أكدت دولة جزر سليمان، الواقعة في جنوب المحيط الهادئ، أن الاتفاقية الأمنية التي تعكف على صياغتها مع الصين لن تسمح للأخيرة ببناء قاعدة عسكرية على أراضيها؛ وسط قلق ومخاوف دولية بشأن تحالفها الأمني الجديد مع بكين، طبقاً لما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 1 أبريل/نيسان 2022.
حيث قالت حكومة جزر سليمان، الخميس 31 مارس/آذار، إنَّ مسودة الاتفاقية الأمنية الجديدة وقَّع عليها بالأحرف الأولى ممثلون من جزر سليمان والصين، و"ستُنقَح" والتوقيع عليها.
كما ذكرت حكومة الجزر، في بيان، الجمعة 1 أبريل/نيسان: "عكس المعلومات المضللة التي روّجها المعلقون المناهضون للحكومة"، فإنَّ الاتفاقية لم تدعُ الصين إلى إنشاء قاعدة عسكرية.
البيان أضاف: "الحكومة تدرك التداعيات الأمنية لاستضافة قاعدة عسكرية، ولن تتهاون في السماح بمثل هذه المبادرة تحت رعايتها".
إلا أن تلك التصريحات، بحسب صحيفة The Guardian، لن تفعل الكثير لتهدئة مخاوف الشركاء التقليديين لجزر سليمان، الذين يشملون نيوزيلندا وأستراليا والولايات المتحدة، بشأن الاتفاقية.
بنود سرية
فبموجب شروط مسودة الاتفاقية، فإن الصين يمكنها أن ترسل شرطة وعسكريين وقوات مسلحة أخرى إلى جزر سليمان؛ "للمساعدة في الحفاظ على النظام الاجتماعي"، ولأسباب أخرى متنوعة. ويمكنها أيضاً إرسال سفن حربية إلى الجزر للرسو وتجديد الإمدادات؛ مما أدى إلى تكهنات حول إمكانية إنشاء الصين قاعدة بحرية في جزر جنوب المحيط الهادئ.
كذلك، تحتوي الاتفاقية الأمنية أيضاً على بندٍ للحفاظ على السرية ينص على "عدم إفصاح أي من الحكومتين عن "معلومات التعاون بينهما" ما لم تتفقا على ذلك.
في غضون ذلك، أعلن زعيم ولايات ميكرونيزيا الموحدة (هي أحد البلدان والأقاليم الجزرية في المحيط الهادئ) انضمامه إلى أولئك الذين أعربوا عن مخاوفهم، من خلال الإشارة إلى المعارك الدموية للحرب العالمية الثانية، والتحذير من أنَّ الاتفاقية يمكن أن تجعل منطقة جنوب المحيط الهادئ مرة أخرى ساحة معركة لقوى أكبر بكثير.
إذ كتب رئيس ولايات ميكرونيزيا الموحدة، ديفيد بانويلو، رسالة إلى رئيس وزراء جزر سليمان، ماناسيه سوغافاري، يقول فيها إنَّ ميكرونيزيا لديها "مخاوف أمنية خطيرة" بشأن الترتيب "الجديد وغير المسبوق".
ساحات قتال
بانويلو شدّد على أنَّ البلدين الصغيرين قد أصبحا ساحات قتال خلال الحرب العالمية الثانية، ويمكن أن يحدث ذلك مرة أخرى مع تأكيد الصين والولايات المتحدة وأستراليا وجودها في المنطقة.
فيما وجَّه بانويلو سؤالاً إلى سوغافاري: "هل من المعقول، بعدما اتضحت نطاقات القوى في العالم، أن تتحول مخاوفنا بشأن تغير المناخ -مشكلة العصر- إلى مخاوف حقيقية للغاية من حرب في ساحاتنا الخلفية، واستخدام شعبنا وجزرنا ملعباً لأطفال يتصرفون كأنهم بالغون؟".
بدورها، وصفت رئيسة الوزراء النيوزيلندية، جاسيندا أرديرن، هذا الأسبوع، إمكانية تمركز القوات العسكرية الصينية في جزر سليمان بأنها "عسكرة محتملة للمنطقة".
في حين ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أنَّ واشنطن لا تعتقد أنَّ هناك حاجة إلى تصدير قوات الأمن الصينية وأساليبها.
"تصريحات غير مسؤولة"
في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ ون بين، الخميس 31 مارس/آذار، إنَّ "الأطراف المعنية يجب أن ترى التعاون الأمني بين الصين وجزر سليمان بموضوعية وعقلانية، وأن تتوقف عن الإدلاء بتصريحات غير مسؤولة".
كما تابع وانغ: "التعاون بين الصين وجزر سليمان لا يستهدف أي طرف ثالث ولا يتعارض مع تعاون جزر سليمان مع الدول الأخرى. لكنه يكمل آليات التعاون الإقليمي القائمة بطريقة إيجابية".
يذكر أنَّ جزر سليمان، التي يقطنها نحو 700 ألف شخص، حوّلت ولاءها الدبلوماسي من تايوان إلى بكين في عام 2019، وهو عامل مساهم في أعمال الشغب التي اندلعت في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، بين سكان مختلف الجزر داخل البلاد.
يشار إلى أن الشرطة الصينية موجودة بالفعل في جزر سليمان؛ لأداء مهمة تدريبية.
يذكر أن جزر سليمان تقع على بُعد نحو 1609 كيلومترات إلى الشرق من أقصى الطرف الشمالي لأستراليا، ويبلغ عدد سكانها نحو 700 ألف نسمة.