قال السفير الروسي في سراييفو، إيغور كالابوهوف، الخميس 17 مارس/آذار 2022، إن البوسنة لها الحق في اتخاذ قرار بشأن الانضمام إلى الناتو، لكن موسكو لها الحق في الرد على هذا القرار، وفقاً لمصالحها الخاصة.
وقال كالابوهوف، في تصريحات لبرنامج على قناة "فيدرالنا" المحلية في البوسنة: "إذا قررت البوسنة والهرسك أن تصبح عضواً في أي اتحاد، فإن لروسيا رد فعل أيضاً شبيهاً بما يحصل في أوكرانيا"، بحسب ما نقلت وكالة الأناضول التركية.
من جانبه، قيَّم العضو البوسني في المجلس الرئاسي للبوسنة والهرسك، شفيق دزافيروفيتش، استخدام كالابوهوف لنموذج أوكرانيا في خطابه على أنه "هجوم على وحدة أراضي البوسنة والهرسك".
وقال دزافيروفيتش: "البوسنة والهرسك دولة ذات سيادة؛ حيث تتخذ قراراتها الخاصة بشأن مستقبلها في إطار الدستور والقوانين، وتعمل على مطالب ومصالح مواطنيها. ونحن لا نقرر وفقاً لمصالحهم، وليس لروسيا الحق في تحمُّل مسؤولية مستقبل البوسنة".
كما أشار دزافيروفيتش إلى أن عملية تقديم البوسنة والهرسك لكل من المسار الأوروبي الأطلسي وعضوية الناتو تتم بقرار من مؤسساتها الخاصة، وقال: "إننا نتابع هذا بشأن الإجراءات والأسس الديمقراطية، وسيظل الأمر على هذا النحو".
فيما اعتبر العضو الكرواتي في المجلس الرئاسي للبوسنة والهرسك زيليكو كومسيتش، تصريحات السفير الروسي كالابوهوف أنها "غير مقبولة".
وذكر كومسيتش أن رسالة كالابوهوف التي يستشهد فيها بمثال أوكرانيا لها معنى واحد فقط بالنسبة للبوسنة والهرسك.
وفي بيان صادر عن سفارة الولايات المتحدة في البوسنة والهرسك، فإن "تهديدات كالابوهوف الأخيرة غير مسؤولة وغير مقبولة، ولا يمكن للأطراف الثالثة أن تقرر الترتيبات بين الناتو والدول ذات السيادة".
الخطر المحيط بالبلقان
وبينما يتركز اهتمام العالم على المعارك في أوكرانيا، فإن تصاعد التوترات الانفصالية في البوسنة والهرسك يمكن أن يُدخل البلاد في حرب أخرى أو تقسيمها لدويلات عِرقية مع تزايد النزاعات بين المسلمين والصرب والكروات، وسط مخاوف من دور روسي يؤجج الأوضاع، في اتجاه حرب مسيحية ضد المسلمين.
فقد حذر مسؤولون ومحللون من أن الغزو الروسي لأوكرانيا قد تمتد آثاره إلى غرب البلقان، وتحديداً إلى البوسنة والهرسك، الدولة الصغيرة التي أصبحت ساحة تنافس بين الناتو وموسكو، خاصة أنه من المعروف أن الصرب تاريخياً حلفاء لموسكو حتى إن روسيا دخلت الحرب العالمية الأولى بسبب تعرضهم لهجوم الإمبراطورية النمساوية المجرية.
وتتكون جمهورية البوسنة والهرسك التي عانت حرباً أهلية مدمرة أدت إلى مقتل مئة ألف شخص أغلبهم من المسلمين من كيانين هما: جمهورية صربسكا ذات الأغلبية الصربية واتحاد البوسنة والهرسك، الذي يسكنه بشكل رئيسي البوسنيون المسلمون والكروات المسلمون.
وفقاً لآخر إحصاء سكاني من عام 2013، يمثل البوشناق المسلمون 50.11% من سكان البلاد، والصرب البوسنيون 30.78% من السكان، والكروات 15.43%.
لكن الوضع الأمني منذ فبراير/شباط بعد أن صوّت نواب الكيان الصربي في البوسنة، المعروف باسم جمهورية صربسكا، على الانسحاب من مؤسسات الدولة الرئيسية بما فيها الجيش وإنشاء هيئات صربية فقط مكانها، حسبما ورد في تقرير لمجلة Forbes الأمريكية.
يُنظر إلى هذه الخطوة على نطاق واسع على أنها خطوة رئيسية نحو انفصال الكيان الذي يمكن أن يمهد الطريق لتفكك البلاد.
وقد سبق أن تعهد فلاديمير بوتين بدعم صرب البوسنة في خلافاتهم حول تقاسم السلطة في البوسنة. كما عرضت موسكو دعماً مالياً لجمهورية صربسكا، كما قالت السفارة الروسية في سراييفو إن روسيا سترد إذا اتخذت البوسنة خطوات نحو الانضمام إلى الناتو؛ لأن موسكو ستعتبر ذلك عملاً عدائياً.