حنَّط المصريون موتاهم لضمان بعثهم من جديد في الحياة الأخرى، وذلك طوال العصر الفرعوني، ولم يقتصر التحنيط على البشر، إذ عُثر على حيوانات حنطها المصريون القدماء، بما في ذلك القطط وطائر أبو منجل والصقور والثعابين والتماسيح والكلاب والضفادع وغيرها الكثير.
تمَّ تقسيم الحيوانات المحنطة إلى 4 فئات:
- الحيوانات الأليفة المدفونة مع أصحابها.
- الحيوانات المدفونة مع الإنسان كمصدر طعام في الآخرة.
- الحيوانات المقدسة التي كانت تُعبد.
- قرابين للآلهة.
كانت القرابين أكثر مومياوات الحيوانات شيوعاً، ظهرت بكثرة في الفترة المتأخرة (672-332 قبل الميلاد) واستمرت حتى العصر الروماني، أو حتى القرن الرابع الميلادي، حيث بلغ عددها الملايين، حسب ما نشرت مجلة Nature العلمية.
قُدمت هذه القرابين نذراً للآلهة، لارتباطها بحيوانات معينة.
كان يرمز للآلهة بالحيوانات، مثل الإلهة باستت، التي تم تصويرها على أنها قطة عادية أو أي نوع آخر من السنوريات، وأحياناً على شكل إنسان برأس قطط. أما الإله حورس، فكان يصور على أنه صقر أو شاهين، لذلك تتمتع العديد من الحيوانات بمكانة مقدسة.
وجرت العادة أن يشتري زوار المعابد الحيوانات المحنطة ثم يقدمونها للآلهة، بطريقة مماثلة لتقديم الشموع في الكنائس اليوم.
واقترح علماء المصريات أيضاً أنهم اعتبروا الحيوانات المنذورة المحنطة بمثابة رسالة بين الناس على الأرض والآلهة.
ومن هذا المنطلق، تطلبت "صناعة" تحنيط الحيوانات كميات إنتاج كبيرة، مما استلزم بنية تحتية كبيرة وموارد وطاقم عمل من المزارعين لتربية الحيوانات المطلوبة لتحنيطها وبيعها لاحقاً.
ولهذه الغاية، تم توظيف حراس مخصصين لتربية الحيوانات، بينما استورد المصريون أنواعاً أخرى من خارج مصر، أو اصطادوها محلياً.
وكان على عاتق كهنة المعابد قتل الحيوانات وتحنيطها لتصبح مناسبة ولائقة كي تقدم قرباناً للآلهة.
وبدأت دراسة مومياوات الحيوانات باستخدام تقنيات تدخلية أو غير تدخلية منذ القرن التاسع عشر على الأقل.
عادةً ما تتضمن الأساليب فك غلاف المومياء وكشف العظام وغيرها من المصنوعات اليدوية الموضوعة بداخلها.
وفرت هذه التقنيات معلومات حول تقنيات التحنيط، وتم تحليل المكونات الكيميائية للكشف عن أسرار عمليات التحنيط.
وبسبب تدمير هذه التقنيات لبعض المومياوات، تم اعتماد التصوير الشعاعي التقليدي والتصوير المقطعي بالأشعة السينية الطبية في مراحل متقدمة.
مومياوات خالية من العظام
وفي أكبر دراسة من نوعها، استخدم باحثون في متحف مانشستر وجامعة مانشستر الأشعة السينية والأشعة المقطعية لفحص أكثر من 800 مومياء للحيوانات المصرية القديمة، والكثير منها موجود الآن في المتاحف البريطانية.
شكلت الحيوانات التي تم فحصها الطيور والقطط والتماسيح وغيرها الكثير. وبينما احتوى ثلث المومياوات على بقايا حيوانات كاملة محفوظة جيداً، وجد الباحثون بقايا جزئية فقط في ثلث آخر من المومياوات، حسب موقع History.
وكان الأمر الأكثر إثارة للصدمة هو أن ثلث المومياوات كان خالياً من جميع العظام أو البقايا، وتم استبدالها بلفائف الكتان المحشوة بأشياء مثل الطين والعصي وقشر البيض والريش.
حيوانات حنطها المصريون القدماء
بدورها قالت الدكتورة ليديجا ماكنايت، عالمة المصريات من جامعة مانشستر، لشبكة BBC: "كنا نعلم دائماً أن مومياوات الحيوانات لن تحتوي على ما توقعنا أن تحتويه، لكننا وجدنا حوالي الثلث لا يحتوي على أي مواد حيوانية على الإطلاق".
تقدَّر ماكنايت وزملاؤها أن حوالي 70 مليوناً من هذه المومياوات تم إنتاجها على مدى 1200 عام، من حوالي 800 عام قبل الميلاد وصولاً إلى العصر الروماني، الذي انتهى حوالي 400 م.
كان تحنيط الحيوانات، كما يفترض علماء المصريات، صناعة مع برنامج تربية خاص لجميع أنواع الحيوانات المختلفة، والتي قُتل الكثير منها عندما كانت صغيرة.
وبينما تم تحنيط القطط والكلاب كحيوانات أليفة وحيوانات مقدسة، عثر الباحثون على البط والأسماك والقرود مدفونة في المعابد كمخلوقات مقدسة.
كما عُثر على مومياوات التماسيح الصغيرة في توابيت خشبية، والتي قُدمت كطلب مساعدة من الإله التمساح سوبك.
ومن الحيوانات المحنطة الأخرى التي تم الكشف عنها الكباش والثيران وقرد البابون والغزال والسحالي.
واهتم المصريون القدماء بقططهم كثيراً، لدرجة أنهم قدموا لها غالباً مومياوات خاصة بها، مثل الجرذان والفئران، فحتى القطط تحتاج إلى طعام أثناء رحلاتها إلى العالم الآخر.