"الطائرة المسيرة المقاتلة التركية" مشروع يبدو طموحاً للغاية، ولكن أصبح قريباً من التحقق، حسب شركة بايكار التركية المنتجة لطائرات بيرقدار، ولكن بقدر ما تمثل الحرب الأوكرانية نجاحاً للطائرات المسيرة التركية بقدر ما قد تؤثر على المشروع الجديد.
وفي وقت أشاد فيه الجيش الأوكراني ومراقبون عسكريون بأداء الطائرات المسيرة التركية من طراز بيرقدار تي بي 2، أعلنت شركة Baykar المنتجة لهذه الطائرة، في 12 مارس/آذار، أن النموذج الأوّلي لأحدث طائراتها القتالية بدون طيار، والذي يُطلق عليه رسمياً النظام الوطني للمركبات الجوية القتالية غير المأهولة (MIUS)، قد دخل خط الإنتاج، حسبما ورد في تقرير لموقع Eurasian Times.
جيل جديد من الطائرات
"دخلت سمكة أكبر وأكثر رشاقة إلى خط الإنتاج بعد ثلاث سنوات ونصف"، هكذا غرد سلجوق بايراكتار صهر الرئيس التركي، وكبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة بايكار Baykar.
والطائرة المسيرة المقاتلة بيرقدار ميوس (Bayraktar MIUS)، تمثل جيلاً من الطائرات المسيرة، حيث تعمل بالطاقة النفاثة عكس المسيرات الحالية التي تعمل بالمحركات التوربينية.
يمكن أن تقوم MIUS بمهام قتالية من حاملة الطائرات المسيرة TCG Anadolu التابعة للبحرية التركية والتي كانت مخصصة في الأصل للنسخ ذات الإقلاع العمودي من الطائرة الشبحية الأمريكية إف 35 قبل استبعاد أمريكا لأنقرة من المشروع، بسبب شرائها أنظمة إس 400 الصاروخية الروسية.
وعرضت الشركة صوراً لنماذج الطائرة ولكن لم تحدد ما إذا كان نموذج MIUS نموذجاً بالحجم الطبيعي أم نموذجاً أولياً.
وأعلنت الشركة أن المشروع باسم "BAYRAKTAR KIZILELMA"، وتعني كلمة "KIZILELMA" "تفاحة حمراء" باللغة التركية، ولكنها تشير إلى تعبير في الأساطير التركية يرمز إلى الأهداف أو الأفكار أو الأحلام البعيدة، ولكن جاذبيتها تكون أكبر كلما ابتعدت عنها.
يأتي ذلك في وقت تقول القوات الأوكرانية إن الطائرات التركية المسيرة "بيرقدار تي بي 2" بدون طيار ألحقت أضراراً جسيمة بالقوات الروسية، ودمرت مدفعيتها ودباباتها.
وذكرت صحيفة ديلي صباح التركية أنه من المقرر أن يحلّق النموذج الأولي الأول في السماء بحلول عام 2023، علماً بأن تركيا تحتفل بالذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية في عام 2023.
هل يمكن أن تكون بديلاً للـ"إف 35″؟
وخلال أسبوع الابتكار 2019، تم الكشف عن مشروعي أكينجي وميوس جنباً إلى جنب مع الطائرة بدون طيار بيرقدار تي بي 2، وتم وصف طائرة أكينجي وميوس كخطوة حاسمة نحو هدف بايكار المتمثل في تحسين تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، وجعلها منافساً للطائرات العادية.
في 20 يوليو/تموز من العام الماضي، قدم سلجوق بيرقدار، صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمدير التكنولوجي لشركة الدفاع التركية بايكار، مقطع فيديو يوضح بالتفصيل المركبة الجوية القتالية غير المأهولة (UCAV) في المستقبل.
في الفيديو، يمكن سماع بيرقدار وهو يقول: "ستغير الطائرات المسيرة مفهوم الحرب الجوية وستحل محل طائرات الجيل الخامس"، وهو بيان لاذع موجه ظاهرياً إلى الولايات المتحدة، التي لاتزال تفخر بجيلها الخامس من طراز F-35 طائرة مقاتلة والتي أخرجت تركيا منه.
بعد الإعلان، كشفت الشركة كذلك عن صور مفاهيمية لطائرة MIUS بدون طيار، والتي تتضمن نسخة قادرة على الانطلاق من حاملات الطائرات بقدرات الإقلاع القصير.
كان بيرقدار قد ذكر سابقاً أن أهمية مشروعات الطائرات المسيرة المتقدمة مثل ميوس تأتي من أن البديل المحلي للطائرات F-35- التي تم إخراج تركيا من مشروعها بعد شرائها نظام الدفاع الجوي الروسي S-400- قد يستغرق تطويره وقتاً طويلاً.
وقال بيرقدار إنه بدلاً من بناء طائرة تشبه F-35 من 15 إلى 20 عاماً، فإنهم يركزون على المجال الذي يتحرك فيه العالم بالفعل: طائرات بدون طيار منخفضة التكلفة ومجهزة بالذكاء الاصطناعي.
من الصعب تصور أن الطائرات المسيرة ستستطيع منافسة الـ"إف 35″ أو غيرها من المقاتلات المأهولة القوية، ولكن دخول طائرة مسيرة مقاتلة سريعة للخدمة، من شأنه الجمع بين بعض مميزات المقاتلات المأهولة مع المسيرات، وأبرزها رخص التكلفة والحجم الصغير وعدم القلق من الخسائر البشرية وقدرة الطائرة المسيرة على تنفيذ مناورات قد لا يستطيع البشر تحملها.
في وقت سابق، تم تقديم الطائرة المسيرة "Aksungur"، التي تمثل الجيل التالي من الطائرات بدون طيار المسلحة التابعة لشركة TAI الحكومية، للجيش التركي العام الماضي، وتم تطويرها في نحو 18 شهراً، وفقًا للمؤسسة، باستخدام الموارد المحلية والوطنية.
تفاصيل مشروع الطائرة المسيرة المقاتلة التركية
يفترض أن تعمل الطائرة المسيرة المقاتلة التركية (Bayraktar Kizilelma (MIUS بالذكاء الاصطناعي وأن تكون قادرة على المناورات العدوانية والحرب الجوية بالطريقة نفسها التي تقوم بها الطائرات الحربية المأهولة. في المستقبل، من المتوقع أن تصبح واحدة من أقوى المركبات في ساحة المعركة.
وستكون Kizilelma قادرة على الهبوط والإقلاع على متن سفن ذات مدارج محدودة، مثل السفينة TCG Anadolu التركية. يُقال إن السفينة الهجومية البرمائية أو رصيف طائرات الهليكوبتر (LHD) هي الأولى من نوعها في العالم، مما يسمح للطائرات بدون طيار بالهبوط على رصيفها. سيتم تسليم السفينة هذا العام وسيتم استخدامها في عمليات متعددة الأغراض.
نتيجة لذلك، تهدف الطائرة القتالية بدون طيار إلى لعب دور رئيسي في عمليات مثل الحفاظ على "الوطن الأزرق"، وهو هدف لاستعادة مجد تركيا العثماني وحماية حدود البلاد البحرية، حيث تتعارض وجهة نظر تركيا حول هذه الحدود مع الجار اليوناني الزميل لأنقرة في الناتو.
وفقًا للشركة المصنعة، ستكون MIUS التي تعمل بشكل مستقل، قادرة على العمل جنباً إلى جنب مع الطائرات الموجهة، وقد تحمل صواريخ جو-جو. من المتوقع أن تقوم هذه الطائرة بدون طيار بتنفيذ الهجمات الإستراتيجية، والدعم الجوي القريب، والهجمات الصاروخية، وقمع الدفاعات الجوية للعدو، وتدمير دفاعاته الجوية.
سيكون للطائرة غير المأهولة ارتفاع تشغيلي عالٍ يصل إلى 12 كيلومتراً، ووزن إقلاع 5.5 طن، وحمولة مفيدة 1.5 طن، وقدرة حمل ذخيرة تبلغ طناً واحداً.
قد تطير أسرع من الصوت
ومن المتوقع أن تكون قادرة على الطيران لمدة خمس ساعات وتصل إلى سرعات تصل إلى 800 كيلومتر في الساعة (0.64 ماخ) إذا استخدمت محركاً توربينياً.
ولكن ستكون النسخة الثانية التي تسمى Kızılelma-B، أسرع من الصوت باستخدام المحرك الأوكراني AI-322F ومحرك TEI / TF-6000 التي تخطط تركيا لإنتاجه، وهو ما يجعل محرك MIUS-B (Kızılelma-B) أقوى 2.5 مرة من النسخة الأولى.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة Baykar، سلجوق بايراكتار، إن الطائرة المسيرة التي تعمل بالطاقة النفاثة كانت بمثابة حلم دامَ 12 عاماً.
مع تثبيت رادار من نوع AESA المتقدم في الطائرة المسيرة المقاتلة التركية، سيكون لديها وعي كبير بالموقف القتالي، حسب الشركة المصنعة.
ستكون MIUS أو Kizilelma، قوة لا يستهان بها؛ نظراً إلى قدرتها على المناورات العدوانية وإمكانات التخفي الراداري، وفقاً لمعلومات الشركة.
بالنسبة للهجمات الأرضية، سيتم تجهيز الطائرة المسيرة المقاتلة التركية المستقبلية بصواريخ كروز SOM-J التركية التي يصل مداها إلى أكثر من 250 كيلومتراً وقنابل Roketsan MAM التركية.
لكن هناك مشكلة تواجه هذه الطائرة، إنها المحرك.
الحرب الأوكرانية قد تؤثر على الطائرة المسيرة المقاتلة التركية
فلقد وقعت شركة Baykar عقداً لشراء محركات MIUS في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، مع شركة Ivchenko-Progress، إحدى أكبر الشركات في أوكرانيا. بموجب شروط العقد، كان من المتوقع أن تقوم Ivchenko-Progress بتزويد محرك AI-322F Turbofan للطائرة المسيرة المقاتلة الجديدة.
ليس من الواضح كيف سيتقدم هذا المشروع في ضوء الحرب المستمرة بأوكرانيا.
قال هالوك بيرقدار، الرئيس التنفيذي في Baykar، بعد توقيع العقد في معرض SAHA EXPO للدفاع والطيران الهجين بإسطنبول في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي: "مع العقد الجديد، سنقوم بتثبيت محرك AI-322F، الذي تم إنتاجه بشكل مشترك من قبل شركتي Ivchenko Progress وMotor Sich الأوكرانيتين، في طائراتنا المقاتلة بدون طيار"، وأردف قائلاً: "آمل أن تعزز هذه الصفقة التعاون الإستراتيجي بين البلدين".
وقالت شركة بايكار كذلك، إنها وقعت اتفاقية مع شركة أوكرانية أخرى، Motor Sich، للاستحواذ على شركة محركات أوكرانية هي MS500 Turboprop Engine Technical Specification.
وفقاً لصحيفة ديلي صباح التركية، سيتم تشغيل النموذج الأولي لـMIUS بواسطة مروحة توربينية، وسوف يسافر بسرعة Mach 0.8، بينما ستحلق المتغيرات اللاحقة بسرعات تفوق سرعة الصوت، وسيسمح هوائي SATCOM بالتحكم المستقل في الطائرة عبر الأقمار الصناعية، وهو ما يعطيها مدى أبعد بكثير مقارنة بالطائرات المسيرة التي يتم التحكم بها من الأرض.
ومع ذلك، لم تقدم Baykar بعدُ تفاصيل حول كيفية قيام الشركتين الأوكرانيتين بتزويد المحركات لأحدث طائراتها بدون طيار، والتي من المتوقع أن تكون أكثر الطائرات بدون طيار تقدماً وفتكاً التي صنعتها على الإطلاق.
يفترض آرون شتاين، مدير الأبحاث بمعهد أبحاث السياسة الخارجية، أنه إذا أطاحت روسيا بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فإن قيادة بديلة لروسيا لن تكون متعاونة مع أنقرة- العضو في الناتو- وأنه ستكون هناك حماسة أقل لبيع المعدات إلى تركيا، حسبما ورد في تقرير لمجلة Forbes الأمريكية.
قال شتاين: "افتراضاتي الأساسية هي أن مشروعي الطائرة أكينحي وميوس سوف يعانيان جراء الحرب الأوكرانية".
واستدرك قائلاً: "تركيا يمكنها أن تتجه إلى مكان آخر، ربما إلى شركة رولز رويس البريطانية أو الشركات الأمريكية".
ولكن المشكلة أن العلاقات التركية الأمريكية في الصناعات الدفاعية ليست على مايرام، وخضعت رئاسة مشتريات الدفاع التركية التي تشرف على صنع الأسلحة في تركيا لعقوبات أمريكية في عهد ترامب، كما أن البريطانيين يتعاونون مع الأتراك في مشروع الطائرة الشبحية المحلية وضمن ذلك المحرك، ولكن التعاون متباطئ، والسبب المعلن خلافات حول مطالب الأتراك الطموحة في مجال الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا، لكن قد يكون هناك سبب آخر هو فيتو أمريكي وغربي خفي على نقل التكنولوجيا العسكرية المتقدمة لتركيا.
وقد يسهم الموقف التركي في الحرب الأوكرانية الداعم لكييف والذي تمثل في تطبيق اتفاق مونتري على تقييد حركة السفن الحربية الروسية عبر مضيقي البوسفور والدردنيل، ودورها في الوسط، في تخفيف هذا الفيتو الأمريكي.
ولكن كما ظهر من الأخبار حول طلب الولايات المتحدة من أنقرة نقل أنظمة إس 400 الروسية الصنع لأوكرانيا مقابل إعادتها لبرنامج إف 35، أن واشنطن شريك مرهق.
وأشار شتاين إلى أن أنقرة لجأت إلى أوكرانيا للحصول على المحركات الأولية لطائرة بيرقدار أكينجي الجديدة بدون طيار، خليفة TB2 الشهيرة، وطائرة الهليكوبتر الهجومية الثقيلة T929 التي تطورها.
قال لي: "سيكون على تركيا أن تجد موردين بديلين. علاوة على ذلك، كانت هناك تقارير تفيد بأن تركيا يمكن أن تعمل مع منتجي المراوح التوربينية الأوكرانية لمحركات لمشروعي TF-X وMIUS".