كشفت وثيقة أعدها مكتب مدير الاستخبارات الوطنية في أمريكا ورُفعت عنها السرية مؤخراً، أن أكبر تهديد سيواجه الولايات المتحدة يتمثل في روسيا والصين اللتين وصفهما التقرير بأنهما "أكبر الخصوم"، وتوقعت الوثيقة "مستقبلاً قاتماً" في العلاقات معهما.
وكالة Bloomberg الأمريكية قالت الثلاثاء 8 مارس/آذار 2022، إن الوثيقةٍ التي رُفِعَت عنها السرية تتألف من 31 صفحة، وأصدرت بعدها لجنة الاستخبارات بمجلس النواب في أمريكا تقرير التقييم السنوي للمخاطر يوم الإثنين 7 مارس/آذار، الذي أعده مكتب مدير الاستخبارات الوطنية.
بيئة عالمية أكثر تعقيداً
إذ قالت الوثيقة: "في العام المقبل، ستواجه أمريكا والحلفاء بيئةً أمنية عالمية متزايدة التعقيد والتداخل، يميّزها شبح التنافس والصراع المتنامي بين القوى الكبرى، بينما تتسابق التهديدات الجماعية العابرة للحدود من جميع الدول والأطراف من أجل الاستحواذ على اهتمامنا ومواردنا المحدودة".
لكن يمكن القول إنّ التقييم يُعتبر قديماً بعض الشيء لأنه كُتِبَ قبل الهجوم الروسي على أوكرانيا الشهر الماضي، وهو مبنيٌ على المعلومات المتاحة حتى 21 يناير/كانون الثاني.
لهذا، تقول وكالة "بلومبرغ"، فمن المؤكد أنّ المشرعين سيضغطون على رؤساء الوكالات الاستخباراتية من أجل معرفة التقييمات والتداعيات الراهنة لهجوم روسيا، وذلك خلال جلسة الاستماع التي ستعقد اليوم الثلاثاء، الثامن من مارس/آذار.
روسيا والهيمنة على أوكرانيا
مع ذلك، يحذر التقرير من أنّ روسيا عازمةٌ على "الهيمنة على أوكرانيا ودول أخرى" في المدى القريب، لكنها لا تريد في الوقت ذاته الدخول في صراعٍ مباشر مع القوات الأمريكية.
أوضح التقييم الأمريكي: "نقدّر أن موسكو ستواصل استغلال مجموعةٍ من الأدوات لدفع مصالحها الشخصية أو تقويض مصالح الولايات المتحدة والحلفاء. ونتوقع أن تتدخل موسكو بنفسها في الأزمات التي قد تحمل تهديداً للمصالح الروسية، أو إذا كانت تكلفة التحرك منخفضة، أو إذا رأت فرصةً للاستفادة من فراغ السلطة".
كما قدّرت الوكالات الاستخباراتية في أمريكا أنّ مجموعة Wagner Group وغيرها من شركات الأمن الخاصة، المقربة من كرملين ويُديرها روس، "ستمد نفوذ موسكو العسكري بأقل تكلفة داخل مناطق بدايةً من سوريا وصولاً إلى جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي، مما سيسمح لروسيا أن تتنصل من المسؤولية وتنأى بنفسها عن خسائر أرض المعركة".
"توسُّع القوة النووية" الصينية
أما الحزب الشيوعي الصيني على الناحية الأخرى، "فسيعمل للضغط على تايوان في مسألة الوحدة، مع تقويض النفوذ الأمريكي، وإثارة القلاقل بين واشنطن والحلفاء، ورعاية بعض المعايير التي تصب في صالح نظامه الاستبدادي".
كما ذكرت وكالات الاستخبارات أنّ الصين "ستواصل أكبر عملية لتوسعة القوة النووية وتنويع ترسانة الأسلحة في التاريخ، لأن بكين ليست مهتمةً بالاتفاقيات التي تقيّد خططها، ولن توافق على المفاوضات التي ستصبُّ في مصلحة أمريكا أو روسيا بنهاية المطاف".
بينما من المحتمل أن تضمن جهود الصين للسيطرة على تايوان تعطيلاتٍ أكبر لسلاسل التوريد العالمية الخاصة برقاقات أشباه الموصلات.
ترى الوثيقة أنّ "الصين ستظل التهديد الأساسي لقدرة الولايات المتحدة التنافسية في مجال التقنية، وتستهدف بكين قطاعات أساسية، وتقنيات عسكرية وتجارية مملوكة للشركات والمؤسسات التابعة لأمريكا والحلفاء".
الوثيقة أضافت أنه "من شبه المؤكد أن الصين تستطيع إطلاق هجومٍ سيبراني قادر على تعطيل خدمات البنية التحتية الحيوية داخل الولايات المتحدة، وهذا يشمل خطوط أنابيب الغاز والوقود وأنظمة القطارات".
فيما كشف التقرير أن الصين حين أطلقت العام الماضي صاروخاً فرط صوتي مصمماً لتفادي الدفاعات الأمريكية؛ "حلّق ذلك الصاروخ حول الأرض بالكامل قبل أن ينفجر داخل الصين".
زيادة عدم الاستقرار بالشرق الأوسط
بخصوص الملف النووي، أشار التقرير إلى أن إيران لا تُجري حالياً أي أنشطة لتطوير الأسلحة النووية من الأنشطة الضرورية لإنتاج رأسٍ نووي.
لكن عدم حصول طهران على تخفيف العقوبات المطلوب سيدفع بالمسؤولين على الأرجح إلى التفكير في تخصيب اليورانيوم أكثر لمعدل 90%.
بينما أشار إلى أن كوريا الشمالية لا تزال ملتزمةً بقوة تجاه توسيع ترسانة أسلحتها النووية، والاستمرار في أبحاث وتطوير الصواريخ الباليستية.
فيما تتوقع الوثيقة الأمريكية أن تستغل جماعات الدولة الإسلامية والقاعدة "ضعف الحوكمة في أفغانستان للاستمرار في التخطيط لهجماتٍ إرهابية ضد الأفراد والمصالح الأمريكية، وداخل الولايات المتحدة بدرجات متفاوتة، مع زيادة عدم الاستقرار في مناطق مثل أفريقيا والشرق الأوسط".