أفاد مسؤولان في الاتحاد الأوروبي ووثائق اطلعت عليها وكالة رويترز، الإثنين 11 أبريل/نيسان 2022، بأن مسؤولين كباراً في المفوضية الأوروبية كانوا هدفاً العام الماضي لبرامج تجسس صممتها شركة مراقبة إسرائيلية.
ومن بين المستهدفين ديدييه ريندرز، وهو رجل دولة بلجيكي رفيع المستوى يشغل منصب مفوّض العدل الأوروبي منذ عام 2019، كما تم استهداف ما لا يقل عن أربعة من موظفي المفوضية الآخرين، وفقاً للوثيقة ومصدر مطلع على الأمر، وأكد مسؤولا الاتحاد الأوروبي أن عاملين في المفوضية استُهدفوا دون أن يذكروا تفاصيل أخرى.
"مستهدفون من قِبل الدول"
فيما قال مسؤولا الاتحاد الأوروبي إن المفوضية أصبحت على علم بالاستهداف الذي أعقب رسائل من شركة أبل إلى آلاف من مالكي هاتفها آيفون في نوفمبر/تشرين الثاني أخبرتهم بأنهم "مستهدفون من قِبل مهاجمين ترعاهم دول". وكانت هذه هي المرة الأولى التي ترسل فيها أبل تنبيهاً جماعياً للمستخدمين بأنهم في مرمى متسللين إلكترونيين حكوميين، وأضاف المسؤولان أن التحذيرات أثارت على الفور القلق في أروقة المفوضية.
في 26 نوفمبر/تشرين الثاني، أرسل أحد كبار موظفي التكنولوجيا رسالة بالبريد الإلكتروني إلى زملائه الذين لديهم خلفية عن أدوات القرصنة الإسرائيلية، وطلب أن يكونوا على اطلاع على تحذيرات إضافية من شركة أبل، وقال الموظف في الرسالة التي اطلعت عليها رويترز: "بالنظر إلى طبيعة مسؤولياتك، فأنت هدف محتمل".
فيما لم تتمكن رويترز من تحديد مَن استخدم برامج التجسس الإسرائيلية لاستهداف ريندرز وزملائه المقيمين في بروكسل، وما إذا كانت المحاولات ناجحة، وإذا كانت كذلك، فما الذي قد يكون المتسللون حصلوا عليه.
ولم يرد ريندرز والمتحدث باسمه ديفيد ماريشال على رسائل متكررة، وأحجم المتحدث باسم المفوضية الأوروبية يوهانس باركه عن التعليق، كما رفضت شركة أبل التعليق.
اتهامات جديدة تلاحق شركات إسرائيلية
فيما قال باحثون أمنيون إن الذين تلقوا التحذيرات تم استهدافهم بين فبراير/شباط وسبتمبر/أيلول 2021 باستخدام برنامج "فورسد إنتري"، وهو برنامج متقدم استخدمته شركة "إن.إس.أو غروب" الإسرائيلية للمراقبة الإلكترونية؛ لمساعدة وكالات التجسس الأجنبية عن بُعد والسيطرة بصورة غير مرئية على هواتف آيفون.
وذكرت وكالة رويترز سابقاً أن شركة إسرائيلية أصغر لبيع برامج التجسس، تُدعى "كوا دريم"، باعت أيضاً أداة مماثلة تقريباً لعملاء حكوميين، وقالت "إن.إس.أو" في بيان إنها ليست مسؤولة عن محاولات التسلل الإلكتروني، مضيفة أن الاستهداف الذي وصفته رويترز "لا يمكن أن يحدث بأدوات إن.إس.أو".
وأضافت الشركة أنها تدعم تحقيقاً في هذا الاستهداف، ودعت إلى وضع قواعد عالمية تحكم صناعة برامج التجسس.
وتواجه "إن.إس.أو" عدداً من الدعاوى القضائية المتداخلة، وأدرجها مسؤولون أمريكيون في الآونة الأخيرة على القائمة السوداء فيما يتعلق بانتهاكات لحقوق الإنسان، ولم ترد شركة "كوا دريم"، الحريصة على البعد عن الأضواء، على رسائل متكررة.
وفحص خبراء تكنولوجيا المعلومات بعضاً على الأقل من هواتف المسؤولين الذكية، في محاولة لإيجاد حل، لكن النتائج لم تكن حاسمة، وفقاً لمصدرين من الاتحاد الأوروبي تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتيهما لأنهما غير مصرح لهما بالتحدث إلى الصحافة.
لجنة تحقيق في الاتحاد الأوروبي
ولم تتمكن "رويترز" من تحديد ما إذا كانت المفوضية ما زالت تحقق في الأمر.
ومن المقرر أن يطلق البرلمان الأوروبي في 19 أبريل/نيسان لجنة للتحقيق في استخدام برامج المراقبة في دول الاتحاد الأوروبي، وفقاً لصوفي إينت فيلت، عضو البرلمان، التي أيدت تشكيل هذه اللجنة؛ إذ قالت إينت فيلت لرويترز إنها لم تكن على علم باستهداف مسؤولي المفوضية الأوروبية، واصفة النبأ بأنه "مدوّ"، وأضافت: "علينا حقاً أن نصل إلى حقيقة الأمر".
وشُكلت اللجنة في أعقاب تقارير تفيد بأن سياسيين معارضين بارزين في بولندا تم اختراق هواتفهم ببرامج تجسس إسرائيلية، وأن منتقدين بارزين وصحفيين استقصائيين في المجر استُهدفوا أيضاً.
وأقر مسؤولون بولنديون وأحد نواب الحزب الحاكم المجري بأن حكومتيهم اشترت برامج "إن.إس.أو"، على الرغم من أن البلدين نفيا ارتكاب أي مخالفات فيما يتعلق بمزاعم التجسس المحلي.