بعدما قلدتها لعقود.. ما الأسلحة التي يمكن أن تطلبها روسيا من الصين لاستخدامها بحرب أوكرانيا؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/16 الساعة 19:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/16 الساعة 19:33 بتوقيت غرينتش
المقاتلة الصينية J-11 المستنسخة من الطائرة الروسية سوخوي 27/ويكيبيديا

"الروس يريدون استعارة أسلحة من الصين"، لعقود طويلة ظل الصينيون يشترون ويستنسخون الأسلحة الروسية، ولكن تقارير غربية تزعم أن روسيا طلبت أسلحة صينية لدعم عملياتها العسكرية بأوكرانيا، فما هي الأسلحة الصينية التي يمكن أن يحتاجها الروس من بكين.

أخبر مسؤولون أمريكيون عدة منافذ إخبارية شريطة عدم الكشف عن هويتهم، بأن روسيا وجهت نداء إلى الصين لتزويدها بأسلحة ومعدات؛ في محاولة واضحة للاستفادة من العلاقات الودية المتزايدة بين القوتين والتي روجها كل منهما في الأشهر الأخيرة، حسبما ورد في تقرير لموقع US New الأمريكي.

ورفض البيت الأبيض والوكالات الحكومية الأخرى التعليق علناً على التقارير أو تقديم مزيد من التفاصيل حول الطلب الروسي، في وقت تعاني قواته من قتال راسخ وموارد محدودة في الدولة السوفييتية السابقة.

وأفادت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية، الإثنين، بأن المسؤولين الأمريكيين أبلغوا حلفاءهم أن الصين أعربت عن استعدادها لتقديم "مساعدة عسكرية" لروسيا ، على الرغم من أنها لم تحدد أن مثل هذه المساعدة ستشمل الأسلحة. كما أشار التقرير إلى أن الصين لم تحدد ما إذا كانت قد بدأت في تقديم المساعدة، إن وُجدت.

ولوّح مسؤولون غربيون مراراً بالثأر من الصين إذا ساعدت روسيا على تجاوز العقوبات الغربية.

وحسب تقارير إعلامية فلقد أبلغت واشنطن شركاءها في الناتو أن روسيا طلبت من الصين 5 أنواع من المعدات العسكرية، من ضمنها صواريخ أرض-جو، وطائرات بدون طيار، ومعدات استخباراتية، ومركبات مدرعة، وعربات للدعم اللوجستي.

واعترض متحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن العاصمة عندما سئل، خلال عطلة نهاية الأسبوع، عن هذه التقارير، قائلاً: "لم أسمع بذلك قط". وقال: "الأولوية القصوى للصين في الأزمة الأوكرانية الآن هي منع الموقف المتوتر من التصاعد أو حتى الخروج عن نطاق السيطرة."

وقال مسؤولون أمريكيون إن الصين قدمت في السابق إمدادات عسكرية لروسيا للصراعات على طول حدودها، مثل المعاطف الشتوية والخيام، ولكن ليس الأسلحة. وبما أن بكين قدمت بالفعل مساعدات إنسانية لأوكرانيا، فستجد صعوبة في رفض تقديم دعم مماثل لموسكو.

وقال المعلق الصيني هو شيجين: "بصفتها قوة صناعية عسكرية كبرى، لا تحتاج روسيا إلى مطالبة الصين بتقديم مساعدة عسكرية كبيرة على نطاق محدود الحرب في أوكرانيا ".

وأضاف هو شيجين في شريط فيديو وزعته صحيفة "غلوبال تايمز" الناطقة بالإنجليزية والتي ترعاها الحكومة الصينية: "علاوة على ذلك، فإن الصين ليست ملزمة بتقديم وعود أو تصدير أسلحة إلى روسيا". 

ويُنظر إلى صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية على أنها منفذ غير رسمي لتصريحات لا يمكن للمسؤولين الصينيين الإدلاء بها علناً.

وعلى الرغم من أن الصين وروسيا قد روّجتا لشراكتهما المتزايدة في الأشهر الأخيرة على حساب نفوذ الولايات المتحدة، يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن الانقسامات ظهرت بشكل خاص في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي تعتقد وكالة المخابرات المركزية أنه فاجأ بكين على الأقل في حجمه. 

ولا يُعرف الكثير عن محتويات اجتماع رفيع المستوى بين الرئيس الصيني شي جين بينغ وبوتين قبل أن تستضيف بكين دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الشهر الماضي، لكن ظهرت تقارير تفيد بأن شي طلب منه تأجيل أي غزو عسكري إلى ما بعد انتهاء الألعاب.

الصين ظلت تشتري الأسلحة الروسية وتستنسخها، فهل حان وقت رد الجميل؟

ولا يمكن معرفة ما إذا كان الروس طلبوا ذلك بالفعل، أم أن الأمريكيين يحاولون استباق الأحداث لمنع أي دعم صيني لروسيا سواء كان اقتصادياً أو في مجال الأسلحة وقطع الغيار.

ولكن المفارقة الكبرى أنه لطالما اشترت الصين منذ عقود، أسلحة من روسيا أو قلدتها، وأن جزءاً كبيراً من ترسانة الأسلحة الصينية الصنع هو تقليد للأسلحة الروسية.

فوصول الحزب الشيوعي الصيني للحكم في نهاية الأربعينيات تم عبر حرب أهلية خاضها ضد القوميين "الكومنتانغ" باستخدام الأسلحة السوفييتية بشكل كبير.

وبعد وصوله للسلطة وتحالف البلدين زودت موسكو بكين بالأسلحة لخوض معاركها سواء ضد تايوان المنشقة أو ضد الأمريكيين في حرب كوريا.

وكانت معظم الأسلحة التي صنعتها الصين في فترة التحالف بين البلدين، نسخاً مصنوعة برخص من موسكو، مثل طائرات جي 6 الصينية المماثلة لطائرات ميغ 19 السوفييتية.

وحتى عندما وقع الخلاف الصيني الروسي في الستينيات وأوقفت موسكو تقديم الوثائق والدعم الفني لبعض مشروعات الأسلحة الصينية مثل الطائرة ميغ 21، سارعت بكين بمحاولة تقليد النسخ التي لديها وإكمال النواقص، لتتمكن بالفعل من إنتاج الطائرة جي 7 التي تمثل نسخة صينية من الميغ 21 الشهيرة، وسرعان ما نافستها في الأسواق الدولية واشترتها دول ذات وزن عسكري مهم مثل باكستان ومصر.

وفي الدبابات، أيضاً كانت الدبابات الصينية نسخاً من دبابات صينية قديمة.

ويكفى لمعرفة تأثير روسيا على الصين في هذا المجال، أن صناعات الأسلحة الصينية شهدت فترة جمود كبيرة في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات بسبب الثورة الثقافية في الصين من ناحية وبسبب عدم وصولها للأسلحة السوفيتية لتقليدها، حتى أنه كانت أحياناً تحصل عليها من طرف ثالث مثل مصر التي قدمت لبكين طائرات ميغ 23 السوفيتية.

وفي العصر الحديث، فإن أغلب الأسلحة الصينية الحالية هي تقليد لأسلحة روسية، فالقوة الضاربة لسلاح الجو الصيني- طائرات J-11، وJ-16- هي تقليد لطائرات سوخوي الروسية التي تنتمي لعائلة "فلانكر" الشهيرة، حيث استغلت بكين حاجة موسكو للأموال بعد انهيار الاتحاد السوفيبتي، واشترت طائرات سوخوي 27، درة التاج الروسي، ثم سرعات ما قلدتها بدون ترخيص رغم الاحتجاجات الروسية، لتقدم الطائرة J-11 ثم قدمت نسخة أكثر تطوراً منها وهي المقاتلة J-16 اعتماداً على عمليات نسخ أخرى لطائرات سوخوي 30 التي اشترتها من روسيا، فيما أنتجت نسخة بحرية تدعى J-15، من طائرة سوفييتية الصنع من طراز سوخوي 33 حصلت عليها من أوكرانيا.

الأسلحة الصينية
الطائرة الصينية J-16 المستنسخة من الطائرة الروسية سوخوي 30/ويكيبيديا

كما استنسخت الصين أنظمة إس 300 الروسية الصاروخية المضادة للطائرات والصواريخ.

ومن الملاحظ أنه بينما كان يُعتقد أن النسخ الصينية من الأسلحة الروسية أقل بكثير من المستوى من الأصول، إلا أن تياراً من المحللين الغربيين بدأ يرى العكس وأن بعض الأسلحة الصينية أصبحت أفضل من الأصول الروسية المقتبسة منها في بعض الأحيان، أولاً بفضل المرونة والإمكانات الصينية والتقدم في مجال تكنولوجيا الاتصالات مقارنة بموسكو، ولذلك يعتقد على سبيل المثال إن طائرات J-11، وJ-16 على سبيل المثال تتفوق على سوخوي 27 و30 في مجال الرادارات بصفة خاصة، بفضل تطوير الصينيين رادارات من نوع "إيسا"، وهو الأمر الذي لم يصل له الروس بعد.

كما أن الصينيين لم يحبسوا أنفسهم في دائرة تقليد أساتذتهم الروس فقط، بل أيضاً بدأوا ينشطون في تقليد وقرصنة التصميمات الغربية، حيث يعتقد أن الطائرات الشبحية الصينية من الجيل الخامس J-20 وJ-31  أكثر تأثراً بالطائرات الشبحية الأمريكية إف 22 وإف 35 على التوالي (عبر القرصنة الإلكترونية في الأغلب) أكثر من تأثرها بالطائرات الروسية.

لماذا تحتاج دول عظمى كروسيا لأسلحة من دولة أخرى؟

أحد الأسئلة التي يطرحها الحديث الأمريكي عن طلب موسكو أسلحة من الصين، هو: لماذا تحتاج دولة كبرى مثل روسيا لديها قاعدة صناعية ضخمة ومتنوعة بالأخص في المجال العسكري، إلى أسلحة من دولة أخرى سواء الصين أو غيرها؟

الحقيقة أن هناك عدة أسباب محتملة، أبرزها طبيعة الحرب الحديثة، فلقد أثبتت دراسات عدة وتجارب واقعية أن الحروب الحديثة بين الجيوش النظامية تتطلب قدراً هائلاً من الأسلحة والذخائر وبالأخص الأخيرة، مع ملاحظة أن معظم اقتصادات الدول حتى الكبرى، لم تعد موجهة بالكامل لحالة الحرب.

كما أن روسيا في الأغلب لم تكن تتوقع أن تطول المعركة لهذا الحد أو بهذه الضراوة، وقد يكون ذلك أدى إلى استنزاف ذخائرها تحديداً، كما أن سعة الصناعات العسكرية الروسية وحجم إنتاجها تراجع بشكل كبير بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.

أي الأسلحة الصينية يمكن أن تطلبها روسيا؟

بصرف النظر عن مدى مصداقية الادعاءات الأمريكية بشأن الطلب الروسي من الصين، فإنه يمكن محاولة معرفة أي الأسلحة الصينية يمكن أن تطلبها موسكو، حتى ولو في وقت لاحق.

وتفيد بعض التقارير بأن روسيا تريد قطع غيار لطائرات سوخوي، قد يكون ذلك ممكناً بالنظر إلى أن الصين قد استنسخت عدة طرازات منها، وحتى لو كانت هناك اختلافات بين النسخ الروسية والصينية، فقد يكون هناك بعض التشابه في بعض الأجزاء.

ولكن في ظل غياب قوة جوية منافسة لدى أوكرانيا، فالأرجح أن حجم استهلاك الطائرات الروسية لقطع الغيار ليس كبيراً مقارنة بالأسلحة البرية التي تتحمل العبء الأكبر من المعارك.

ولكن مثلما ساعد الروس الصينيين لعقود على تطوير أسلحتهم، فإن الروس قد يكونون في حاجة لدعم الصينيين لحل مشكلة فشلهم في إنتاج رادارات من نوع "إيسا"، (ولكنها مسألة أوسع نطاقاً من حرب أوكرانيا وترتبط بالتوتر مع الناتو أكثر).

ولكن من الصعب توقع أن يقبل الصينيون ذلك بسهولة إلا إذا تلقوا مقابلاً استراتيجياً وتقنياً مُهماً، مثل مساعدة الروس لهم في حل مشكلات تصنيع محركات الطائرات لديهم.

كما قد تكون روسيا بحاجة للصواريخ والذخائر سواء للطائرات أو الأسلحة الأرضية، لاسيما تلك الشبيهة بالذخائر الروسية، في ظل الاستهلاك الكبير لها في المعارك ضد الجيش الأوكراني.

قد تحتاج روسيا أيضاًَ إلى طائرات مسيَّرة من الصين، وهو المجال الذي تتخلف فيه موسكو عن بكين كثيراً، وكذلك حتى عن تركيا، لدرجة إنها لجأت لفترة إلى إسرائيل لتطوير طائرات مسيّرة.

بالنسبة للدبابات يمكن القول إن الفروق بين الدبابات الروسية والصينية الحديثة قد اتسعت، ولكن الطرازات القديمة من الدبابات لدى البلدين تظل أكثر تشابهاً رغم ندرة استخدامها في القتال.

ولدى الصينيين آلية مشاة قتالية مجنزرة تدعى ZBD-04، تشبه إلى حد كبير، الآلية الروسية الشهيرة BMB 3، مما قد يسمح بوجود بعض قطع الغيار المتشابهة.

آلية مشاة القتالية المجنزرة الصينية ZBD-04، تشبه إلى حد كبير، الآلية الروسية الشهيرة BMB 3/ويكيبيديا

ولكن أحد أكثر المجالات التي قد تكون روسيا في حاجة للدعم الصيني بها، هو مجال مكونات صناعة الأسلحة مثل الرقائق وأشباه الموصلات وغيرها من التقنيات التي بدأ الغرب يحظر تصديرها لموسكو، ومازال يسمح بتصديرها إلى بكين، أو تلك التي تنتجها بكين وليس لموسكو قدرة على إنتاجها، وبصفة عامة قد تعد هذه القضية هي الأكثر حساسية بين الغرب والصين وروسيا في الأزمة الحالية، وفي الأغلب فإن التهديدات الأمريكية للصين مرتبطة بهذا الملف.

في كل الأحوال، فإن العلاقات الروسية الصينية مقْدمة على اختبار حاسم، لأنه مع إحكام الحصار الغربي على موسكو، فإن طلبات الأخيرة من بكين سوف تتزايد.

وفي هذه الحالة سيكون على الصين الاختيار بين الشراكة بلا حدود التي أعلنت عنها مع موسكو في افتتاح دورة الألعاب الشتوية، والعلاقات الاقتصادية الوثيقة والمتشعبة مع الغرب، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية.

تحميل المزيد