بدأ الهجوم الروسي البري والبحري والجوي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط من عام 2022 بعد أن ظهر الرئيس بوتين على شاشة التلفزيون معلناً أن روسيا لا تشعر "بالأمان والتطور" بسبب التهديد المستمر من أوكرانيا الحديثة، على حد قوله.
وبعد الضغوط الدولية ومحاولات الحكومة التركية وغيرها من الحكومات التدخل لحل الأزمة بين البلدين، طرح الكرملين ما سماه "الحل الوسط" وهو أن تصبح أوكرانيا من الدول المحايدة عسكرياً ومنزوعة السلاح، ولكن في الوقت ذاته، لها جيشها وأسطولها البحري الخاصين بها، وفقاً لما نقله موقع The Moscow Times.
ورغم أن المفاوضات لا تزال مستمرة، إلا أن كييف صرحت برفضها لهذه التسوية وأنها لا تضمن لها الحماية خاصة أن الحرب لا تزال مستمرة.
لكن ما هي الدول المحايدة؟ تعرف معنا في هذا التقرير على تفاصيل أكثر.
ماذا يعني مصطلح "الدول المحايدة"؟
وفقاً لاتفاقية لاهاي لعام 1907، الدولة المحايدة هي التي تتعهد وتلتزم الحياد تجاه جميع الأطراف في حرب معينة، وتعتبر نفسها محايدة في جميع النزاعات. كما أنها لا تستطيع الدخول في تحالفات عسكرية مثل حلف شمال الأطلسي.
وتقسم دول الحياد إلى نوعين، النوع الأول هو "الحياد المسلح"، مثل سويسرا التي لا تقدم على التدخل في أي نزاع أو حرب، ولكنها تمتلك جيشاً لردع أي غزو مسلح أو اعتداء على أراضيها ولكنها لا تنشر جيوشها في دول أخرى.
أما النوع الثاني فهي دول محايدة لا تمتلك جيشاً وتعتبر منزوعة السلاح مثل كوستاريكا.
كما أن هناك ما يعرف بالحياد السلبي، الذي يعني عدم التدخل التام بأي نزاع بأي شكل، والحياد الإيجابي، الذي يتعهد بالتدخل عسكرياً ولكنه قد يقوم بالتدخل في تأمين الموارد الإنسانية والمساعدات أو للوساطة في حل النزاعات.
تشمل اليوم قائمة الدول المحايدة الدول التالية:
النمسا وكوستاريكا وفنلندا وغانا وإيرلندا واليابان وليختنشتاين ومالطا والمكسيك ومنغوليا ومولدوفا وبنما ورواندا وصربيا وسنغافورة والسويد وسويسرا وتركمانستان وأوزبكستان ومدينة الفاتيكان.
ما هي أهمية "الحياد" في الحروب وحل النزاعات؟
في محاولة لتشجيع تسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية وتعزيز السلم والأمن في مناطق النزاعات على الصعيد العالمي، تتمسك الأمم المتحدة بمبادئ السيادة والمساواة بين الدول وسلامتها الإقليمية وتقرير المصير وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة أخرى.
تكمن أهمية الحياد في حالات التوتر السياسي والأزمات المتصاعدة في تمكين دور المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة من القيام بالمشاورات غير الرسمية بين البلدان وإرسال بعثات تقصي الحقائق والتفاوض واستخدام المبعوثين الخاصين لحل النزاعات والوصول إلى تسويات أو تقديم المساعدة الإنسانية في حالات الطوارئ المعقدة والكوارث الطبيعية.
وقد سجل التاريخ مواقف مختلفة لبعض الدول المحايدة دفعتها لاتخاذ قرار الحياد وأخرى كان موقفها مثيراً للجدل، نذكر منها ما يلي:
سويسرا
تلتزم سويسرا بـ"الحياد المسلح" منذ عام 1815، بما في ذلك خلال الحرب العالمية الثانية. وهذا يعني أنها تمتلك جيشاً كبيراً لردع أي عدوان عليها، لكنها لا تقوم بأي توسع أجنبي باستخدام جيشها.
فنلندا
حصلت فنلندا على استقلالها عن روسيا في عام 1917. ووقعت معاهدة صداقة مع الاتحاد السوفييتي في عام 1948، وأصبحت منذ ذلك الحين أيضاً دولة محايدة.
ورغم أن معاهدة الصداقة هذه تعتبر ملغاة وباطلة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، إلا أن فنلندا لا تزال تحتفظ بعلاقات ودية مع روسيا على الرغم من كونها جزءاً من الاتحاد الأوروبي.
مالطا
بسبب موقع مالطا بين إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط في البحر الأبيض المتوسط، أرادت حكومات عدة بناء قاعدة عسكرية على الجزيرة.
لذلك قررت مالطا أن تصبح دولة محايدة في الثمانينيات، مما منع أي قوة عسكرية من اكتساب موقع استراتيجي على جزيرتها وجنّبها الدخول في أي نزاعات.
النمسا
قررت النمسا أن تكون دولة محايدة في السادس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول عام 1955، وأقرت ذلك في دستورها الخاص، وهي دولة تمتلك جيشاً مثل سويسرا.
كوستاريكا
تم اعتبار كوستاريكا دولة حياد دائم في عام 2014 بموجب القانون الدولي، وهي دولة لا تمتلك جيشاً منذ عام 1949 لكن لديها قوة أمنية داخلية من أجل الحفاظ على الأمن الداخلي للدولة.
أيرلندا
كان حياد أيرلندا أمراً صعباً لأن أيرلندا الشمالية جزء من المملكة المتحدة وهي ليست دولة محايدة. وعلى الرغم من أن أيرلندا ليست ملزمة بمساعدة إنجلترا في وقت الحرب، إلا أنه قد يكون لصالحها أن تنحاز إلى إنجلترا في حالة الصراع لحماية أرضها وسلطتها.
خلال اندلاع الحرب العالمية الثانية اتخذت أيرلندا موقفاً حيادياً لكنها دعمت حلفاءها سراً، ورغم أنها رفضت دعوة الانضمام لحلف شمال الأطلسي، إلا أنها انضمت إلى الاتحاد الأوروبي واستطاعت الحصول على وضع خاص يؤهلها للبقاء في حالة عدم الانحياز.
اليابان
بعد أن تلقت اليابان هزيمة قاسية في الحرب العالمية الثانية، أقرت الحكومة المادة 9 في دستورها عام 1947، والتي تفيد بالتخلي عن أي حق سيادي لها في القتال وعدم التهديد بالقوة أو استخدامها كوسيلة لتسوية النزاعات الدولية. لكنها ظلت محتفظة بقواتها العسكرية وأنشأت تحالفاً ثنائياً مع الولايات المتحدة الأمريكية.
غانا
منذ عام 1960 أدرجت غانا كعضو في حركة عدم الانحياز، وبعد وفاة الرئيس جون عطا ميلز في عام 2012 قررت الحكومة أن تطبق سياسة محايدة عسكرياً.
ليختنشتاين
تقع ليختنشتاين بين النمسا وسويسرا، وهما دولتان محايدتان أخريان، مما أثر على قرارها بأن تكون محايدة وحل جيشها عام 1868.
وظلت متمسكة بموقفها المحايد خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن لديها اتفاق رسمي مع النمسا وسويسرا بالدفاع العسكري عنها.
السويد
بالرغم من إعلان الملك غوستاف الرابع عشر رسمياً حيادية السويد في عام 1834، إلا أن حياديتها كانت دائماً موقعاً للجدل.
فخلال الحرب العالمية الثانية عام 1941 سمحت للقوات الألمانية بالمرور عبر أراضيها للوصول إلى الأراضي الفنلندية، لكنها في الوقت نفسه الآن ذاته قامت باستقبال اللاجئين الذين فروا من الاضطهاد النازي.
كما أنها سمحت لحلف الناتو باستخدام أراضيها في العمليات العسكرية في عام 2016.
الفاتيكان
تم الاعتراف بمدينة الفاتيكان كدولة مستقلة وذات سيادة في معاهدة لاتران في عام 1929. ومقابل توقيع الرئيس الإيطالي بينيتو موسوليني على معاهدة منح الاستقلال للمدينة، ظلت مدينة الفاتيكان محايدة في جميع الشؤون الدولية.