هل وقعت ذات مرة تحت لسان امرأة؛ لأن لباسك لا يعجبها أو طريقة كلامك مختلفة عنها؟
ثقافة الاختلاف عند النساء هي فرصة للانقضاض على بعضهن البعض ونادراً ما تكون مدخلاً لاحترام متبادل؛ حيث تنصب المرأة نفسها حارسة الفضيلة، وتفتش في عيوب النساء الأخريات وكأنها تبحث عن دليل لتثبت لنفسها أنها الأفضل.
ذات مرة سُئلت: من عدو المرأة الأول؟ أجبت نفسها، لكن الإجابة كانت خاطئة، فالمرأة عدو المرأة الأول ثم تأتي نفسها.
بحثت على مستوى العالم عن تجمع نسائي يتولى شأناً معيناً أثبت قدرته فيه فلم أجد، قد أكون مخطئة، ولكن نجاح التجمعات النسائية البحتة مثل حزب أو فريق عمل هو أمر نادر، فثقة المرأة بالمرأة ليست بالمقدار المطلوب.
تجد المرأة أن الرجل يتسم بالقوة والخبرة أكثر، وهي ثقافة توجد في أغلب بلدان العالم، على سبيل المثال البرلمان الأردني تعذر وصول المرأة إلى مقاعد مجلس النواب لأسباب ومعيقات عدة رغم مضي أكثر من ربع قرن على قانون المساواة بين الرجال والنساء للترشيح والتصويت في قانون الانتخاب لعام 1974 ولابدّ من وجود "الكوتة" في العديد من الحالات، فالمرأة نفسها تجد أن الرجل الأجدر بالعمل السياسي والقيادة أكثر من المرأة وهذا حال معظم الدول العربية.
ذكر في التاريخ الكثير من قصص كيد النساء لبعضهن البعض إما لتفوقهن العملي أو العلمي أو الاقتصادي أو الحب أو الجمال، فالسلطانة نقشديل زوجة السلطان عبد الحميد الأول ووالدة السلطان محمود الثاني أحبها السلطان حباً جماً، وذلك دفع نساء الحرملك من أمهات الأمراء إلى التآمر عليها وخنق ابنها الرضيع وقتله.
في الأدب العالمي ورد الكثير من الروايات تصف حنق المرأة وكيدها لغيرها من النساء، مثل عمة هيلين في رواية الفضيلة التي تسببت في دمار العائلة بكاملها ومأساة بول وفرجيني، في رواية قصة مدينتين كانت مدام ديفارج سبباً في عودة دارني للسجن، ولم تكتفِ بذلك بل حرصت أيضاً على التخلص من زوجته لوسي.
أما في الأساطير القديمة فقد ورد عن إيكو الشابة المسكينة أنها كانت ضحية هيرا زوجة زيوس الذي كان كثير المغامرات النسائية فأرسل إيكو الخادمة لزوجته هيرا لإلهائها بالقصص التي تحكيها إيكو لها، وبمرور الأيام اكتشفت هيرا خديعة زوجها وبدلاً من معاقبته هو عاقبت إيكو بحرمانها من لسانها وأن تردد آخر مقطع من أي صوت تسمعه، وهكذا عاشت إيكو المسكينة وحيدة حزينة تردد ما تسمعه.
أما بسيشة فقد تخلت عن جانب من جمالها لأفروديت التي كانت تحسدها عليه، وذلك بعدما يئست بسيشة من عودة زوجها إيروس واضطرت لفعل ذلك أملاً برجوعه.
في الوقت الحاضر معظم المجالس النسائية إن خلا المجلس من اثنتين على الأقل يتبارين في إثبات تفوقهن على بعض كلاماً أو فعلاً فلا بد من كون محور الحديث امرأة يسعين للتشنيع عليها وقذفها أو التنكيل بها ولربما تكون هذه المرأة بريئة ومظلومة، ولكن يتعللن تارة بنقصها في دينها أو تمردها على العادات والتقاليد وما إلى ذلك، وعندما تبحث في العديد إن لم يكن جميع أسباب جرائم الشرف بالرغم من أن الفاعل رجل، ولكن المحرض امرأة من بعيد أو قريب بقصد أو بغير قصد.
الغيرة الكامنة في داخل تلك المرأة من أن تحظى امرأة أخرى بالحب أو امتلاك رجل وهي لا، أن تحظى غيرها بحياة مستقرة أو بوظيفة تدر عليها دخلاً، أو بقدر من الجمال أو بأسلوب وثقافة لا تحظى بها تلك المرأة فتكيل التعليقات الجارحة للرجال حولها، تبث في نفوسهم ما يثير بأسهم لتشبع نقصها فتكون سبباً في طلاق وتشتت شمل، أو فقدان وظيفة وأكثرها سوءاً التسبب في تدمير حياة امرأة أخرى، قد يمتد هذا الخراب لأفراد آخرين من عائلة المرأة الضحية.
ماذا سيحدث لو تكاتفت النساء معاً، ووسعن مداركهن واستوعبن أن النقص في امرأة تكمله امرأة أخرى دون أن يعبن على بعضهن البعض ذلك؟ إذا شعرت بنقصها وكمال امرأة أخرى سعت بروح عالية لإثبات نفسها في شيء يميزها عن غيرها دون السعي لتدمير الأخريات، لو وقفت أمام نفسها لوجدت الكثير لتطويره وإشغال نفسها بما هو أهم من المقارنة السلبية والسعي لهدم ما تنجزه غيرها والتقليل من شأنه.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.