تُعتبر النقب منطقة صحراوية تقع في الأجزاء الجنوبية من فلسطين المحتلة، وهي على شكل مثلث مقلوب، حدودها الشرقية في وادي عربة والحدود الغربية مُتاخمة لشبه جزيرة سيناء، أما سكانها فمن البدو العرب الذين بقوا في هذه المنطقة بعد حرب 1948.
منطقة النقب
تعتبر مدينة بئر السبع أكبر مدينة في النقب ويبلغ عدد سكانها أكثر من 207551 نسمة، كما أن في المنطقة العديد من البلدات مثل متسبيه رامون وعراد وديمون، إضافة إلى العديد من المدن البدوية، بينما يقع خليج العقبة في الطرف الجنوبي من النقب.
جغرافياً، يمكن تقسيم النقب إلى 5 مناطق جغرافية هي: (وادي عربة، والهضبة المرتفعة، والوسطى، والغربية، والنقب الشمالي).
يبلغ عدد سكان المنطقة نحو أكثر من 600 ألف شخص، 25% منهم من البدو، بينما 74% من اليهود، وفقاً لما ذكره موقع World Atlas.
نصف السكان البدو يقيمون في قرى غير معترف بها، بينما يعيش الباقون في مدن مختلفة بنتها الحكومة لهم خلال الستينيات والثمانينيات مثل الرباط.
النقب أوسع مساحة من أرض كنعان التاريخية
تعد صحراء النقب جغرافياً جزءاً من شبه جزيرة سيناء، وهي أوسع مساحة من أرض كنعان التاريخية.
أول مستوطنة حضرية بُنيت في المنطقة من قِبل مجموعة من الأدوميين والنبطيين والأموريين والكنعانيين قبل نحو 2000 عام قبل الميلاد.
فيما قطن فيها عبر التاريخ كثير من الأقوام البدوية العرب، والمدينيين، والنبط، والقيداريين والعموريين الهكسوس، والشاسو، والجاتو، والعامو، والأدوميين والكنعانيين.
في حين أن بمنطقة النقب في الوقت الحالي العديد من الأماكن والمعالم التاريخية المصنفة كموقع تراث عالمي لليونسكو مثل:
شبطا: تقع أنقاض مدينة شبطا التاريخية شمال صحراء النقب، وقد تم إعلانها موقعاً للتراث العالمي في 2005. ويبدأ التاريخ القديم لشبطا في القرن الأول قبل الميلاد خلال الفترة البيزنطية، إذ كانت تمر عبرها جميع طرق التجارة، كما يوجد في شبطا العديد من المعابد والكنائس، أقدمها الكنيسة الجنوبية التي تم بناؤها في عام 350 ميلادي.
نيتسانا: على بعد كيلومترات قليلة من الحدود المصرية الحالية، في جنوب غربي صحراء النقب توجد أطلال نيتسانا القديمة التي تأسست في القرن الأول قبل الميلاد، وقد كانت في ذلك الوقت عبارة عن مكان صغير يخدم التجار الذين يسافرون إلى سيناء ومصر على طول طرق التجارة. مع مرور الوقت، أصبحت نيتسانا مدينة ناجحة ومزدهرة للأنباط على "طريق البخور".
عبدة: تم بناء مدينة عبدة النبطية القديمة على قمة تل بالقرب من طريق التجارة، المسمى "طريق البخور"، وقد سميت المدينة على اسم الحاكم عبادس الذي حكم المدينة ودفن فيها. وبعد مرور بعض الوقت، حققت الإمبراطورية الرومانية المطلوب واستولت على المدينة النبطية العظيمة عبدة وشيدت فيها المعابد وكهوف الدفن.
ممفيس: على بعد 7 كيلومترات إلى الشرق من ديمونة. في الجزء الشمالي من صحراء النقب توجد ممفيس المدينة القديمة للأنباط.
تأسست ممفيس في القرن الأول قبل الميلاد، وقد جعل موقعها المميز على تل بالقرب من طريق التجارة طريق البخور المدينة المركز المالي والاستراتيجي للمنطقة.
صحراء النقب في العصر الحديث
أثناء فترة الحكم العثماني، عُرفت منطقة النقب باسم "السبع جنوب ولاية الشام"، وكانت تعد منطقة تابعة لسيناء ويحكمها أمراء قبيلة الترابين وبعض القبائل البدوية الأخرى مثل التياها والعزازمة والقديرات والجبارات والحناجر.
لم تكن للعثمانيين سيطرة فعلية على المنطقة حتى العام 1900، عندما أسسوا قضاء بئر السبع واعترفوا بالشيخ حماد باشا الصوفي، أمير قبيلة الترابين، حاكماً على قضاء بئر السبع وسيناء، إذ كان لـ"اصوفي" دور كبير في محاربة الإنجليز عندما قاد الحملة التي ذهبت إلى قناة السويس لضرب الجيش الإنجليزي.
وفي العام 1922 غزا الجيش البريطاني منطقة "السبع جنوب ولاية الشام"، وسيطروا عليها لعقدين من الزمن حتى 1948 عندما وضع وعد بلفور المنطقة في يد الإسرائيليين.
قام الإسرائيليون بترحيل نحو 100 ألف بدوي من منطقة النقب، والذين أصبحوا لاجئين في الأردن وشبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، ومناطق الضفة الغربية، خصوصاً مناطق الخليل والأغوار والقدس.
أما اللاجئون البدو الذين لجأوا إلى سيناء، فقد سمحت لهم إسرائيل بالعودة إلى النقب بعد سيطرتها على شبه جزيرة سيناء في حرب 1967.
سكانها رفضوا عرضاً لإقامة دولة بدوية خاصّة بهم!
بعد سيطرتها على شبه جزيرة سيناء، عرضت إسرائيل على شيوخ قبائل البدو في النقب وسيناء إقامة دولة بدوية لهم، بشرط أن تكون تابعة لهم؛ من أجل أن تكون فاصلاً بينهم وبين مصر.
والهدف من إقامة هذه الدولة هو الحد من التهديدات العسكرية المصرية التي قد تواجههم في المستقبل.
حشدت إسرائيل فى سبيل ذلك كل طاقاتها لإعلان استقلال سيناء، وسعياً وراء ذلك التقت غولدا مائير وزيرة الخارجية وموشيه ديان وزير الدفاع في إسرائيل آنذاك، عدداً من مشايخ النقب وسيناء؛ في محاولة لإقناعهم بفكرة تحويلها إلى دولة مستقلة، والذين أعلنوا موافقتهم المبدئية لكنهم طالبوا بمهلة للحصول على إجماع شيوخ القبائل.
وفي الوقت نفسه علمت السلطات المصرية بتفاصيل المخطط، فقامت بتكليف ضابط المخابرات محمد اليماني بالاتصال بالمشايخ وإعطائهم التعليمات لأجل مماطلة إسرائيل في مخططها، لاسيما أنّ جلَّ هؤلاء الشيوخ كانوا يتقاضون مرتبات من المخابرات المصرية.
خلال ذلك دعت إسرائيل إلى إقامة مؤتمر موسع بمدينة الحسنة في وسط سيناء، يشارك فيه وفود يمثلون حكومات دول العالم والأمم المتحدة وجميع وسائل الإعلام العالمية.
وبالفعل عُقد مؤتمر الحسنة في 31 أكتوبر/تشرين الأول، وقام الممثل الإسرائيلي بإعلان إقامة دولة بدوية في النقب وسيناء، غير أنّ ممثل شيوخ القبائل في المؤتمر، سالم الهرش، عارض المقترح؛ مما أدى إلى فشل المؤتمر وأهدافه.