اختتمت زيارة نائب وزير الخارجية الأمريكي للمغرب بتمرير الرباط لرسائل مباشرة لواشنطن تطلب منها دعماً واضحاً لمغربية الصحراء، حتى تستطيع دعم موقف الغرب من حرب روسيا على أوكرانيا.
موقف المغرب من الحرب الروسية على أوكرانيا أثار تساؤلات كثيرة باعتباره حليفاً لأمريكا، وشريكاً متقدماً لحلف الناتو، كان من المفروض أن يجيب عنها خلال زيارة نائب وزير الخارجية الأمريكي للمغرب يوم 8 مارس/آذار 2022، لكن الإجابات ظلت معلقة حتى إشعار آخر.
مساعدة وزير الخارجية الأمريكي تقوم بجولة لعدد من دول البحر الأبيض المتوسط، لحشد دُوله للانخراط في دعم موقفها للحرب الروسية على أوكرانيا، خاصة بعد الموقف المغربي في جلسة تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أوكرانيا والصحراء
مصادر خاصة لـ"عربي بوست" كشفت أن ملف حرب روسيا على أوكرانيا كان من بين القضايا التي أثيرت خلال زيارة نائب وزير الخارجية الأمريكي للمغرب.
"واشنطن كانت واضحة في بحثها عن دعم مغربي للإجراءات التي تتخذها ضد روسيا، والمغرب بدوره كان واضحاً في بحث دعم أكبر لموقفه في قضية الصحراء"، هكذا أضافت المصادر.
وأضافت المصادر نفسها أن "الرد المغربي كان لا يقل وضوحاً على الطلب المغربي، فالرباط تريد تفعيل الالتزامات الأمريكية في ملف الصحراء، والانتقال من حالة الغموض التي تميز التصريحات الإدارة الحالية إلى الداعم الواضح والصريح".
وقالت المصادر نفسها إن "المسؤولين المغاربة كانوا حريصين خلال زيارة نائب وزير الخارجية الأمريكي للمغرب على الإشادة باعتراف الإدارة الأمريكية بمغربية الصحراء، لكنهم سجلوا كذلك وجود تردد أمريكي في الوفاء بالالتزامات الأمريكية".
وأشارت المصادر نفسها إلى أن "الرباط جددت للمسؤولة الأمريكية تأكيدها على موقف المغرب الصادر في البلاغين السابقين من التطورات الجارية في أوروبا، فالمغرب ضد المساس بحدود وسيادة الدول، وضد حل الخلافات بالقوة، ومع الجلوس للحوار".
وتابعت أن "المسؤولين المغاربة حرصوا على إيصال رسالة واضحة لنظرائهم الأمريكيين أن موقف المغرب من وحدة وسيادة جميع الدول المنضوية تحت لواء الأمم المتحدة مسألة مبدئية في السياسة الخارجية المغربية، وليست خاضعة للسياسة".
هذه النقطة اعتبرتها المصادر إشارة من الرباط إلى الدول والقوى العظمى التي لم تحسم بعد قرارها في دعم وحدة وسيادة المغرب على الصحراء.
تباين المواقف بين الجانبين في هاتين النقطتين كان حاضراً في البيان الختامي للقاء؛ إذ جددت الولايات المتحدة دعمها لمقترح الحكم الذاتي الذي تعرضه الرباط لحل قضية الصحراء، وبالمقابل جددت الرباط موقفها الرافض للمساس بالوحدة الترابية لجميع الدول أعضاء الأمم المتحدة.
ليبيا والساحل.. الحاجة إلى الرباط
بخلاف ملفَّي أوكرانيا والصحراء اللذين لم يحصل فيهما اختراق يُذكر، شكل ملفا التطورات الأخيرة في ليبيا، والتهديدات الأمنية في منطقتي الساحل والصحراء نقطة تفاهم بين الجانبين.
ووفق مصادر "عربي بوست"، فإن المغرب ساعد في جميع المراحل السابقة التي أعقبت الثورة الليبية على حكم القذافي على إيجاد حل مرض لجميع الأطراف في ليبيا.
وأكدت المصادر أن الدورة الأخيرة للحوار الاستراتيجي بين البلدين كانت مناسبة للإشادة الولايات المتحدة الأمريكية بالأدوار التي لعبها المغرب في حل الخلافات بين الأطراف الليبية المتصارعة.
ومضت تقول إن الجانب المغربي عبَّر عن استعداده الدائم للعب أي دور يساعد على استقرار المجتمع الليبي، واستتباب في البلاد في المستقبل كما في الماضي.
المصادر شددت على أن هناك مساعي دولية جديدة لحل الخلافات "المستجدة" بليبيا، وأن هناك حاجة لدور جديد للرباط، يساعد على الاستقرار، ويحقق حماية لليبيين.
هذا وتعرف ليبيا أزمة سياسية خانقة، عقب قيام برلمان طبرق باختيار حكومة للبلاد، بعد إقصاء جميع مؤسسات الدولة في طرابلس، وهو ما يهدد بالعودة إلى المواجهات المسلحة، خاصة بعد إعلان كثير من التعبيرات المسلحة دعمها لحكومة طرابلس ضد برلمان طبرق.
وبحسب البيان الختامي للقاء، فقد جدَّد المسؤولان التأكيد على التزامهما الراسخ بسيادة ليبيا واستقلالها ووحدتها الترابية والوطنية، وكذا أولوية إجراء الانتخابات الوطنية في أقرب الآجال.
وفي علاقة بالأمن والاستقرار في منطقتي الساحل والصحراء، أكد البيان الختامي للجولة الجديدة من الحوار الاستراتيجي هذه التفاهمات بقوله: "أبدى الجانبان عزمهما على مواصلة التعاون بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك مثل السلام والاستقرار والتنمية في إفريقيا والأمن الإقليمي".
وجدد البيان الرغبة المشتركة في مواصلة تعاونهما القوي لدحر الجماعات الإرهابية، ولاسيما تنظيمي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وداعش، وسجل إشادة المسؤولة الأمريكية بالمغرب، بوصفه شريكاً يتمتع بالاستقرار ورافداً للأمن، على دوره القيادي فيما يتعلق بالمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب ودوره الداعم داخل التحالف العالمي لهزيمة تنظيم داعش.
زيارة نائب وزير الخارجية الأمريكي للمغرب
مصادر "عربي بوست" كشفت أن المسؤولين المغاربة أثاروا على هامش جولة الحوار الاستراتيجي مسألة الأمن الطاقي لغرب إفريقيا وأوروبا من خلال خط أنابيب نيجيريا ـ المغرب ـ بريطانيا، خاصة إمكانياته التخفيف من اعتماد أوروبا على الغاز الروسي.
الرباط وفق مصادر "عربي بوست"، أثارت مسألة تمويل المشروع، إذ اعتبرت أن المؤسسات المالية الغربية والدولية، تحديداً الأوروبية ـ الأمريكية ليست جادة في دعمه.
إضافة لهذا، قال البيان، ناقش الجانبان أهمية تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، مع الاستفادة من الحوار الذي عُقد شهر سبتمبر/أيلول 2021 بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، الذي يعد بمثابة منصة رئيسية للنقاش حول كافة القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان.
واستحضر الجانبان الإعلان المشترك الموقع بتاريخ 22 ديسمبر/كانون الأول 2020 من قِبَل المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية ودولة إسرائيل، والذي يكرس الاعتراف الأمريكي بالسيادة الكاملة للمملكة المغربية على صحرائها، فضلاً عن مناقشتهما لسبل تعزيز هذا التعاون.
وأعرب ناصر بوريطة، وويندي شيرمان عن دعمهما الثابت للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، في قيادته للمسلسل السياسي المتعلق بالصحراء، تحت رعاية الأمم المتحدة.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”