رغم أن الحكومة تقول إنها كثفت جهودها لمكافحة غلاء الأسعار في مصر إلا أنها لم تستطع التخفيف من معاناة المواطنين الذين اعتبروا أن هذا الشهر هو الأصعب مجتمعياً ومعيشياً منذ أزمة تعويم الجنيه في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
كشف مصدر أمني لـ"عربي بوست"، أن الأجهزة المعنية بقياس الرأي العام رصدت غضباً شعبياً غير مسبوق في تقارير لها، ومنذ ذلك الوقت وهناك اجتماعات مستمرة بين المسؤولين وقيادات بجهات سيادية؛ لإدارة الأزمة والبحث عن حلول ناجزة، لتهدئة المواطنين.
يؤكد المصدر أن شهر مارس/آذار شهد ارتفاعاً في كافة أسعار السلع الأساسية؛ مما أدى إلى تلك الحالة من الغليان، لكن الأخطر -كما يقول- أن التقارير حذّرت من هبّة شعبية ستخرج عن السيطرة نتيجة لحالة السخط العام وتصاعد الغضب لدى الطبقتين المتوسطة والفقيرة، والتنفيس عن ذلك بجرأة شديدة في فيديوهات تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي دون خوف من مساءلة أو حبس كما كان يحدث في السابق.
وتزامن مع ذلك تصدُّر هاشتاغ (#غضب_الغلابة_قادم_لامحاله) قائمة الأعلى تداولاً في مصر، فضلاً عن رصد الأمن دعوات متفاوتة إلى التظاهر. وخوفاً من أن تجد الدعوة صدى عند المواطنين، كشف المصدر أن وزارة الداخلية نشرت العديد من الدوريات الشرطية وعربات الأمن المركزي يوم الجمعة 25 مارس/آذار الماضي، وبالفعل لاحظ مواطنون انتشاراً مكثفاً وتمركزاً شرطياً في الميادين وعلى طول كورنيش النيل في ذلك اليوم؛ لاستباق تفجر الأوضاع في الشارع المصري بشكل لا يمكن السيطرة عليه.
علم "عربي بوست" إن التقارير أوصت بعدم طرح رفع الدعم الجزئي عن سعر رغيف الخبز، وهو ما كان يمهد له الإعلاميون المحسوبون على النظام، وكان شهر مايو/أيار القادم مقرراً لاتخاذ تلك الخطوة.
وكشف مصدر بوزارة البترول لـ"عربي بوست"، أن مسؤولين بجهات سيادية اجتمعوا بأعضاء من وزارة البترول، ولجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية، بشأن التوصل لحل مناسب لأزمة تسعير البنزين خلال الاجتماع الذي يُعقد كل ثلاثة أشهر للجنة، وكان المفترض الإعلان عن الزيادة بداية الشهر الجاري
لكن تم التأجيل إلى منتصف أبريل الحالي، بسبب حالة الغليان في الشارع، والاتفاق على زيادة لا تتسبب في تصاعد الاحتقان المجتمعي، وكانت الزيادة المقررة 100 قرش لكل المنتجات، لكن التقارير حذّرت مما يترتب على ذلك من ارتفاع أسعار السلع والخدمات وإثقال كاهل المواطن، وتوصلوا إلى اتفاق على أن تكون الزيادة تدريجية تبدأ بـ25 قرشاً فقط للبنزين بكل أنواعه مع ثبات سعر السولار بدون زيادة، وتم الإعلان عن ذلك في الخامس عشر من أبريل/نيسان.
وبتوجيهات رئاسية، قامت وزارة التموين المصرية، للمرة الأولى منذ فترة طويلة، بإعلان تسعيرة جبرية للخبز السياحي غير المدعوم، بعد أن شهدت أسعاره ارتفاعات كبيرة عقب الحرب الروسية الأوكرانية، إذ تستورد مصر من هاتين الدولتين نحو 90% من احتياجاتها من القمح والحبوب.
غلاء الأسعار في مصر بين الحكومة والتجار
الوضع المتأزم والتقارير التي أشار إليها المصدر الأمني كانا سبباً في استنفار أجهزة الدولة (الدفاع، والداخلية، والتموين، والتنمية المحلية) بأوامر رئاسية؛ لاتخاذ تدابير عاجلة لتهدئة المواطنين وطمأنتهم.
وبالفعل أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة أوامر لجهازي مشروعات الخدمة الوطنية والخدمات العامة التابعين لها بتوفير السلع الغذائية الأساسية من خلال المنافذ الثابتة والمتحركة، بأسعار مخفضة، وجهزت هيئة الإمداد والتموين للقوات المسلحة مليون حصة غذائية بمحافظات نطاق الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية، وطرحتها بنسبة خصم نصف السعر تقريباً.
بالمثل قامت وزارة الداخلية بحملات مستمرة؛ لملاحقة التجار المحتكرين للسلع وضبط الأسواق، ووصلت عقوبة احتكار التاجر أي سلعة إلى الحبس لمدة عامين وغرامة تتراوح بين 500 ألف جنيه ومليون جنيه، فضلاً عن مصادرة البضائع والسلع وعرضها بالسعر الرسمي في المجمعات الاستهلاكية.
أكد مصدر بمباحث التموين لـ"عربي بوست"، أنهم يحاولون السيطرة على انفلات الأسواق، وضبطوا بعض تجار الجملة في الأسواق المنتشرة بالمحافظات يتلاعبون بالسوق من خلال المضاربة بالأسعار، ما تسبب في ارتفاعها بشكل كبير.
كشف المصدر أن الحملات التي قاموا بها أسفرت عن ضبط ما يقارب 1300 قضية تموينية متنوعة، منها حجب سلع غذائية ورفع الأسعار بشكل مبالغ عن التسعير الحقيقي للسلعة، وتم تحرير مئات المحاضر في مجال قضايا المخابز.
أطنان من البضائع مجهولة النصدر
ويشير إلى أن تلك الحملات شملت جميع المحافظات، وتم ضبط أكثر من عشرة أطنان من "المسلي" بدون شهادة بلد المنشأ، في حيازة صاحب مخزن لتجارة السلع الغذائية بدون ترخيص بمحافظة المنوفية، كما ضبطت الحملة آلاف الأطنان من السلع المدعمة المخصصة للبطاقات التموينية والمحظور تداولها خارج منظومة الدعم، داخل مخزن لتجارة السلع الغذائية دون ترخيص بمحافظة البحيرة
وتحفظت الحملات على ما يقرب من خمسة آلاف طن من زيت الطعام والسكر والمسلي، دون مستندات، في مخزن بدون ترخيص بمحافظة القليوبية، كما ضبطت الحملات 13100 طن من الأسماك المجمدة وملح الطعام، معبأة، يشتبه في عدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي، وصادرت الحملة 19100 قطعة مستلزمات طبية مختلفة الأنواع.
رفض المصدر الإجابة عما يتم تداوله بين التجار بأن تلك المضبوطات يتم بيعها عبر المنافذ الرسمية التابعة لوزارة الداخلية بتخفيضات، في إطار إطلاق فعاليات المرحلة الـ22 من مبادرة (كلنا واحد)، وأن الزعم بعدم صلاحيتها؛ لتبرير الاستيلاء عليها وبيعها لصالحهم.
على الجانب المقابل يتهم بعض التجار ومنهم "عم محمود" أحد التجار في حي عين شمس الشرقية بالقاهرة، الحكومة بمصادرة السلع دون وجه حق، مشيراً إلى أنها تبيعها لصالحها. وأوضح التاجر أن قرار التجار رفع أسعار السلع الموجودة لديهم ليس جشعاً كما تقول الحكومة، لأن رأس مالهم هو السلع الموجودة لديهم، وإذا باعوا بالأسعار القديمة فلن يتمكنوا من شراء السلع بالأسعار الجديدة، والمستفيد الوحيد في تلك الحالة هو الحكومة، لأنها تستولي على سلع التجار ثم تبيعها، فضلاً عن أن غرامات مالية بالمليارات ستدخل خزائن الدولة، وفي الوقت ذاته تحسّن صورتها أمام المواطنين؛ لمحاربة الاحتكار وترتدي ثوب البطولة أمام الرئيس عندما تزيد معروضاتها من السلع الغذائية في المنافذ الثابتة والمتحركة التابعة لها أو توفر "كرتونة رمضان" للأسر الأكثر احتياجاً.
من جهته قال الخبير الاقتصادي المصري ممدوح الولي، في تصريحات متلفزة ببرنامج "نافذة على مصر"، إن الدولة على الرغم من إلقائها اللوم على التجار فإنها اتبعت ما تنتقده، حيث رفعت سعر زيت الطعام مرتين، وأقدمت على رفع أسعار بعض السلع التموينية بمجرد ارتفاعها عالمياً، وذلك قبل أن ينتهي المخزون لديها، كما يفعل التجار في العادة، فهي من أعطت إشارات للسوق بطريق غير مباشر، عندما قامت بزيادة أسعار السلع، وكان عليها أن تكون نموذجاً يقتدي به التجار.
هل خففت الإجراءات الحكومية معاناة المواطنين؟
يقول مواطنون لـ"عربي بوست"، إنهم يتعرضون لما يشبه المطحنة، حيث ارتفعت الأسعار مرتين؛ الأولى أرجعتها الحكومة لتبعات الحرب الروسية الأوكرانية، أما الثانية فكانت بسبب قرار البنك المركزي تحريك سعر العملة منتصف ليل الإثنين-الثلاثاء (21-22 مارس/آذار 2022)، وانهيار الجنيه أمام الدولار، الذي ارتفع بنسبة 14% تقريباً متجاوزاً 18.40 جنيه مقابل الدولار، مقارنة بـ15.6 جنيه مصري حتى ليل الأحد، والمواطنون الغلابة في انتظار الموجة الثالثة من الغلاء بعد زيادة البنزين.
تشير إيناس حازم، وهي أم لثلاثة أبناء وتعمل مدرًسة، إلى أن الزيادات طالت أسعار اللحوم والدواجن والبيض ومنتجات الألبان، وزيوت الطعام بنسب متفاوتة، لكنها تفاءلت خيراً عند إعلان الحكومة من خلال وسائل الإعلام، عن منافذ متحركة وثابته للبيع بأسعار مخفضة من جانب الحكومة.
أقنعت السيدة زوجها بالذهاب إلى تلك المنافذ لشراء احتياجاتهم الشهرية بأسعار أقل، لكنها ندمت بعد ذلك، مؤكدةً أنها لم تجد فرقاً في الأسعار الموجود بها عن الأسواق إلا فيما يخص بعض السلع لشركات مجهولة الهوية بالنسبة لها ولم تسمع بها من قبل، ويبدو من تغليف السلع أنها رديئة أو راكدة، فالزيوت غامقة اللون والأرز "كسر" والسكر يبدو أنه ممزوج بما يشبه البودرة والمعكرونة غريبة الشكل، بينما اختفت منتجات السلع المعروفة التي تعودت السيدة أن تشتريها، وإن صادف وعثرت عليها تصدمها الزيادة في سعرها والتي تتراوح بين 20 و50%.
وقفت سيدة أخرى في الخمسينيات لتسأل بائعاً بأحد المنافذ المنتشرة في شارع بورسعيد بوسط القاهرة عن العروض والسلع المخفضة التي أعلنت عنها الجهات المختصة، لكن الإجابة التي دائماً ما تتردد على ألسنة البائعين- كما قالت الخمسينية لـ"عربي بوست"- هي "نفدت الكمية" بعد ساعة من طرحها، وعندما تحدثت إلى البائع بغضب وهددته، أقسم لها بأن التخفيضات كانت على كرتونة واحدة فقط من كل منتج.
وجدت السيدة نفسها مكبلة اليدين مع عدم قدرتها المادية على شراء السلع التي تريدها، مما اضطرها إلى تقليل الكميات إلى النصف، وإلغاء كل ما ليست له علاقة ببندي المأكل والمشرب.
لا تحصل السيدة على الخبز المدعم رغم استحقاقها إياه كما تقول، لأنها لا تمتلك بطاقة تموينية، مؤكدة أن صاحب المخبز الذي اعتادت الشراء منه رفع سعر الخبز بنسبة 100%، واختتمت حديثها قائلة: "إذا كانت الطبقة المتوسطة تعاني بهذا الشكل في بندين فقط هما الأكل والشرب دون التطرق إلى الالتزامات الأخرى، فماذا يفعل الفقراء والمعدمون؟!".
الارتفاع الجنوني في الأسعار لا يرجعه محمد حسن، باحث اقتصادي، إلى الصراع في أوكرانيا، لكنه يحمل الجزء الأكبر لقرارات الحكومة الاقتصادية الفاشلة.
ويشير الباحث إلى أن قرار وزارة المالية زيادة المعاشات بنسبة 13% وزيادة العلاوة الدورية للموظفين بنسب تتراوح ما بين 8% و15% من الأجر الأساسي، بحد أدنى يبلغ 100 جنيه مصري شهرياً ويصل إلى 400 جنيه في الدرجات الوظيفية الأعلى، وذلك بداية من شهر أبريل/نيسان المقبل، لن يساهم في التعامل مع تداعيات التحديات الاقتصادية الراهنة والارتفاع الجنوني للأسعار.
ووفقاً لاتحاد الغرف التجارية المصري، ارتفع متوسط أسعار اللحوم البلدية إلى 180 جنيهاً، بينما كان يتراوح بين 120 و140 جنيهاً قبل مدة قصيرة، أما أسعار الدجاج البلدى فتراوحت بين 45 ود46 جنيهاً للكيلو، وفقاً لرئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية، الخميس 14 أبريل/نيسان، بعد أن كان 30 جنيهاً، ووصل سعر زجاجة زيت القلي 900 مل متوسط الجودة إلى 32 جنيهاً، وتعدى سعر البيضة جنيهين، كما ارتفع سعر كيلو السكر- الحُر غير المدعوم – ليصل إلى 15 جنيهاً، بينما زاد سعر الأرز بنحو 6 جنيهات، ليصل سعر الكيلو الواحد إلى 16 جنيهاً مصرياً، وهي أسعار غير مسبوقة.
ما بعد رمضان.. القادم أسوأ
أعرب مواطنون كثر التقاهم "عربي بوست"، عن قلق بالغ إزاء الوضع الراهن، وتساءلوا: إذا كان المواطن الآن يعاني بشدة رغم تحركات الدولة وشنطة رمضان ومعارض "أهلاً رمضان" ومنافذ بيع القوات المسلحة وجهاز الخدمة الوطنية والداخلية وصندوق تحيا مصر والمجمعات الاستهلاكية، إضافة إلى الرقابة والحملات والعقوبات وملاحقة المخالفين، فماذا سيكون الوضع بعد عيد الفطر، لا سيما أن معظم الإجراءات الحالية مرتبطة بالشهر الفضيل.
ويبدي محللون اقتصاديون تحدَّث إليهم "عربي بوست"، تشاؤماً إزاء أي تعافٍ سريع للحالة الاقتصادية أو قدرة الإجراءات الحكومية على الحد من التضخم، مشيرين إلى أن انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار أحدث اضطرابات بالأسواق لم تنجُ منها سلع أساسية على الرغم من وجود مخزون استراتيجي.
تقول ياسمين محمد، المحللة الاقتصادية بأسواق المال، إن الحرب الروسية الأوكرانية بدأت في 24 فبراير/شباط، ومن المفترض أن يسري ارتفاع السعر على التعاقدات التي تمت بعد هذا التاريخ، والتي يحتاج تنفيذها الى أسابيع ليتم استيرادها وطرحها في الأسواق.
لكن ما حدث أن التجار رفعوا السعر على سلع اشتروها قبل اندلاع الحرب وقبل ارتفاع أسعارها عالمياً، ثم علقوا الارتفاع على شماعة الأسعار العالمية تحت سمع وبصر الحكومة.
وتؤكد ياسمين أن غلاء الأسعار في مصر شمل سلعاً كثيرة لا علاقة لها بروسيا ولا أوكرانيا وتنتج محلياً مثل الدواجن واللحوم والبيض والأرز والكثير من الخضراوات.
المواطن بين تقلبات الورقة الخضراء وتسعير البنزين ونفاد مخزون القمح
وتساءلت: هل لدى الحكومة آليات لضبط الأسعار، وهل هناك مستفيد من عدم تفعيل دور جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وإعمال نص المادة 10 من القانون رقم 3 لسنة 2005 الذي يجيز بقرار من مجلس الوزراء تحديد سعر بيع منتج أساسي أو أكثر لفترة زمنية محددة بعد أخذ رأي الجهاز.
تتوقع محللة الأسواق أن تشهد الفترة القادمة ارتفاعاً آخر في أسعار المنتجات بالسوق المحلية بنسب متفاوتة، نتيجة ارتفاع تكلفة التوريد، موضحةً أن الحياة اليومية محكومة بتقلبات الورقة الخضراء، متوقعةً أن تقفز الأسعار في الفترة القادمة وتخرج عن السيطرة.
وتوضح أن ما تشهده الأسواق وتحريك سعر العملة الذي سمح به "المركزي" قُرب نهاية الشهر الماضي، لم يصل تأثيره بعد إلى أغلب المنتجات في الأسواق، متوقعةً استمرار التضخم وموضحةً أن هناك محركات لزيادة الأسعار، أهمها تسعير المواد البترولية التي حرصت الحكومة على أن تكون بنسبة بسيطة؛ حتى لا تثير غضب المواطنين، ووفقاً لقرار لجنة التسعير التلقائي لمنتجات البترول، لم يتم تحريك سعر السولار؛ حتى لا ترتفع أسعار كل الخدمات، والفقراء هم من سيدفعون الفاتورة.
وتشير إلى أن إجراءات الدعم النقدي التي أعلنت عنها الحكومة والبنوك مؤخراً سواء بزيادة الحد الأدنى للأجور أو رفع المعاشات أو حتى طرح شهادات ادخار بفائدة 18%؛ لسحب السيولة من الأسواق وتقليل التضخم، كلها إجراءات غير مجدية، لأنها تغطي فئة بعينها من المواطنين بينما ملايين آخرون يتضررون من التضخم المتزايد.
وأضافت أنّ حرص الحكومة على ثبات أسعار السولار وعدم زيادته سببه ألا تزيد تكلفة نقل السلع والمواد الغذائية والخضراوات والفاكهة التي ارتفعت أسعارها بالفعل، لكن رفع البنزين، وإن كانت النسبة المعلنة 25 قرشاً بسيطة، سيزيد من تكلفة بند المواصلات، مما يسهم في مزيد من الضغوط على الطبقة الوسطى.
توقع محللون ماليون أن يقفز التضخم في مصر إلى خانة العشرات، خلال الفترة المقبلة، ورجح آلن سانديب، رئيس البحوث في "نعيم" المصرية، وصول معدلات التضخم إلى ما بين 13 و14% خلال شهر أبريل/نيسان أو مايو/أيار المقبلين، بعد خفض قيمة الجنيه بجانب ارتفاع الأسعار العالمية للسلع.
وقال مصدر حكومي إن الأزمة في الوقت الراهن لا تتعلق فقط بتسعير المواد البترولية، وتم تعديل سعر بيع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة بزيادة 25 قرشاً، اعتباراً من الساعة التاسعة صباح 15 أبريل/نيسان الجاري، وزيادة سعر طن المازوت المورد لباقى الصناعات 400 جنيه، ليصل سعر طن المازوت إلى 4600 جنيه، وثبات أسعار المازوت المورد للصناعات الغذائية والكهرباء.
لكن الأهم- كما يشير المصدر- هو غذاء المصريين، حيث إن مخزون البلاد من القمح لا يغطي أكثر من ثلاثة أشهر على أقصى تقدير، كاشفاً أن هناك تخبطاً واضحاً في التصريحات، حيث أعلن رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، مطلع شهر مارس/آذار، أن هيئة السلع المسؤولة عن استيراد القمح لصالح منظومة دعم الخبز، لن تستورد قمحاً حتى نهاية العام الجاري، خصوصاً أن القمح المحلي المتوقع جمعه سيغطي الاحتياجات، ثم عاد وزير التموين، علي مصيلحي، نهاية الشهر نفسه، ليقول إن الهيئة ستعاود الشراء في منتصف شهر مايو/أيار، بينما تم استعجال الوزارة في استيراد القمح في أبريل/نيسان بدلاً من مايو/أيار.
وتابع "عربي بوست" التضارب في التصريحات حول المخزون الموجود لدى الحكومة من القمح، حيث صرح متحدث الحكومة في 6 مارس/آذار، وفقاً لموقع "اليوم السابع"، بأن المخزون يكفي لنهاية العام.
بينما صرح الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في 23 مارس/آذار الماضي، بأنه يكفي أربعة أشهر.
وبعد ذلك التاريخ بـ11 يوماً، قال المتحدث باسم مجلس الوزراء إن المخزون يكفي من شهرين إلى ستة أشهر.
ومنذ أيام، صرحت الحكومة بأن المخزون الاستراتيجي أوشك على النفاد، بعدما انخفضت احتياطيات القمح إلى ما يكفي نحو شهرين و18 يوماً فقط.