أدى القبض على رجلٍ ألماني إلى التوصل أخيراً لحل لغز واحدةٍ من أكثر جرائم السرقة غموضاً في عالم الفن بالتاريخ الحديث، طبقاً لما نشرته صحيفة The Times البريطانية، الثلاثاء 29 مارس/آذار 2022.
بحسب الصحيفة ذاتها، استخرج نابشو القبور تابوتاً ذهبياً خاصاً بكاهنٍ مصري من القرن الأول قبل الميلاد، وذلك خلال ما وصف بـ"الفوضى" التي أعقبت الثورة المصرية عام 2011.
هذا التابوت يعود إلى الكاهن نجم عنخ، وكان مرصعاً بالجواهر، ومزخرفاً بالرسومات والنصوص الهيروغليفية، وهو مصنوع من الخشب المغطى بالذهب.
بينما جرى تناقل التابوت بين تجار الفن في الإمارات، وألمانيا، وفرنسا قبل بيعه مقابل نحو أربعة ملايين دولار لمتحف المتروبوليتان للفنون في مدينة نيويورك عام 2017.
تعاون أمريكي- فرنسي
لكن وصول التابوت أثار شكوك مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي، الذي فتح تحقيقاً بالتعاون مع السلطات الفرنسية.
إلا أنه أُلقِيَ القبض على رجلين فرنسيين يعرفان باسم كريستوف كي وريتشارد إس بتهمة سرقته.
لكن القصة لم تنتهِ عند تلك المحطة؛ فقد كان هناك غموض بشأن أبعاد وكيفية السرقة. وقالت صحيفة The Times البريطانية: "ها قد حصلنا الآن على حل القطعة الأخيرة من اللغز. إذ يُشتبه في أن روبين دي، تاجر التحف اللبناني-الألماني المقيم في مدينة هامبورغ الألمانية، قد لعب دوراً رئيسياً في عملية البيع غير القانونية للتابوت".
حيث أُلقِيَ القبض على روبين في مطار هامبورغ بعد صدور مذكرة توقيف أوروبية بحقه.
من جهتها، قالت ليدي أوشتيرنغ، من مكتب المدعي العام في هامبورغ، إنّ روبين دي (42 عاماً) قد جرى تسليمه إلى فرنسا الشهر الجاري واتهامه بالاحتيال التجاري، وتسلم بضائع مسروقة، والاتجار في أصولٍ ثقافية.
في حين يُعتقد أن روبين دي هو مهرب أعمالٍ فنية متمرس، ويجري احتجازه حالياً في باريس. كما يُشتبه أيضاً في قيامه ببيع خمس قطع أثرية أخرى لمتحف اللوفر أبوظبي بشكلٍ غير قانوني، بقيمةٍ إجمالية تصل إلى 55 مليون دولار تقريباً.
استرداد تابوت الكاهن نجم عنخ
كانت القاهرة قد استردت، يوم السبت 16 فبراير/شباط 2019، هذا التابوت المذهب من متحف المتروبوليتان الأمريكي.
آنذاك أفادت وزارة الآثار المصرية، في بيان، باستعادة التابوت المذهب بعد خروجه بطريقة غير شرعية منذ سنوات، وبيعه لمتحف المتروبوليتان بتصريح خروج مزور يرجع إلى عام 1971.
فيما أشارت إلى أن مكتب المدعي العام لمدينة مانهاتن بنيويورك أجرى تحقيقات في الأمر بعد تقديم أدلة وإثباتات على أن التصريح المزعوم لخروج القطعة "كان مزوراً ولم يصدر إطلاقاً"، مؤكدة أن "مكتب التحقيقات انتهى إلى أحقية مصر في استعادة التابوت الأثري، ومتحف المتروبوليتان تعرض لعملية تزوير عند شرائه".
يشار إلى أن القانون المصري، كان يسمح قبل عام 1983 باستصدار تصاريح بخروج بعض القطع الأثرية خارج مصر.
بحسب البيان المصري، أرسل متحف المتروبوليتان لاحقاً خطاب اعتذار عن الواقعة، أشار فيه إلى اتخاذ كافة الإجراءات لعودة القطعة إلى مصر.
هذا التابوت يعد قطعة ثمينة جرى عرضها في المتحف المصري بالقاهرة لحين عرضه بعد ذلك في المتحف المصري الكبير (غرب العاصمة) عند افتتاحه نهاية العام الجاري، بحسب وسائل إعلام محلية.
يشار إلى أنه صيف 2017، أعلنت وزارة الآثار فقدان 32 ألفاً و638 قطعة أثرية على مدار أكثر من 50 عاماً مضت، بناءً على أعمال حصر قامت بها.
وبين الحين والآخر، لا سيما في الأعوام الأربعة الأخيرة، تعلن مصر استرداد قطع أثرية مسروقة من قبل أشخاص ومهربة إلى خارج البلاد.