أعطت موسكو إشارات، الجمعة 25 مارس/آذار 2022، تدل على أنها خفّضت سقف طموحاتها في أوكرانيا، مركزة على الأراضي التي يطالب بها الانفصاليون المدعومون من روسيا، وذلك في الوقت الذي واصلت فيه القوات الأوكرانية هجوماً مضاداً لاستعادة بلدات على مشارف العاصمة كييف.
وكالة رويترز قالت إنه فيما يُشير على ما يبدو لتلقيص الأهداف، فإن وزارة الدفاع الروسية ذكرت أن المرحلة الأولى من عمليتها في أوكرانيا اكتملت تقريباً، وأنها ستركز الآن على "تحرير" منطقة دونباس الشرقية الانفصالية.
في هذا الصدد، قال سيرجي رودسكوي، رئيس إدارة العمليات الرئيسية في هيئة الأركان العامة الروسية، إنه "تم تقليص القدرات القتالية للقوات المسلحة الأوكرانية بشكل كبير، ما يجعل من الممكن تركيز جهودنا الأساسية على تحقيق الهدف الرئيسي، وهو تحرير دونباس".
نقلت رويترز عن مصدر دبلوماسي كبير في موسكو -لم تذكر اسمه- قوله إن تصريحات الجانب الروسي تمهيد مُحتمل للتراجع، وأضاف أن "أهدافهم (الروس) من الحرب أكبر بكثير من دونباس، الأمر الذي جعل قوتهم مقسمة في هجمات تشنها قوات غير مستعدة ويشوبها سوء التنسيق".
كانت موسكو قد حددت عدداً من الأهداف الرئيسية الكبرى لعمليتها في أوكرانيا، من بينها نزع سلاح أوكرانيا، وضمان "حيادها" التام بين روسيا والغرب، كما تحدث مسؤولون روس في بداية الحرب عن ضرورة إلقاء الجيش الأوكراني سلاحه، وهو ما رفضته كييف.
مقاومة قوية للقوات الروسية
يأتي هذا بعد مرور أكثر من شهر على بدء روسيا عملياتها العسكرية الواسعة ضد أوكرانيا، وبحسب وكالة رويترز فإن القوات الروسية فشلت في السيطرة على أي من المدن الأوكرانية الكبرى، فضلاً عن مواجهتها مقاومة شديدة من الجيش الأوكراني.
كذلك توقفت القوات الروسية عند بوابات العاصمة الأوكرانية كييف، وتجمدت خطوط القتال بالقرب من العاصمة منذ أسابيع، مع وجود رتلين كبيرين من المدرعات الروسية عالقين إلى الشمال الغربي وإلى الشرق من العاصمة.
يُشير تقرير للمخابرات البريطانية إلى أن هجوماً أوكرانياً مضاداً دفع الروس إلى التراجع في الشرق، وأوضح أن "الهجمات المضادة الأوكرانية وتراجع القوات الروسية عن خطوط الإمداد المنهكة، أتاح لأوكرانيا إعادة السيطرة على البلدات والمواقع الدفاعية حتى 35 كيلومتراً شرقي كييف".
على الجبهة الرئيسية الأخرى خارج كييف، إلى الشمال الغربي من العاصمة، تحاول القوات الأوكرانية تطويق القوات الروسية في ضواحي إيربين وبوتشا وهوستوميل، التي تحولت إلى أنقاض بسبب القتال العنيف.
لعجزها عن الاستيلاء على المدن، لجأت روسيا إلى قصف مدن أوكرانية بالمدفعية والغارات الجوية، وكان ميناء ماريوبول في الشرق هو الأشد تضرراً، وهو عبارة عن مدينة يبلغ عدد سكانها 400 ألف نسمة.
تسببت العمليات الروسية في تشريد حوالي ربع سكان أوكرانيا، البالغ عددهم 44 مليون نسمة، بعيداً عن ديارهم، كما فر أكثر من 3.7 مليون منهم إلى الخارج، نصفهم إلى بولندا، وفقاً لرويترز.
في المقابل، تكبدت القوات الروسية خسائر في صفوفها، فبحسب ما نقلته وكالة "إنترفاكس" الروسية عن الدفاع الروسية، فإن 1351 جندياً روسياً قتلوا، و3825 أصيبوا بجروح. بينما تقول أوكرانيا إن عدد القتلى من الجنود الروس يبلغ 15 ألفاً.
إلى جانب خسائرها العسكرية، فإن روسيا تكبدت أيضاً خسائر اقتصادية بعدما عزلتها العقوبات الغربية عن التجارة العالمية، إلى درجة لم تحدث من قبل في مواجهة اقتصاد كبير، بحسب وكالة رويترز.
من جانبها، حذرت موسكو من أن هناك أياماً فقط أمام تحصيل قيمة صادرات الغاز لأوروبا، التي تعتمد عليه بشدة بالروبل، ما أربك التجار إزاء كيفية التعامل مع العملة الروسية.
يُشار إلى أن موسكو تطلق على تحركاتها في أوكرانيا وصف "عملية عسكرية خاصة" لنزع السلاح و"القضاء على النازية" في أوكرانيا. بينما تقول أوكرانيا والغرب إن "بوتين أشعل حرباً عدوانية لا مبرر لها".