انتقد سكان مدينة سانت كاترين الأثرية في شبه جزيرة سيناء المصرية مشروعاً حكومياً جديداً لتطوير المدينة، متهمين السلطات بتشويه الملامح الأثرية للمدينة وطمس هويتها، بحسب تقرير نشره موقع Middle East Eye البريطاني، الثلاثاء 8 مارس/آذار 2022.
حيث أعرب سكان المدينة عن مخاوفهم مما قد يلحق بِسمات الموقع التراثي القديم للمدينة من أضرار في المستقبل، مستدلين على ذلك بما وصفوه بأنه "تدمير" مستمر لها وغياب أي رؤية واضحة فيما يُسمى بخطوات تطويرها.
في هذا السياق، قال أحمد علي، عامل بالسياحة في منتصف العقد الخامس من عمره ومقيم في سانت كاترين: "ما يُباع لنا على أنه تنمية ليس في الواقع إلا تدميراً لهذه المدينة الأثرية الجميلة".
عليّ أضاف: "المباني الخرسانية التي تقام الآن ضمن مشروع التطوير الجديد ستحجب الإطلالة على معظم المواقع الأثرية في المدينة".
مخاوف بين الأهالي
فيما لجأ أحمد عليّ وغيره من أهل المدينة إلى وسائل التواصل الاجتماعي للإفصاح عن مخاوفهم، ومشاركة آرائهم مع زملائهم المصريين ومحاولة إيصالها للسلطات. وتُظهر بعض الصور التي نشروها تدمير أجزاء مهمة من المدينة وتسويتها بالأرض.
كما قال أحد السكان إنه لا يرى في مشروع التطوير الجديد سوى جرافات تهدم أجزاء مهمة من المدينة، منها مبانٍ أثرية، وإحلالها بكتل من الخرسانة لا تحمل إلا التشويه لسانت كاترين.
هذا المشروع الحكومي لتطوير سانت كاترين، والذي أُطلق عليه اسم "التجلي الأعظم"، يأتي برعايةٍ شخصية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
لكن المسؤولين يقولون إن المشروع يهدف إلى اغتنام الأهمية البارزة للمدينة لدى معتنقي الديانات الثلاث؛ الإسلام والمسيحية واليهودية، من خلال تحويلها إلى وجهة جذب رئيسية للسياحة الدينية.
مشروع "التجلي الأعظم"
كانت السلطات المصرية قد بدأت في تنفيذ مشروع "التجلي الأعظم" خلال العام الماضي، وتقول إن خطتها ستشهد إنشاء عشرات المنشآت الجديدة ومشروعات البنية التحتية.
من المقرر تشييد معظم هذه المرافق في المناطق المحيطة بجبل الطور ودير سانت كاترين الذي يعد إحدى أهم وجهات السياحة الدينية في مصر، لاسيما أنه من الأماكن الأثرية المدرجة على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" منذ عام 2002، فضلاً عن أنه يعد أقدم دير في العالم تقريباً.
من جهته، قال عاصم الجزار، وزير الإسكان المصري، إن أحد أركان المشروع هو بناء مزار للسياحة الدينية على الجبال المحيطة بالوادي المقدس في المدينة. ويرمي المشروع إلى ربط مواقع مهمة، مثل جبل موسى (الطور) بأجزاء أخرى من سيناء، مثل منتجعات البحر الأحمر في شرم الشيخ ودهب، بشبكة طرقٍ حديثة.
بينما يشير الجزار إلى أن مشروع تطوير سانت كاترين لن يأتي بما يتعارض مع طبيعتها البيئية أو البصرية، موضحاً أن "المشروع يهدف في الأصل إلى حماية طبيعة المدينة وتأهيلها لتصبح مقصداً عالمياً للسياحة الدينية".
في المقابل، يتهم سكان المدينة مشروعَ التطوير الجاري بأنه بدَّل الطابع الأصلي والأثري للمدينة باعتماده على مبانٍ حديثة من الخرسانة تمحو سمات الموقع وملامحه الأثرية.
إذ تؤكد ياسمين الكاشف، وهي مواطنة من سكان المدينة: "هذا تحديداً سبب رفضنا لما يسمى بمشروع التطوير، فهو مشروع يمحو هوية المدينة".
اقتلاع الأشجار وهدم المباني
فيما أشارت الكاشف وسكان آخرون إلى اقتلاع عشرات الأشجار القديمة لإفساح المجال لبناء طرق جديدة، واختصوا بالانتقادات الطريق الجديد المزمع إنشاؤه بين جبل موسى وسانت كاترين.
الكاشف واصلت حديثها بالقول: "نستيقظ كل يوم لنكتشف أن بعض مباني المدينة قد هُدمت ومباني خرسانية ارتفعت مكانها!"، ومن ثم دعت عشاق المدينة إلى التعجيل بزيارتها قبل أن تدمَّر بالكامل.
من المفترض أن يقصر الطريق الجديد المسافةَ بين المنطقتين، ويُيَسر التنقل بينهما، لكن أحد سكان المدينة تساءل مستنكراً: "ما قيمة ساعة توفيرٍ للوقت أمام هذا التدمير؟!".
في غضون ذلك، يقول مسؤولو المدينة إن خطة التطوير تسير كما هو مخطط لها، ونفوا ما وصفوه بـ"الادعاءات" بأن المدينة تتعرض للتخريب.
إلا أن المتحدث الرسمي باسم وزارة الإسكان لم يرد على المكالمات التي أجراها موقع MEE طلباً للتعليق.
"عملية تحديث شاملة"
بدوره، وصف سليمان عطيوي، النائب البرلماني عن المنطقة، ما يجري في سانت كاترين بأنه "عملية تحديث شاملة"، مؤكداً أن المشروع، بما يتضمنه من عدد كبير من مشروعات البنية التحتية والخدمية التي تفيد زوار المدينة وسكانها، يحوِّل سانت كاترين إلى "مدينة دولية صديقة للبيئة".
فيما استطرد عطيوي قائلاً: "ما يُقال عن تدمير المدينة لا علاقة له بالواقع. يجب على الناس أن ينتظروا حتى إتمام المشروع، بدلاً من التعجيل باستنتاجات لا أساس لها".
جدير بالذكر أن مدينة سانت كاترين أكثر مدن سيناء خصوصية وتميزاً، فهي أعلى الأماكن المأهولة في سيناء، حيث تقع على هضبة ترتفع 1600 متر فوق سطح البحر في قلب جنوب سيناء على بُعد 300 كم من قناة السويس، وتبلغ مساحتها 5130 كم مربع، وتحيط بها مجموعة جبال هي الأعلى في سيناء وفي مصر كلها، وأعلاها قمة جبل كاترين وجبل موسى وجبل الصفصافة.