءً على التفضيلات، أولاً، نربط كل الأفلام التي لدينا بتصنيفات محددة، مثل أفلام رعب، أفلام كوميدية، أفلام أكشن.. إلخ، ثم نعرض للمستخدم بمجرد أن يفتح التطبيق أهم 10 أفلام بتصنيفات مختلفة، فإذا اختار الفيلم الكوميدي مثلاً تبدأ الخوارزمية في عرض كل الأفلام الكوميدية في الترشيحات.. إلخ، هذا ببساطة ما تقوم به الشركات. والآن دعنا نستعرض الخوارزمية الخاصة بشركة أوبر، التي تعتمد على نسبة شحن بطارية الهاتف.
ما تقوله شركة أوبر أن تحديد سعر الرحلة يكون بناءً على نسبة المستخدمين الذين يودون الحصول على سيارة ما في وقت محدد، وفي منطقة محددة، مقابل نسبة السائقين المتوفرين في هذه المنطقة، فإذا زادت نسبة الطلب زادت الأسعار وبشكل متناسب مع درجة الزحام، وهذا الأمر قد يتم فعلاً ولكن هناك معايير أخرى تتحكم بتكلفة الرحلة لا تتحدث عنها أوبر، مثل اختلاف نسخة التطبيق أو نوع الهاتف أو غيرها، ومن هذه المعايير التي تحدد أوبر على أساسها سعر الرحلة هو نسبة شحن بطارية الهاتف.
ولتبسيط الأمر دعنا نسرد هذا المثال؛ لنفرض أن نسبة شحن بطارية هاتفك هي 90%، وأنك تريد أن تطلب أوبر لتنتقل من المسافة x إلى المسافة z، وبعد أن تستعرض تكلفة هذه الرحلة تجدها 50 جنيهاً مثلاً، الخوارزمية تقول: لو أن نسبة شحن بطارية هاتفك 20% مثلاً فالتكلفة ستكون 70 جنيهاً، على سبيل المثال، للمسافة نفسها من x لـ z وفي الوقت نفسه، وأن المتغير الوحيد في هذه المعادلة هو نسبة شحن بطارية الهاتف، بمعنى أن معلومة وحيدة بسيطة يمكن أن تُستغل ضدك.
رغم أن هذه الخوارزمية غير معلنة إلا أنها ليست مستبعدة تمامًا، وأقرتها بعض الأبحاث والتجارب، وكذلك مواقع متخصصة في التكنولوجيا، فالتطبيق له صلاحية الوصول لبيانات كثيرة جداً داخل هاتفك: الموقع الجغرافي الخاص بك، قائمة الاتصال لديك، الكاميرا… وغيرها من الصلاحيات التي يمكن الاستفادة منها بشكل أو بآخر، ومن هذه الصلاحيات أيضاً معرفة نسبة شحن بطارية هاتفك، معلومة بسيطة قد لا ينتبه لأهميتها أحد لكن من خلالها يستطيعون معرفة أنك تطلب أوبر الآن، وأن بطارية هاتفك على وشك الانتهاء، وأنك ستقبل بأي سعر حتى تذهب للمكان الذي تريده، وهنا يبدأون في استغلال هذه المعلومة لتحقيق أعلى ربح ممكن.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.