"قرب قبر مؤسس إسرائيل، ديفيد بن غوريون" اجتمع وزراء عرب لينصّبوا تل أبيب قائدة لتحالف إقليمي بالمنطقة، حسب وصف تقارير إعلامية غربية، فما المقابل الذي سيتلقاه المشاركون في قمة النقب من هذا التنازل غير المسبوق في التاريخ العربي، وما رد فعل الشعوب العربية على ذلك؟
فحتى في أحلامه الجامحة، ربما لم يكن رئيس الوزراء المؤسس لإسرائيل، ديفيد بن غوريون، يتوقع اجتماع وزراء خارجية عرب مع نظيرهم الإسرائيلي قرب قبره حسبما ورد في مقال للكاتب خالد حروب في موقع Middle East Eye البريطاني.
فعندما أبرمت إسرائيل اتفاقيات دبلوماسية في عام 2020 مع العديد من الدول العربية والمعروفة باسم اتفاقات أبراهام، بدعم من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بقيت أسئلة حول مدى فاعلية هذه الصفقات ومدى استدامتها وجدواها. وحتى في الشهر الماضي، عندما أصبح نفتالي بينيت أول رئيس وزراء إسرائيلي يزور البحرين، أقر بأن العلاقات مع المُطبعين العرب لا تزال بحاجة إلى التطور "من الاحتفالات إلى الجوهر".
ولكن من شبه المؤكد أن الاجتماع في بلدة سديه بوكير الصحراوية بالنقب يومي الأحد والإثنين الماضيين، كان ثقيلاً على كثير من العرب بالمشهد والرمزية، ومما لا شك فيه أن مشهد قمة النقب كانت إسرائيل تأمله منذ زمن، حسب وصف صحيفة The New York Times الأمريكية.
إسرائيل قناة اتصال بين أصدقائها العرب وأمريكا
على الرغم من أن الولايات المتحدة ساعدت إسرائيل في التوسط بالصفقات مع الإمارات العربية المتحدة والمغرب والبحرين، فإن تل أبيب أصبحت تعمل بشكل علني كقناة اتصال بين واشنطن وبعض الدول العربية.
وفر الاجتماع منتدى لمناقشة الخلافات والمخاوف المشتركة بشأن أوكرانيا، ومنح بلينكن فرصة لتشجيع حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط على الانضمام إلى الجهود الأمريكية لعزل روسيا.
بل إنها تخفف التوتر بينهما
من خلال الاستضافة، جمعت إسرائيل وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع نظيره الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان، في ظل توتر بين بلديهما نتيجة تباين المواقف من الغزو الروسي لأوكرانيا.
فدولة الإمارات العربية المتحدة تهربت حتى الآن من المطالب الأمريكية بزيادة إنتاجها النفطي، من أجل مساعدة حلفاء أمريكا على إيجاد بدائل للغاز الروسي، وامتنعت عن التصويت على قرار إدانة روسيا في مجلس الأمن.
وإسرائيل- على الرغم من إشادة واشنطن بوساطتها بين روسيا وأوكرانيا- تجنبت أيضاً فرض عقوبات على روسيا أو إدانتها بشدة. كما قاوم المغرب، الذي يعتمد على إمدادات الحبوب من روسيا وأوكرانيا ويواجه أزمة اقتصادية متزايدة، التوقعات الأمريكية بإدانة الغزو.
وإيران توحد بينهم
إن إسرائيل، التي كانت معزولة لعقود من قِبل معظم العالم العربي، تعمل الآن جنباً إلى جنب مع الحكومات العربية التي لديها بعض المصالح المشتركة في معالجة تداعيات الحرب بأوكرانيا، إضافة إلى مصلحة مشتركة في احتواء إيران.
وتعد قمة النقب أحد أقوى المؤشرات حتى الآن على أن إسرائيل بدأت في جني ثمار صفقات التطبيع التي تم التوصل إليها قبل عامين، وهي إعادة تنظيم عميقة لقوى الشرق الأوسط والتي تسارعت بسبب الحرب في أوكرانيا.
وجاء عقد القمة بعد تقارير عدة تفيد بقرب إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وأيضاً في ظل حديث عن إمكانية رفع واشنطن الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب الأمريكية، وهما أمران بقلقان دول الخليج وإسرائيل بشدة.
اختيار إسرائيل لموقع قمة النقب ليس صدفة
لم يكن اختيار المكان من قبيل الصدفة. وكما أشار الكاتب اللبناني إلياس خوري: "إسرائيل تصر على استخدام مثل هذه الرمزية مع تدمير أي رموز للفلسطينيين. هذه قمة الذل، حيث تستقطب إسرائيل حكاماً عرباً لأداء فريضة الحج أمام مرتكب النكبة الفلسطينية".
ويعكس قرار عقد الاجتماع في النقب، وليس في القدس، كيف أن مكانة المدينة لا تزال مع ذلك قضية حساسة للغاية بالنسبة للقادة العرب.
فحضور وزراء خارجية عرب اجتماعاً في القدس سيفسر على أنه دعم ضمني للادعاءات الإسرائيلية بخصوص القدس.
منتدى سنوي.. كيف نصّبت قمة النقب إسرائيل قائداً إقليمياً للمنطقة؟
بكل المقاييس، كانت قمة النقب تاريخية، حيث يمكن أن تمثل نقطة تحوّل لصعود إسرائيل الإقليمي، بحيث تصبح تل أبيب قوة رائدة في المنطقة العربية، حتى لو قللت إسرائيل من مثل هذه الطموحات.
وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، أن القمة ستصبح الآن حدثاً سنوياً.
وقال لبيد إنه أرسى الأسس لـ"هيكل إقليمي جديد" يتمثل اهتمامه الرئيسي في ردع إيران ووكلائها.
كانت الرسالة جريئة وواضحة: إسرائيل تقف على قمة نظام الأمن الإقليمي الناشئ في الشرق الأوسط، حسبما ورد في المقال المنشور بموقع Middle East Eye البريطاني.
وقالت إلهام فخرو، المحللة السياسية البحرينية، إن "الذهاب إلى إسرائيل أمر منطقي لدول الخليج".
وأضافت: "قمة النقب تمثل رسالة حول تحالف أمني جديد، ودفع العلاقة مع إسرائيل إلى العلن ثم إرسال رسالة إلى إيران، وبطريقة ما إلى الولايات المتحدة: هذه هي الأولوية الرئيسية، ولها الأسبقية على أي نوع من القضايا المحلية".
واعتبرت أن "الدول العربية المشاركة لم تجد أن هناك كثيراً من الثمن الذي يجب دفعه محلياً مقابل هذا الحدث".
وقال عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية الإماراتي والمقرب للسلطة في أبوظبي، إن هذا الاجتماع الذي شارك فيه لأول مرة عدد كبير من المسؤولين العرب والأمريكيين والإسرائيليين على الأراضي الإسرائيلية في وقت واحد- دليل على قبول إسرائيل من قبل القادة العرب الرئيسيين. ويشير إلى أن العلاقة بين الولايات المتحدة وشركائها في الشرق الأوسط على وشك الدخول في مرحلة جديدة.
وأضاف: "هذه طريقة لإظهار أن الأصدقاء الأمريكيين، والشركاء الأمريكيين، يتحدثون إلى أمريكا بشكل جماعي، وليس بشكل فردي"، فـ"ربما بهذه الطريقة، ستستمع واشنطن إلينا أكثر بشأن القضايا الرئيسية"، حسبما نقلت عنه صحيفة The New York Times.
قال مايكل كوبلو، مدير السياسة في منتدى السياسة الإسرائيلية، وهي مجموعة بحثية، مقرها الولايات المتحدة: "لقد اعتدنا التفكير في إسرائيل على أنها قوة عسكرية إقليمية، وأعتقد أنه ربما يكون من الدقة القول إن إسرائيل أيضاً قوة إلكترونية عالمية". "لكنني أعتقد أن بينيت يفعل كل ما في وسعه لمحاولة تصوير إسرائيل على أنها قوة دبلوماسية حاسمة أيضاً، وضمن ذلك في المجالات التي لا تعتقد بالضرورة أن إسرائيل تلعب فيها في الماضي، مثل الحرب في أوروبا".
الثمن الذي تلقته كل دولة مشارِكة
إن محاولة إسرائيل الهادئة لقيادة إقليمية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحملة التطبيع عبر اتفاقيات أبراهام، التي تشمل الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
إسرائيل هي البوابة إلى الولايات المتحدة، وفي كل حالة من هذه الحالات، أدركت الحكومات الإقليمية أنها لا تستطيع تحقيق مكاسب استراتيجية كبيرة إلا من خلال تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
الإمارات والبحرين.. أسلحة واتفاقات تجارية
أرادت الإمارات والبحرين بالتبعية التحالف مع الدولة التي تمتلك أحدث التقنيات والاستخبارات في المنطقة، والتي يمكنها أن تقف في وجه إيران. وأرادت الإمارات تحديداً شراء طائرات مقاتلة أمريكية من طراز F-35، حيث كانت موافقة إسرائيل الضمنية شرطاً أساسياً.
التجارة بين إسرائيل والإمارات تضخمت في عام 2021 إلى نحو مليار دولار، أي ما يقرب من 20 ضعف ما كانت عليه في عام 2020، وفقاً لتقديرات قادة الأعمال.
في السودان، كانت حكومة ما بعد البشير المهتزة يائسة من إزالة اسم البلد من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب. كان الاختصار هو طَرق باب إسرائيل، مع سماع صدى الصوت في واشنطن.
الرباط نالت التطبيع مقابل الاعتراف بمغربية الصحراء
المغرب، من جانبه، أراد إنهاء المأزق بشأن النزاع المستعصي مع الجزائر حول الصحراء الغربية. فتح التطبيع مع إسرائيل الباب أمام تحول جذري في موقف الولايات المتحدة من الصراع.
فلقد اعترفت واشنطن بالسيادة المغربية على المنطقة في عهد ترامب، ولم تغير إدارة بايدن موقفها حتى لو خففته.
تعاون عسكري وأمني ضد المسيّرات الإيرانية
ووقّعت وزارة الدفاع الإسرائيلية أيضاً مذكرات تفاهم مع نظيرتيها البحرينية والمغربية، مما يسهل على الدول الثلاث تبادل المعدات العسكرية وتنسيق جيوشها.
تعمل إسرائيل ودول أخرى في المنطقة أيضاً على إضفاء الطابع الرسمي على نظام اتصال يسمح لكل شريك بتحذير بعضه البعض في الوقت الفعلي بشأن الطائرات المسيرة القادمة من إيران ووكلائها، وفقاً لمسؤول دفاعي إسرائيلي كبير.
وقال عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية الإماراتي والمقرب للسلطة في أبوظبي: "هناك كثير من الجوهر في هذا، إنها ليست مجرد رمزية". "الجوهر يتعلق بالتنسيق الأمني والتنسيق السياسي والأشياء الأخرى التي يمكن أن تتبع نتيجة لذلك".
مصر تتخلى عن السلام البارد لشكل آخر أكثر حميمية
كما دفعت صفقات التطبيع مصر، وهي شريك سلام بارد مع إسرائيل منذ فترة طويلة، إلى الانخراط بشكل أكثر قوة مع إسرائيل، في الوقت الذي تحاول فيه القاهرة إحياء دورها كجسر لإسرائيل مع العالم العربي.
وعندما أعلنت إسرائيل عن القمة لأول مرة يوم الجمعة الماضي، لم تكن مصر على قائمة الدول المشاركة، لكن أضيف اسمها قبل يوم واحد من عقد القمة.
قبل ذلك استضاف السيسي أول قمة ثلاثية من نوعها تجمع قادة مصر والإمارات وإسرائيل في شرم الشيخ.
السعودية تقف على عتبة الباب الإسرائيلي
تقف المملكة العربية السعودية الآن عند الباب الإسرائيلي، في انتظار اللحظة المناسبة للدخول وطلب المساعدة والحماية، حسب الموقع البريطاني.
في مقابلة حديثة مع مجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية، وصف ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إسرائيل بأنها "حليف محتمل" وليست "عدواً". لذا فإن التطبيع السعودي مع إسرائيل مجرد مسألة متى.
وفي الوقت نفسه، تتكثف القنوات الرسمية وغير الرسمية بين الطرفين يوماً بعد يوم، وهو سر معترف به جيداً. ربما كان السعوديون هم الحاضرين الأشباح في قمة النقب. وبعد ساعات قليلة من الاجتماع، اتصل وزير الخارجية الأمريكي بنظيره السعودي؛ لإطلاعه على تطورات قمة النقب.
الفلسطينيون والشعوب العربية أبرز الغائبين عن القمة
لقد جمعت إسرائيل بالفعل رأس مال سياسياً ضخماً، وحققت قيادة إقليمية، مستغلةً "التهديد الإيراني" واتفاقات أبراهام وعلاقتها الخاصة مع أمريكا.
في المقابل، كان من الواضح أن الفلسطينيين غائبون عن القمة، ويبدو أن مصيرهم أقل أهمية بالنسبة للحكومات العربية الرئيسية من تهديد إيران وفرصة تحسين العلاقات التجارية والعسكرية مع إسرائيل.
كما غابت بشكل ملحوظ، الشعوب العربية نفسها: الإماراتيون والبحرينيون والسودانيون والمغاربة. لم يوافق أي من هذه الشعوب على أي من هذه الاجتماعات ، ولا على اتفاقيات أبراهام.
ماذا سيعني هذا في المستقبل القريب، وما هي العواقب التي ستترتب على الجمهور العربي، يبقى ذلك سؤالاً مفتوحاً.
ولكن يكشف التطبيع عن العلاقة الوثيقة والحاجة المتبادلة بين المستبدين العرب وإسرائيل، فهو تحالف مصمم لترسيخ قوة إسرائيل في المنطقة وسحق أي مقاومة للاستبداد أو جهود نحو الحرية والديمقراطية، حسبما ورد في تقرير لموقع Middle East Monitor الأمريكي.
فالديمقراطية في المنطقة العربية لا تأتي أبداً بأصدقاء إسرائيل للسلطة.
كما تسمح العلاقة المتنامية بين إسرائيل والمطبعين العرب لهم بأن يتهربوا من الضغوط الأمريكية الضئيلة أصلاً فيما يتعلق بالديمقراطية.
ومع استسلام مزيد من المستبدين العرب لقيادة إسرائيل غير المعلنة، يتنامى شعور عميق بالإحباط والغضب والخيانة في جميع أنحاء المنطقة. إن مثل هذا الإحباط أعمق بين الفلسطينيين كما يتجلى في الهجمات اليائسة الأخيرة التي نفذها أفراد مختلفون.
على مستوى الشعوب العربية تسود اللامبالاة ظاهرياً، على غرار المواقف الإقليمية السائدة في العقد الذي سبق الربيع العربي عام 2011. ذهب الغليان تحت السطح دون أن يلاحظه أحد إلى حد كبير.
ولكن رمزية قيادة إسرائيل لتجمُّع إقليمي عربي، تضخ جرعة كبيرة من المزيد من الإذلال في نفسية عربية جماعية جريحة بالفعل، حسب موقع Middle East Eye.
ولا عجب إذن أنه رغم كبت الحريات والديمقراطية في معظم الدول العربية لأدنى مستوياتها منذ عقود، تظهر مؤشرات على أن الشارع العربي يرفض التطبيع حتى في ظل القبضة الحديدية التي يستخدمها الطغاة العرب، حسب وصف موقع Middle East Monitor الأمريكي
وسبق أن أعلنت حركات حقوق الإنسان (العديد من المحظورين والقادة المنفيين) رفضها التام لاتفاقيات أبراهام الأمريكية التي تم التبجح بها كثيراً.
وأصبحت الحركات في السودان أكثر صخباً بعد التطبيع، على الرغم من محاولات الخرطوم إسكات المنتقدين.
وفي البحرين، سبق أن هاجمت جماعة الوفاق الوطني الإسلامية، جماعة المعارضة الرئيسية، رحلة لبيد للمنامة قائلة: "هذا خبر استفزازي وهذه الرحلة مرفوضة تماماً، ويجب أن لا تطأ قدمه (لبيد) التراب البحريني".
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن العديد من شعوب العالم العربي لا يؤيدون تطبيع العلاقات مع إسرائيل. لكن بالنسبة لقادة الخليج، فإن تكلفة خيبة الأمل في الشارع العربي أقل من فوائد إرسال رسالة قوية إلى الولايات المتحدة، وعدوهم المشترك، إيران، حسب وصف صحيفة The New York Times.
ماذا يقول التاريخ عما يحدث عندما يتراكم الإذلال العربي؟
يتجاهل المحتفون العرب والغربيون بتنصيب قمة النقب لإسرائيل قائدة للمنطقة، أنه في كل مرة كان يتعرض الغرب للإذلال، تبدو الأمور هادئة وأن الشعوب العربية قد ماتت، ثم يحدث انفجار في فترات تالية بوجه إسرائيل والأطراف العربية المتورطة في عملية الإذلال، والغرب أحياناً.
كانت نكبة فلسطين 1948، أول جراح العرب التي خطتها إسرائيل، بدا أن الأمة العربية بعدها قد نسيت فلسطين، ولكن بعدها بسنوات قليلة وقعت موجة انقلابات أطاحت بالأنظمة الضعيفة الموالية للغرب، والتي كانت متهمة بالمسؤولية عن الهزيمة، وصعدت حركة القومية العربية ذات النزعة الاشتراكية والتي استكملت تحرير البلدان العربية وطردت مصالح الغرب الاقتصادية، وتحالفت مع الاتحاد السوفييتي، وناصبت تل أبيب العداء بشكل مثّل خطراً عليها في بعض الأوقات.
وبعد هزيمة العرب في 1967، لم يتوحد العرب فقط وراء مصر وسوريا، في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، بل انفجرت موجة غير مسبوقة من المقاومة الفلسطينية التي كانت جامحة أحياناً وطالت أهدافاً إسرائيلية في الدولة العبرية وخارجها.
وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في أوائل الثمانينيات والذي طرد قوات منظمة التحرير الفلسطينية، نشأ حزب الله الذي يعد اليوم من أكبر القوى المقاومة لإسرائيل.
وبعد عقود من الهدوء الشكلي وتوسع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة 1967، نشبت الانتفاضة الأولى في أواخر الثمانينيات، وحتى بعد هزيمة العراق في حرب 1991، ودخول القوات الأجنبية في الجزيرة العربية، نشأ تنظيم القاعدة، وفي الأراضي الفلسطينية أذكى الإذلال العربي وفشل عملية السلام المقاومةَ الفلسطينية، فازدادت قوة تنظيمات مثل حماس والجهاد وكتائب شهداء الأقصى والتي طورت أساليب المقاومة لتصبح أشبه بجيوش صغيرة.
وأدت عقود الإذلال العربي وغياب الديمقراطية إلى نشوب الربيع العربي، الذي كان في جوهره ثورة ضد الاستبداد الداخلي، ولكنه أيضاً كان كل المشاركين واضحين في رفضهم للتطبيع.
وبما أن الإذلال العربي الحالي بلغ مدى غير مسبوق في تاريخ المنطقة، فقد يكون رد الفعل عليه غير مسبوق أيضاً.