اعترف عضوٌ بارز في الحكومة الأسترالية للمرة الأولى بأن قواته الخاصة "حُفِّزَت" على إعدام الأفغان المعتقلين، لأن المتمردين المشتبه بهم كان يجري إطلاق سراحهم في غضون أيامٍ من القبض عليهم، طبقاً لما أوردته صحيفة The Times البريطانية، الجمعة 25 مارس/آذار 2022.
تلك الاعترافات جاءت على لسان أندرو هاستي (39 عاماً)، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة الأسترالية، ويعمل مساعداً لوزير الدفاع الآن، وقد سبق نشره في أفغانستان عدة مرات كنقيبٍ بالقوات الخاصة، وذلك خلال مجريات محاكمة الجندي الأسترالي بن روبرتس سميث المتهم بارتكاب "جرائم حرب" في أفغانستان.
حيث أخبر هاستي محكمة سيدني بأن سياسة "الاعتقال وإطلاق السراح" التي يتبعها الجيش تشهد عادةً الإفراج عن المتمردين الذين جرى القبض عليهم في العمليات بعد ثلاثة أيامٍ فقط بواسطة النظام القضائي الأفغاني، مما "حفَّز عمليات القتل خارج نطاق القانون" بواسطة قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
فيما قُدِّم دليل هاستي بموجب أمر استدعاء في مداولات قضية التشهير التي رفعها أكثر الجنود الأستراليين أوسمةً على قيد الحياة، وهو بن روبرتس سميث، الحاصل على وسام صليب فيكتوريا. ويُعتبر دليل هاستي بمثابة أول تفسيرٍ مقدم لجرائم القتل المتعددة وغير القانونية التي ارتكبها جنود القوات الخاصة الأسترالية في أفغانستان.
6 جرائم قتل
في حين يُقاضي روبرتس سميث، أحد قدامى القوات الخاصة الأسترالية، صحيفتي The Age وThe Sydney Morning Herald الأستراليتين بسبب مزاعمهما أنه ارتكب أو شارك في ست جرائم قتل لأفغان كانوا تحت سيطرة الجنود الأستراليين، رغم أنه لم يكن من المسموح قتلهم بموجب قواعد الاشتباك.
بينما وجد تحقيقٌ رسمي لقوات الدفاع الأسترالية في أواخر 2020 أن القوات الخاصة الأسترالية في أفغانستان يُشتبه في ارتكابها 39 جريمة قتل غير قانونية. ومن المتوقع أن يسفر التقرير، الذي أصدره القاضي بول بريريتون، عن إجراءات تقاضٍ جنائية ومدفوعات تعويضات لعائلات المتوفين.
إذ قال هاستي للمحكمة إن قيام روبرتس سميث بركل شخصٍ تحت سيطرة الجنود الأستراليين من أعلى جبل هي "شائعةٌ لها أساسٌ من الصحة إلى حدٍّ كبير"، وهي مزاعم يقول إنه سمعها من "عدة أشخاص".
هاستي استطرد قائلاً إنه "كان يحترم روبرتس سميث كثيراً، لكنه لم يعد فخوراً به".
سياسة "الاعتقال وإطلاق السراح"
كما ذكر أنه عبّر أثناء خدمته في عام 2012 عن مخاوفه من أن سياسة "الاعتقال وإطلاق السراح" كانت تُحفّز على قتل متمردي طالبان المزعومين بدلاً من القبض عليهم، لأن السجناء كان يجري الإفراج عنهم بسرعةٍ عادة "إذا لم تتوافر أدلةٌ كافية لتقديمها إلى النظام القضائي الأفغاني".
أما بخصوص الشائعات بارتكاب جنود القوات الخاصة لجرائم قتلٍ غير قانونية مزعومة عام 2013، فلفت هاستي إلى أن رقيب قواته قال له حينها: "لن أذهب إلى أفغانستان لإجلاس المزارعين القذرين على ركبهم وإطلاق النار على مؤخرة رؤوسهم".
فيما أوضح أنه كان يوافقه الرأي آنذاك، وشعر "بالارتياح الكبير لأن لديه في صفوفه رجلاً يرى الأمور من منظوره".
إلا أن روبرتس سميث (43 عاماً) أنكر ارتكاب أي أخطاء، ويتمسك بأن أي عمليات قتل شارك فيها داخل أفغانستان قد جرى تنفيذها بشكلٍ قانوني في خضم المعارك.
كانت محكمة أسترالية قد كشفت، خلال شهر يونيو/حزيران 2021، عن وثائق جديدة حول انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب ارتكبها جنودها من القوة الخاصة في أفغانستان، تشمل هذه الوثائق "مئات" الصور لجنود يشربون الكحول في ساق صناعية، يُعتقد أنها تعود لأفغاني مقتول.
يذكر أن قائد الجيش الأسترالي، الجنرال أنغوس كامبل، كان قد أقر في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بوجود أدلّة موثوق بها على أن جنوداً من القوات الخاصة الأسترالية "قتلوا بشكل غير قانوني" ما لا يقلّ عن 39 أفغانياً من المدنيين أو الأسرى، وأوصى بإحالة هذه القضايا إلى مدعٍ عام عيّنته العاصمة الأسترالية كانبيرا للتحقيق في جرائم حرب محتملة.
وقدم الجنرال أنغوس كامبل اعتذاره للشعب الأفغاني بالنيابة عن قوات الدفاع الأسترالية، قائلاً: "أقدّم بكلّ صدق وبدون أيّ تحفّظ اعتذاري عن أيّ مخالفات ارتكبها الجنود الأستراليون".
جدير بالذكر أن الجيش يتمتع بشعبية كبيرة في أستراليا. وقد ساهمت مشاركته في معارك في الخارج من غاليبولي إلى كوكودا في تشكيل هوية القارة الجزيرة ككيان منفصل عن القوة الاستعمارية البريطانية.